لبنان: لا شيء مؤكداً إلا انتشار الشائعات

لبنان: لا شيء مؤكداً إلا انتشار الشائعات

11 نوفمبر 2017
عادت صور الحريري للانتشار في الشارع (جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -
لا يشغل بال اللبنانيين حالياً سوى سؤال واحد: "هل ستقع الحرب؟". سؤال يجد على مواقع التواصل وشاشات التلفزة والصحف مئة جواب مختلف. فمنذ إعلان رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري استقالته في كلمة متلفزة بعد ظهر السبت الماضي، يلف الغموض مصير هذا البلد الصغير. غموض يفتح الباب على كل الاحتمالات وعلى كل الشائعات. وفي بلد يعتبر كل مواطن فيه نفسه محللاً سياسياً، فإن كل الشائعات قابلة للتصديق حتى تلك التي تبدو أقرب إلى الخيال.

الحرب المقبلة

الشائعة الأكثر انتشاراً طبعاً تبقى اقتراب الحرب التي ستقودها السعودية في لبنان، مقابل شائعة ثانية توازيها انتشاراً عن اقتراب الحرب التي سيشنّها الاحتلال الإسرائيلي على لبنان بمساعدة سعودية. وما يغذي هذه الشائعات سلسلة تغريدات لمحللين وأكاديميين سعوديين، أبرزها التغريدة التي أعيد نشرها مئات المرات وجاء فيها: "ستضاء سماء لبنان بالصواريخ البالستية التي لا تضل أهدافها ولن تجد ما يعترضها ويتبعها صواريخ جو أرض الموجهه باليزر لكي تؤدب الخائن وأتباعه". إلى جانب تغريدة أخرى للإعلامية اللبنانية الغائبة عن الساحة منذ سنوات، ماريا معلوف التي تعود كل فترة إلى الواجهة بتغريدات مثيرة للجدل. إذ كتبت "اقتربت ساعة الصفر لدك أعداء العروبة و#ملكنا_سلمان فادي الفدى حامي الحمى سيطهر أرض لبنان من الأنجاس الشياطين #لبنان #حرية #السعودية #أميركا #ماريا_معلوف".
كذلك فإن حملة التعاطف مع لبنان من قبل مغردين مصريين وأردنيين وفلسطينيين... أوحت بأن كارثة تقترب من البلاد، وأنّ التضامن مع اللبنانيين واجب قبل تدمير البلاد.

سعد الحريري مخطوف؟

الشائعة الثانية هي تلك المرتبطة بوضع رئيس الحكومة سعد الحريري. أخبار كثيرة حيكت حول استقالته، وحول وضعه الحالي: هو في الإقامة الجبرية في الرياض. وهو في فندق الريتز كارلتون معتقل مع باقي الأمراء ورجال الأعمال، هو حرّ طليق، مخطوف، مغيّب، مهدّد بسجن عائلته في حال لم يستقل... كل الشائعات الممكنة قيلت، ليس فقط على مواقع التواصل الاجتماعي، بل بشكل أساسي على شاشات التلفزة، التي بدا أداؤها المهني مخزياً إلى حدّ كبير منذ السبت الماضي. إذ لم تقدّم أي قناة محلية أي معلومة دقيقة أو حقيقية عن وضع الحريري الحالي. ولعلّ خير مثال هي البلبلة التي حصلت قبل يومين، عند نشر كل القنوات عواجل عن "إقلاع طائرة الرئيس الحريري من الرياض متوجهة إلى بيروت وعلى متنها الحريري ووفد مرافق"، قبل أن يتبيّن طبعاً أن الطائرة لم تكن تقلّ الحريري وأنها اصلاً ليست طائرته الخاصّة. وإلى جانب الشائعات فتحت القنوات المحلية هواءها لساعات طويلة من البذاءة السياسية وتبادل الاتهامات والتحريض، ونشر معلومات تبيّن أنها كاذبة من دون ذكر مصادرها.
أما الصحف المحلية فوقفت كل منها خلف فريقها السياسي، ناشرة سلسلة معلومات غير مؤكدة وغير منسوبة لأي مصدر حقيقي. بينها صحف نشرت سيناريوهات كاملة للحرب المقبلة واعتزال سعد الحريري السياسة...
على مواقع التواصل انتشرت صور لسعد الحريري وهو يبكي، وقيل إنها بعد "خطفه" في الرياض وإجباره على الاستقالة، ليتبيّن لاحقاً أن الصور تعود إلى مشاركة الحريري في جنازة الأمير سلطان بن عبد العزيز عام 2011.

ترحيل اللبنانيين

الشائعة الثالثة والتي سبّبت أيضاً حالة الهلع بين اللبنانيين هي شائعة ترحيل السعودية للبنانيين الموجودين في المملكة، حيث يعش في المملكة 160 ألف لبناني. وانطلقت هذه الشائعة بعد انطلاق وسم "#ترحيل_اللبنانيين_مطلب_وطني" في المملكة العربية السعودية. وبدأت التخمينات حول تداعيات عودة 160 ألف عاطل عن العمل إلى لبنان، وانعكاس ذلك على الوضع الاقتصادي المتدهور أصلاً. وتخلّل الوسم حملة تحريض عنيفة من قبل سعوديين وسعوديات ضد اللبنانيين العاملين في المملكة انضمّ إليها بعض الإعلاميين والشخصيات المؤثرة على تويتر.

واتساب أيضاً لبثّ الشائعات

وعلى أرض الواقع فإنّ الخبر الذي فتح الباب أمام كل الاحتمالات فكان خبر طلب السعودية والإمارات والبحرين والكويت من رعاياها مغادرة لبنان "فوراً". حصل ذلك أول من أمس وتلته آلاف التغريدات المتفجعة والمرعوبة. بعض اللبنانيين أعادوا نشر صور من الحرب الأهلية، بعضهم طالب بالالتفاف خلف المؤسسات الرسمية... في وقت اعتبر نداء دول الخليج لرعاياها بمثابة إعلان للحرب.
وعلى واتساب تلقى اللبنانيون عشرات الأخبار والرسائل الصوتية التي تطلب منهم تارة التموين وشراء المواد الغذائية، وتارة أخرى التحضر نفسياً للحرب لأن طائرات حربية إسرائيلية تتحرك في مطار قبرص باتجاه بيروت.