يحيى الجبيحي... من سجن الحوثيين إلى الإعدام

يحيى الجبيحي... من سجن الحوثيين إلى الإعدام

14 ابريل 2017
يحيى الجبيحي معتقل منذ سبتمبر (رسم شهاب المقرمي/فيسبوك)
+ الخط -
من بين حشد من المسلحين الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة اليمنية صنعاء، كان الصحافي يحيى عبدالرقيب الجبيحي (61 عاماً)، المتنقل بين السجن والمحكمة بانتظار حكم مفاجئ: الإعدام. 

فبعد ثمانية أشهر من اختطافه على يد مليشيا الحوثيين وحلفائهم من أمام منزله في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، بسبب رفضه تأييد الانقلاب ونشر مقالات مناصرة له، أصدرت محكمة في صنعاء، الأربعاء، حكماً قضى بإعدامه بعد اتهامه بـ"التخابر مع دول العدوان".
وقالت ثلاثة مصادر مقربة من الجبيحي لـ"العربي الجديد"، الأربعاء، إنه حوكم في المحكمة الجزائية المتخصصة بأمن الدولة بأمانة العاصمة التي يرأسها القاضي عبده راجح بتهم من بينها "التخابر مع دول العدوان ومناصرتها"، و"التبعية للشرعية".

وأضافت المصادر أن المحكمة لم تمنح المحامي أي فرصة للترافع أو الدفاع عن موكلها، وصدر الحكم بعد دقائق من وصول الجبيحي إلى قاعة المحكمة، فيما استأنف المحامي الحكم. وتابعت "تدهورت الحالة الصحية للجبيحي نتيجة إصابته بمرض الربو، فضلاً عن نقله المستمر بين سجون الأمن السياسي والقومي (الاستخبارات)". وأشارت المصادر لـ"العربي الجديد" إلى أن الجبيحي عرض للمحاكمة قبل نحو شهر، ولم يصدر حينها أي حكم، فيما أمر القاضي بالإفراج عنه بضمانة إلا أن هذا الأمر لم يتم.

والصحافي يحيى عبدالرقيب الجبيحي من مواليد محافظة تعز، عام 1955، حصل على البكالوريس في الإعلام من جامعة الملك سعود عام 1980، ونال الماجستير في الإعلام الدولي، من جامعة إنديانا – الولايات المتحدة الأميركية عام 1986، عمل وكتب في العديد من الصحف اليمنية والعربية، ومن أبرزها عمله محرراً في صحيفتي "عكاظ" و"المدينة" السعوديتين، ومراسلاً لهما في الولايات المتحدة.

محلياً، عمل الجبيحي مديراً عاماً للشؤون الإعلامية والثقافية في مكتب رئاسة الوزراء 1987- 1997، ورئيساً لدائرة الشؤون الصحافية والإعلامية في رئاسة الوزراء منذ عام 1998، ومحاضراً لمادتي (الإعلام والتنمية) و(إدارة المؤسسات الإعلامية) في كلية الإعلام – جامعة صنعاء. وهو عضو اتحاد الصحافيين العرب ونقابة الصحافيين اليمنيين، ومحاضر في كلية الإعلام بجامعة صنعاء.


من جانبها، دانت نقابة الصحافيين اليمنيين حكم الإعدام التعسفي بحق الصحافي يحيى عبدالرقيب الجبيحي في ثاني جلسات محاكمته.

وأعربت النقابة عن استنكارها الشديد لهذا الحكم "غير الدستوري والقانوني والمعبر عن سلطة الأمر الواقع التي استهدفت كل مقومات الحريات الاعلامية والصحافية وأعادت اليمن إلى العهود الشمولية والاستبدادية.. وأدّت إلى نشر الخوف والرعب في أوساط الصحافيين".
وقالت إن "الزميل يحيى الجبيحي ليس مجرد صحافي مبتدئ ولكنه أستاذ كبير في حقل الصحافة والإعلام ولديه تاريخ في العمل المهني على طول الساحة اليمنية وله حضور أيضا في الصحافة العربية".

ودعت نقابة الصحافيين كافة المنظمات الحقوقية المحلية والدولية المعنية بحريات الرأي والتعبير إلى التضامن مع الزميل ورفض هذا الحكم والعمل على إيقاف العنف المتزايد تجاه الصحافة والصحافيين.


وتعليقاً على ذلك، قال عضو مجلس نقابة الصحافيين اليمنيين نبيل الأسيدي إن الحكم بإعدام الصحافي يحيى عبدالرقيب الجبيحي يمثل أعلى درجات الانتهاك ويعتبر فضيحة مدوية لسلطة الأمر الواقع".

وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد" إن المحاكمة تأكيد على وحشية هذه المليشيات ورغبتها العارمة في تصفية كل المخالفين لها بالرأي".
وتابع "تؤكد هذه المحاكمة أن إصدار حكم بمثل هذه البشاعة على صحافي يعد جريمة جديدة تضاف إلى سجل جرائم المليشيات من اختطافه واعتقاله دون أي مبرر".


