انتفاضة مصر... مزيد من تكميم الصحافة والإنترنت

انتفاضة مصر... حجب مواقع وإبطاء الإنترنت ومزيد من تكميم الصحافة

01 أكتوبر 2019
أغلق ميدان التحرير خوفاً من التظاهرات (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
صاحب الانتفاضة التي اندلعت في مصر في سبتمبر/ أيلول الماضي، مزيداً من القيود والتضييق على حرية الصحافة والإعلام؛ لعلّ أحدثها التوسع في حجب المواقع الإخبارية الدولية وإبطاء سرعات الإنترنت في مصر، وحجب جزئي لمواقع التواصل الاجتماعي، وبالطبع، لم تخل القبضة الأمنية والاعتقالات العشوائية من استهداف بعض الصحافيين. 

واندلعت تظاهرات في عدة محافظات في مصر مساء يوم الجمعة 20 سبتمبر/ أيلول الماضي، تطالب برحيل الرئيس عبد الفتاح السيسي، على خلفيّة دعوات انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي تدعو المواطنين للخروج والتعبير عن رفضهم لاستمرار الرئيس الحالي في السلطة وسط اتهامات لعائلته ولعدد من قادة القوات المسلحة بالفساد وتبديد المال العام، وتأكيد الرئيس في آخر خطاباته على صحة بعض هذه الادعاءات.

يأتي ذلك في حين تتّخذ الحكومة المصرية سياسات تقشّفية زادت من الأعباء الاقتصادية الواقعة على عاتق المواطنين مما أدى لوجود احتقان لديهم نتيجة للتدهور في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وواجهت قوات الشرطة هذه الاحتجاجات باستخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، لتفريق التظاهرات، كما ألقت قوات الشرطة القبض على عدد هائل من المشاركين فيها، تجاوز الألفين، حتى إعداد هذا التقرير، وبينهم صحافيون، كما نشرت قوات الشرطة عدداً من الكمائن الأمنية في محيط ميدان التحرير، وقامت بإيقاف المارة وتفتيش هواتفهم المحمولة والقبض على بعضهم بسبب مشاركات داعمة للاحتجاجات على مواقع التواصل الاجتماعي.

وبعدها، شنّت قوات الأمن المصرية حملة اعتقالات موسعة طاولت عدداً كبيراً من السياسيين أغلبهم قيادات في حزبي الاستقلال، والكرامة وغيرهما، فضلًا عن القبض على عدد من الصحافيين والمحامين والحقوقيين.

اعتقال 7 صحافيين
ضمّت قائمة الصحافيين المعتقلين على خلفية انتفاضة سبتمبر/ أيلول، الصحافية إﻧجي ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ، والصحافي إﻳﻬﺎﺏ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺤﺴﻴني، وﺣﺎﺯﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ، وﺳﻠﻴﻢ ﺳﻴﻒ ﺍﻟﺪﻳﻦ، وﻋﻤﺮو ﻫﺸﺎﻡ. كما داهمت الشرطة منزل الصحافي سيد عبد اللاه في مدينة السويس بسبب تصويره للمظاهرات، وقامت بتحطيم محتويات المنزل وفقا لتسجيل مصور نشرته زوجته على "يوتيوب". كما احتجزت الشرطة الصحافي سيد صبحي لبعض الوقت يوم 21 سبتمبر/ أيلول قبل أن تطلق سراحه، وقامت بإعادة حبس الصحافيين حسن القباني ومحمد أكسجين الذين أنهيا عقوبة حبس احتياطي ويقضيان حالياً عقوبة التدابير الاحترازية.
كما ألقت قوات الأمن المصرية القبض على الكاتب الصحافي ورئيس حزب "الدستور" سابقًا، خالد داوود، في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، ضمن الحملة الأمنية الشرسة التي طاولت عددًا من السياسيين وأساتذة علم سياسي وأبرزهم حسن نافعة، وحازم حسني.



