من يصنع الإعلام السياسي في تونس؟

من يصنع الإعلام السياسي في تونس؟

03 أكتوبر 2017
تعاقدت حكومة الشاهد مع شركة تسويق ألمانية (Getty)
+ الخط -
بعد إعادة تسريب وثيقة من اجتماع "الحزب الجمهوري التونسي"، مساء أمس الاثنين، حول تعاقد حكومة يوسف الشاهد مع شركة ألمانية مختصة في الإعلام والاتصال والتسويق السياسي، لتضع لها استراتيجية اتصالية تمكنها من امتصاص غضب التونسيين إزاء قانون المالية لسنة 2018 والذي يثقل كاهل المواطن بحزمة من الضرائب والقرارات الاقتصادية المؤلمة، عاد إلى أذهان التونسيين سؤال طرح منذ انتخابات عام 2011 وانتخابات عام 2014 حول المسؤول عن صناعة السياسة الاتصالية للحكومة وللأحزاب السياسية.

وهذا السؤال ترفض الحكومة والأحزاب السياسية الإجابة عنه صراحة، وتعدّه في خانة الشؤون الداخلية السرية، لكن التسريبات تؤكد أن الحكومات التونسية المتعاقبة استعانت بشركات تونسية وغربية مختصة في التسويق السياسي لترسم معالم خطتها الاتصالية وحضورها الإعلامي في المناسبات الكبرى.

إذ في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، وهي الانتخابات الأولى بعد الثورة التونسية، استعان "الحزب الديمقراطي التقدمي" بشركة أميركية مختصة في التسويق، لتقود حملته الإعلامية. ورغم الأموال الكثيرة المسخرة لهذه الحملة آنذاك، إلا أن الحزب لم يفز إلا بستة عشر مقعداً، ما اعتبر هزيمة كبرى لرئيسه محمد نجيب الشابي الذي ابتعد عن الحياة الحزبية بعدها.

كما استعان "حزب التكتل من أجل العمل والحريات" بشركة تسويق سياسي تونسية فرنسية بقيادة سيرين الشريف، لتتولى إدارة حملته الإعلامية التسويقية، ثم استعان بها رئيس الحكومة التونسية السابق، مهدي جمعة، لتولي إدارة السياسة الاتصالية والإعلامية للحكومة التونسية.

أستاذ اجتماع علوم الإعلام والاتصال، الدكتور يوسف بن رمضان، يرى أن هذه الممارسات المتمثلة في الاستعانة بشركات أجنبية أو تونسية للتسويق السياسي ليست جديدة، إذ خصص النظام التونسي قبل الثورة مؤسسة كبرى لتولي هذا الأمر، وهي الوكالة التونسية للاتصال الخارجي التي كُلفت بتبييض وجه النظام التونسي خارجياً.

وأضاف بن رمضان لـ"العربي الجديد": "لكن بعد ذلك تغير الأمر لينكب الاهتمام على المتلقي التونسي من خلال اللجوء إلى شركات دولية مختصة في التسويق السياسي لإبراز صورة الحزب أو الحكومة بشكل مميز في الإعلام المحلي والدولي".

هذه الاستعانة بشركات التسويق السياسي برزت أكثر في انتخابات عام 2014، إذ تداولت صحف ومواقع إلكترونية عدة خبر استعانة "حركة النهضة" بشركة أميركية لإدارة حملتها الانتخابية إعلامياً. ونُشر العقد الذي يربط بين الشركة و"حركة النهضة" والمبلغ المتفق عليه (حوالي 30 مليون دولار أميركي)، لكن الحركة نفت تورطها في مناسبات عدة، واضعة ما حصل في إطار التشويش السياسي عليها من قبل خصومها.

لكن مصادر من داخل الحركة أكدت لـ"العربي الجديد"، أن الحركة تولي اهتماماً لتحسين صورتها الإعلامية، وتضع خطة اتصالية تتولى إدارتها كفاءات الحركة، مشيرة إلى أنه تمّ تخصيص طابق كامل من مقر الحركة في حي مونبلزير في العاصمة التونسية، لمتابعة مختلف وسائل الإعلام التونسية والأجنبية وتصحيح ما من شأنه المس بصورة الحركة داخلياً أو خارجياً.

كما حصل في أغسطس/آب الماضي عندما عرضت قناة  العربية" شريطاً وثائقياً اتهمت فيه رئيس الحركة، راشد الغنوشي، بالضلوع في تسفير الشباب التونسي إلى سورية، ما دفع الحركة إلى مقاضاة القناة في لندن.


دلالات