الفضائيات المصرية تسبح في الأوهام: ثورة تركية وليست انقلاباً

الفضائيات المصرية تسبح في الأوهام: ثورة تركية وليست انقلاباً

16 يوليو 2016
تغطية الفضائيات المصرية (يوتيوب)
+ الخط -

"فضيحة فاقت كل فضائحه السابقة"، هكذا وصف ناشطون تغطية الفضائيات المصرية لمحاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، فأردوغان لم يأت بانتخابات ديمقراطية، وقوات الجيش في الشوارع هي رمز الديمقراطية، ومؤيدو أردوغان هم مؤيدو المنقلبين، وطرد الجيش في الشوارع تعني في منظور الإعلام المصري "الجيش والشعب إيد واحدة".

فرغم تصاعد إشارات سقوط الانقلاب رسمياً، والأخبار شبه المؤكدة عن القبض على الانقلابيين، وإعلان حتى الأحزاب المعارضة لأردوغان والنظام التركي، معارضتها العودة للحكم العسكري، لكن كل هذا تم ليه تماما من قبل أذرع العسكر الإعلامية.

فقناة "أون تي في"، ومالكها الجديد رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، المقرب من المخابرات العسكرية، ما زالت تتحدث عن نجاح المنقلبين، وتقوم بعرض فيديو لبعض العسكر الذين تم القبض عليهم، وأثناء احتجازهم، على أنها مجلس قيادة البلاد عقب الانقلاب.

كما أصرت القناة على بث أخبار هبوط الليرة التركية مصحوبة بجملة "إعلان سيطرة الجيش على البلاد"، وذلك رغم عرض القناة لصورة المتظاهرين في الميادين، وخلوها من القوات العسكرية، لكن دون تعليق عن ماهية المتظاهرين في تلك الميادين.

من جانبه، عاش أحمد موسى على قناة "صدى البلد" خارج التغطية تماما، وعاش هو ومتابعوه في كوكب آخر، وأقام الاحتفالات في استوديوهات القناة، بنجاح الانقلاب، وسيطرة الجيش التركي على مقاليد الأمور، واستضاف عبر الهاتف الإعلامية الكويتية فجر السعيد، والتي لم يعلن عن علاقتها بالشأن المصري والتركي، والصحافي الأمني "باليوم السابع"، كما يصفه الوسط الصحافي، دندراوي الهواري، والذين أدلوا بدلوهم في تمجيد الجيش التركي وطغيان أردوغان، ونجاح الإنقلاب.

بل فتح موسى المداخلات الهاتفية، ليشارك متابعيه في الاحتفالية، والتطوع بالتحليل والتنظير حول المؤامرات الكونية، ومجلس إدارة العالم، وتدخل العناية الإلهية للانتقام لقائد الانقلاب المصري عبد التفاح السيسي، الذي حسب رأيهم كان ضحية مؤامرات أردوغان.

قناة "سي بي سي اكسترا" المملوكة لرجل الأعمال محمد الأمين، المعروف بتأييده للعسكر، مرت بمرحلة شديدة من التخبط، ففي البداية حاولت إظهار نجاح الانقلاب بشتى الطرق المشروعة وغير المشروعة، وانتقد مذيعوها المتصلين المعارضين للانقلاب، لدرجة رد مذيعة بحدة على ضيف فاجأها بوصف ما يحدث بالانقلاب المضاد للديمقراطية، وردت عليه "ده رأيك وإنت حر فيه".

لكنهم لم يستطيعوا تجاهل الأخبار القوية عن فشل الانقلاب، وعرضت القناة لصور اعتلاء المتظاهرين لدبابة وإخراج قائدها، ما وصفه مذيعها محمد عبد الرحمن "بعار على العسكرية التركية"، متجاهلاً العار الحقيقي في الانقلاب على إرادة شعب.

وفي الوقت الذي وقفت فيه قنوات المحور والحياة ودريم على الحياد، برع التليفزيون الرسمي فيما سبق وبرع فيه إبان الثورة المصرية الأولى، وهو تغطيته المباشرة للجسور الفارغة من المتتظاهرين، فاختار مخرجه لليلة الانقلاب الفاشل جسرا من جسور إسطنبول، واحتفظ به كصورة ثابتة لخلفية التغطية المباشرة لفترات طويلة، وقام ضيوفه بالتنظير لفوائد الانقلابات العسكرية، ورغم نقل بعض مشاهد المتظاهرين الذين يطردون قوات الجيش من الميادين، إلا أن الضيوف ساروا في طريق آخر مغاير، ما جعل بعض المتابعين يسخر "مفيش انقلاب ناجح من غير كاميرا خالد يوسف".