البرامج الحوارية الإسرائيلية: العنصرية بدل المهنية

البرامج الحوارية الإسرائيلية: العنصرية بدل المهنية

23 أكتوبر 2016
من التظاهرات المناهضة لعنصرية الإعلام الإسرائيلي في نيويورك(طوني سافينو/كوربيس)
+ الخط -
تحول ظهور الساسة الفلسطينيين، وتحديداً ممثلي فلسطينيي الداخل في وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى فرصة للنيل منهم وشيطنتهم ونزع الشرعية عن حقهم في التفكير بشكل مختلف عن الساسة الصهاينة. ففي أعقاب رفض أعضاء القائمة العربية المشتركة، التي تمثل فلسطينيي الداخل في البرلمان الإسرائيلي "الكنيست"، المشاركة في تشييع جثمان الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريس بسبب دوره الإجرامي ضد أبناء الشعب الفلسطيني، استضافت قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية، التي تعد أكثر قنوات التلفزة الإسرائيلية مشاهدة، ضمن برنامج "استوديو الجمعة" النائب أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة لمحاورته حول قرار القائمة، فما كان من المعلق العسكري للقناة روني دانئيل، الذي كان ضمن المحاورين، إلا أن قام بتوبيخ عودة وطالبه هو وزملاءه بأن "يثبتوا أنهم بنو بشر". وتقول رويت هيخت ناقدة التلفزة في صحيفة "هارتس" إن طاقم المحاورين الذي أعدته القناة لطرح الأسئلة على عودة انقض عليه بشكل غير موضوعي وغير مهني، إذ تشير إلى أنه بدا من أسئلتهم وكأنه لا يجوز لعودة وزملائه في القائمة المشتركة أن يفكروا بطريقة مختلفة ويتخذوا قرارات مختلفة عن القرار الذي اتخذه العرب الذين شاركوا في جنازة بيريس، خصوصاً رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وتبرز هيخت في مقال نشرته الصحيفة أن طاقم المحاورين اليهود لم يستوعب أن يتصرف ممثلو فلسطينيي الداخل بشكل مختلف عن عباس. وأشارت إلى ما قاله مقدم البرنامج داني كشمارو الذي وصف عودة بأنه "خيبة أمل"، منوهة إلى أنه بدا من تعليقاته وكأنه يتوجب على العربي أن يؤمن بالصهيونية وأفكارها ويحترم رموزها. وأشارت هيخت إلى أنه عندما حاول عودة أن يذكر المشاهد الإسرائيلي بأن بيريس بالنسبة له ولفلسطينيي الداخل مسؤول بشكل مباشر عن عمليات القتل التي تعرض لها العشرات من فلسطينيي الداخل في أكتوبر/تشرين الأول 2000، وأحدهم شقيق زوجته، وأنه كان المسؤول عن المجزرة التي حدثت في يوم الأرض عام 1976، حين كان وزيراً للحرب، فإن كشمارو لم يتحمل ذلك، إذ لمح إلى أنه يتهرب من الإجابة بشكل موضوعي. وفي برنامج "واجه الصحافة"، الذي بثته نفس القناة أخيراً تمت استضافة النائب بسام غطاس حيث استهجنت مقدمة البرنامج رينا متسليح أن يتصرف غطاس وزملاؤه بخلاف عباس. ومن الواضح أن متسليح ليس بإمكانها أن تطرح هذا التساؤل على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ولا يمكنها أن تستهجن أن يتصرف ويقرر بخلاف القرارات التي يتخذها وزراؤه وقادة المعارضة.
وفي حلقة أخرى من برنامج "استوديو الجمعة"، استضافت القناة الثانية النائب أحمد الطيبي، حيث طالب روني دانئيل النواب العرب مجدداً بأن "يكونوا بني بشر". فرد الطيبي على دانئيل مذكراً إياه بأنه عندما كان يغطي أخبار الحرب الإسرائيلية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في صيف 2014 دافع بدون تردد عن قيام جيش الاحتلال بعمليات القصف والغارات الجوية التي أسفرت عن مقتل مئات الأطفال الفلسطينيين. وعلى الرغم من أن الطيبي رد بعبارات قوية على دانئيل، الذي يفترض أن يتعامل بموضوعية، كونه ينتمي إلى أسرة القناة الثانية، إلا أنه عاد مجدداً واعتبر أن عدم مشاركة ممثلي فلسطين الداخل في جنازة بيريس أنما تعكس "عدم آدميتهم". وتكمن المفارقة، أن بعض النخب الإسرائيلية قد اعتبرت أنه من "الطبيعي" ألا يشارك ممثلو فلسطينيي الداخل في تشييع جنازة بيريس. ففي مقال نشرته صحيفة "هارتس" الاثنين الماضي، استهجن أستاذ التاريخ في الجامعة العبرية البروفسور شلومو زند أن تطالب وسائل الإعلام ممثلي الفلسطينيين بالمشاركة في تشييع جنازة بيريس في حين أنه لم يحضر جنازة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أي ممثل عن الحكومة الإسرائيلية أو ممثل عن المعارضة في تل أبيب. وأعاد زند للأذهان حقيقة أن بيريس "لم يكن رجل سلام" بسبب دوره في دفع الحكومات الإسرائيلية لشن الحروب ضد العرب وإسهامه الكبير في تطوير وتعزيز المشروع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967. ولم تتحول البرامج الحوارية لـ "مصيدة" لممثلي فلسطينيي الداخل، بل إن مسؤولي السلطة الفلسطينية الذين يتم إجراء حوارات مباشرة معهم في أوقات متباعدة لا يتم السماح لهم بالتعبير عن آرائهم والدفاع عن مواقف السلطة الفلسطينية. فقد أجرت قناة التفلزة الثانية مؤخرا مقابلة مع جبريل الرجوب، عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، والمدير السابق لجهاز "الأمن الوقائي" في السلطة الفلسطينية حول تفجر عمليات المقاومة الفردية، حيث تم التعامل معه باستخفاف من قبل مقدم البرنامج داني كشمارو وبقية الصحافيين.