ولا يزال 18 صحافياً مختطفاً لدى ميلشيا الحوثيين وصالح يقبعون في سجن الأمن السياسي بصنعاء وسجون أخرى، فيما تدهورت الحالة الصحية لعديد منهم، أبرزهم الصحافيان توفيق المنصوري وعبدالخالق عمران.


وكانت نقابة الصحافيين اليمنيين رصدت 47 حالة انتهاك للحريات الإعلامية خلال الربع الأول من العام الحالي، وقالت إن من بين الانتهاكات 15 حالة اختطاف واعتقال واحتجاز و5 حالات تهديد بالأذى والتصفية، و 5 حالات شروع بالقتل، وست حالات تحقيق ومحاكمات.


ونشرت وكالة سبأ النسخة التي يديرها الحوثيون، منطوق حكم الإعدام، واتهامه بـ"التخابره مع دولة أجنبية واعتبار الوثائق والتقارير التي كان يرسلها المتهم مصادرة للأمن القومي للاحتفاظ بها كوثائق سرية".
وزعم خبر الوكالة "أن الجبيحي اتصل بطريقة غير مشروعة بدولة أجنبية هي المملكة السعودية وتخابر مع سفيرها بصنعاء وسكرتير السفارة الأول وسلم لهم تقارير تضر بمركز الجمهورية اليمنية الحربي والسياسي والاقتصادي".


من جهته، أعلن وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي، مخاطبته أمين عام الأمم المتحدة ومفوض حقوق الإنسان والمبعوث الأممي وسفراء الدول الراعية للسلام بشأن الحكم الذي أصدره الحوثيون وحلفاؤهم بحق الصحافي يحيى الجبيحي.

ووصف المخلافي في سلسلة تغريدات على حسابه في تويتر، الحكم بالجريمة، وقال إن الحكم بالإعدام يكشف "حجم إجرام المليشيا الانقلابية الحوثية العفاشية وعبثها بالقضاء والدولة ويستوجب أوسع إدانة وتحرك".


من جانبها، عبرت وزارة الإعلام اليمنية عن إدانتها الشديدة، للحكم واعتبرته سياسياً بامتياز.
وقالت الوزارة في بيان لها إن الحكم جزء من سياسات تدمير البنية الاجتماعية لليمنيين، "حيث يعد تصفية خصومة سياسية مع صاحب موقف ورأي، رافض للانقلاب ومن يقوده، عبر القضاء المسيس".

وأضافت أن هذا الحكم صدر بعد عدة أيام على بدء محاكمة نحو 35 ناشطا مدنيا، بتهمة تأييد دول التحالف، ما يعني أن الانقلابيين بدأوا في نصب مشانق ومقاصل لمعارضيهم ولم يكتفوا بمسألة الاعتقالات والإخفاء القسري".
ووصفت الوزارة المحاكمة بـ"الهزلية"، وتثبت للعالم بكل قواه الحية، بأنهم في مواجهة "جماعة لا تتورع عن ارتكاب كل الجرائم اليومية بحق أبناء اليمنيين".

وذكّر بيان الوزارة، المجتمع الدولي بوجود أكثر من 14 ألف معتقل و3 الآف مخفي قسريا في سجون مليشيا الحوثي والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح منذ نهاية عام 2014، وحتى الآن، دون أن تسمح لعائلات المعتقلين والمخفيين والمنظمات الإنسانية الدولية بزيارتهم والتأكد من ظروف اعتقالهم.
وأضافت "المجتمع الدولي مطالب أخلاقيا، بالقيام بدور إنساني إزاء هذه المأساة وألا يقف صامتاً أو مكتوف الأيدي أمام معاناة الآف الأسر".


من جانبه، قال سفير اليمن في المملكة المتحدة، ياسين سعيد نعمان إن الحكم بالإعدام على الصحافي والكاتب يحيى عبد الرقيب الجبيحي لا يفسره شيء أكثر من أن الائتلاف الانقلابي قد دخل مرحلة الموت السريري ويجري إنعاشه بهذا التهريج الذي يجمع بين القسوة واللامسؤولية.
وتابع "من منا لا يعرف الأستاذ يحيى عبد الرقيب بجمال روحه وعشقه لوطنه وحبه لأسرته ووفائه لأصدقائه .. قلمه نسخة من روحه، يعالج ولا يجرح".


وأعرب الصحافيون عن مخاوفهم من إصدار الحوثيين مزيداً من أحكام الإعدام بحق معارضيهم من الإعلاميين والناشطين السياسيين المختطفين في سجونهم.

واعتبر الصحافي أحمد الجبيحي على "فيسبوك" أنّ "عقوبة الإعدام التي حكمت عليها مليشيات الحوثي ضد الصحافي الجبيحي خطوة بربرية غير مسبوقة تهدف إلى دفن حرية التعبير".

وقالت الناشطة الحقوقية رضية المتوكل إن "الحكم بالإعدام على الجبيحي لا يختلف عن الإعدام خارج إطار القانون "لأنه حكم يفتقر لأبسط قواعد المحاكمة العادلة، الفرق أنها جريمة سيكون المتورطون فيها معروفين بأسمائهم وصفاتهم".




المساهمون