مواقع تدخل حيز الحجب
لم تنجُ وسائل الإعلام الأجنبية العاملة في القاهرة من الهجمة الأمنية الشرسة على الإعلام والصحافة، حيث أقدمت السلطات المصرية على حجب موقع قناة "الحرة" (تابعة لمؤسسة أميركية غير ربحية تمول من الكونغرس الأميركي)، وموقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، بشكل متقطع، عقب تغطية الاحتجاجات التي خرجت ضد رأس النظام المصري الحالي.
ثم تم حجب موقع "شبكة أريج" (arij.net)، وهي شبكة متخصصة في الصحافة الاستقصائية. وتعرّض موقع "حبر" الأردني (7iber.com) إلى الحجب، عقب نشره تغطية إخبارية للقبض على شابين أردنيين، من قبل قوات الشرطة في مصر، والتي أعلنت صلتهما بالاحتجاجات الجارية.
ونقلت "بي بي سي" عن رئيس المجلس الأعلى للإعلام، مكرم محمد أحمد، أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لم يخطر بعد بشكل رسمي بأسماء المواقع التي حجبت، غير أن معلوماته الأولية تؤكد حجب مواقع إخبارية بسبب نشر أخبار "غير دقيقة" عن المظاهرات.
علاوةً على ذلك؛ فرضت الهيئة العامة للاستعلامات قيوداً جديدة على عملها ومنها عدم نشر أي روايات غير موثقة، وضرورة الحصول على تأكيد لما تنشره من مصدرين على الأقل.
ودعت الهيئة العامة للاستعلامات (مؤسسة حكومية مصرية معنية بإصدار التصاريح للإعلام الأجنبي)، وسائل الإعلام الدولية، خاصة مراسليها المعتمدين في القاهرة، إلى الالتزام بالقواعد المهنية المتعارف عليها دولياً عند تغطيتهم شؤون مصر وأخبارها.
وطالبت الهيئة الإعلام الأجنبي "باستمرار الالتزام باستخدام التعبيرات والمفردات المعبرة عن حقائق الأمور في مصر، سواء الآن أو ما جرى بها من تطورات خلال الأعوام الأخيرة، دون تجاوز للحقيقة، أو ترديد لمسميات يختلقها البعض ويروجها لأهدافه". وطالبته كذلك، "بوضع أية أمور في سياقها وحجمها بالنظر إلى وضع مصر كدولة كبيرة بها أكثر من (100) مليون مواطن، وكذلك في السياق الإقليمي، وأيضا في السياق العالمي الذي تشهد فيه كل عواصم العالم أحداثا يومية دون أن يدعو ذلك إلى القفز إلى استنتاجات ومبالغات هي أبعد ما تكون عن الحقيقة".



إبطاء الإنترنت وتعطيل مواقع التواصل
في الوقت الذي ظلّ الإعلام المحلي بعيداً عن متابعة الأحداث تجنباً للملاحقة الأمنية؛ كانت وسائل التواصل الاجتماعي هي البديل الذي تبنّاه المصريون لمتابعة هذه الاحتجاجات. فبينما كان عشرات المواطنين يحاولون التجمع والهتاف على مشارف ميدان التحرير، كانت كاميرا الموبايل تنقل هذه المحاولات مباشرة إلى المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي.
لذا؛ حاولت السلطات المصرية منع الوصول إلى تطبيقي "واير" wire و"فيسبوك ماسينجر" Facebook messenger، بالإضافة إلى استمرار محاولات حجب موقعي "فيسبوك" و"تويتر"، والتي أدت في بعض الأحيان إلى حجب الموقعين في نطاق جغرافي محدد. كما شملت ممارسات السلطات المصرية إبطاء الوصول إلى الشبكات الاجتماعية وتطبيقات التراسل الفوري، ومن بينها تم حجب موقعي "سيغنال" signal.org و"ويكر" wickr.com، وبذلك وصل عدد المواقع المحجوبة في مصر إلى 535 موقعاً على الأقل، وفق تقدير مؤسسة حرية الفكر والتعبير (منظمة مجتمع مدني مصرية).
يُشار إلى أنّ قطع الإتصالات بشكل جزئي أو كلي هو سلوك انتهجته الأجهزة الأمنية في مصر سابقاً إبان ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، بهدف مواجهة الاحتجاجات والتظاهرات الحاشدة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ السلطات المصرية قد استندت سابقاً إلى المادة (67) من قانون تنظيم الاتصالات المصري، والتي تعطي صلاحيات واسعة للسلطات المختصة في الدولة أن تخضع لإدارتها جميع خدمات وشبكات اتصالات أي مشغل أو مقدم خدمة وأن تستدعي العاملين لديه القائمين على تشغيل وصيانة تلك الخدمات والشبكات وذلك في حالة حدوث كارثة طبيعية أو بيئية أو في الحالات التي تعلن فيها التعبئة العامة طبقاً لأحكام القانون رقم (87) لسنة 1960 المشار إليه وأية حالات أخرى تتعلق بالأمن القومى.
ويشترك الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات مع القوات المسلحة والجهات المختصة بالدولة في وضع خطة مسبقة لتشغيل شبكات الاتصالات تنفذ خلال الحالات المنصوص عليها بالمادة 67 ويتم تحديث الخطة بشكل دوري لتأمين الدفاع والأمن القومي ويلتزم مشغلو ومقدمو خدمات الاتصالات بتنفيذ تلك الخطة وفقًا للمادة 66 من قانون الاتصالات المصري.

المساهمون