"فتنة" عمر عبدالعزيز تخيف النظام السعودي

"فتنة" عمر عبدالعزيز تخيف النظام السعودي

26 اغسطس 2018
دعاه ولي العهد السعودي للعودة والدعم المادي (يوتيوب)
+ الخط -
لم يكن اعتقال السلطات السعودية شقيقَي الناشط، عمر عبدالعزيز الزهراني، و7 من أصدقائه مفاجئاً للشاب اللاجئ في كندا منذ عام 2014، فقد سبق وأن أُغري بالعودة والتوقف عن التغريد وبث الفيديوهات التي ينتقد فيها نظام المملكة مقابل "تأمينه". وكان العرض من ولي العهد، محمد بن سلمان، وفقاً لروايته، وتلقى بعدها تهديداً عبر واحد من شقيقيه المعتقلين حالياً. 

وكان عمر عبدالعزيز قد بث مقطع فيديو على "تويتر"، قال فيه إنه استقبل زواراً برفقة أخيه أحمد، في بيته في كندا. وحمل هؤلاء رسالة تتلخص في دعوة ولي العهد السعودي له بالعودة والدعم المادي والحماية من المساءلة. وقال حرفياً: "أنت في وجهي"، وتعني أن الأمير يضعه تحت حمايته.



ورفض عبدالعزيز الدعوة وشكر ضيوفه. وبعد عودتهم إلى المملكة، تلقى اتصالاً من أخيه الذي كان مرتعدا يؤكد له أنه وأصدقاءه سيُعتقلون لو لم يتوقف عن تغريداته. وتأكد لاحقاً أن أخاه كان معتقلاً بالفعل حين أجرى هذه المكالمة، وفق ما أكد في أكثر من فيديو.

وعلّق الشاب السعودي: "هذا عيب كبير في حق الأمير وسلوك يشوه صورة السعودية في الخارج... أنا حزين على صورة السعودية في الخارج".



وكان قد تفاعل مع الأزمة الأخيرة بين السعودية وكندا مطالباً الطلاب السعوديين بالبقاء لاستكمال دراستهم، منتقداً القرار الذي يهدر أعمار الشباب وأموال الشعب. وأوضح في فيديو منفصل طرق الحصول على اللجوء في كندا.

بدأ نشاط عبدالعزيز السياسي في 2009، عندما انتقل إلى كندا لدراسة اللغة الإنكليزية في جامعة McGill. وفي 2013، بعد جمع عدد كبير من المتابعين على الإنترنت، أنهت السلطات السعودية منحته الدراسية هناك، وطلبت منه العودة إلى وطنه، فطلب اللجوء في كندا في 2014. ويعيش الآن كمقيم دائم في مقاطعة كيبيك حيث يواصل دراسته الجامعية.



ينتمي إلى أسرة، مكونة من أب وأمّ وعشرة أبناء، تعيش في مدينة جدة ولا يتفق أي منهم معه في الموقف السياسي لكنه يؤكد دائماً "نحن أسرة ديمقراطية".

تجاوز عبدالعزيز ذلك الرعب الذي نجح النظام السعودي في زرعه ومارس من أجله كل أنواع التهديد والإغراء، لكنه لم يخضع ولم يقبل بالعودة في ظل الظروف الحالية رغم اعترافه بافتقاد عائلته وأصدقائه. ورغم ذلك يقول: "أخواي ليسا أغلى من آلاف المعتقلين السعوديين"، كما كرر في تغريدات عدة.



اشتهر عبدالعزيز بوسم "#بس_ما_تبغي" على موقع "تويتر"، حيث يحظى بنحو 275 ألف متابع، وبرنامج "فتنة" الذي كان يقدمه على "يوتيوب" عام 2014. ويعني الوسم أن الحكومة السعودية تستطيع حل مشكلات المواطن السعودي لكنها لا تريد ذلك.

ودخلت مجموعة "روتانا" الإعلامية على خط المواجهة، لتلعب دور ذراع السلطة، فطلبت من "يوتيوب" إزالة البرنامج بعد 3 حلقات من بدء بثّه، بحجة "انتهاك الملكية الفكرية". تم تجاهل الاعتراض فور تبرير عبدالعزيز استعانته بمقاطع من برامج الشركة الخليجية بغرض الاستدلال لا القرصنة.

وساهم ما فعلته "روتانا" في انتشار برنامجه الذي سُجّلت أولى حلقاته الـ7 في غرفة نوم عمر الصغيرة. وتناول فيها تعريف الأمن والأمان، وسخر من بطانة الملك، وناقش تناقضات رجال الدين. وعلى الرغم من جدية الطرح في "فتنة"، إلا أن المفارقة جعلت منه كوميديا سوداء تستعرض تناقضات السلطة السعودية والمسافات الكبيرة بين ما تطرحه من شعارات وبين ما تنفذه على الأرض، ما عكس صورة الإعلامي الساخر باسم يوسف ودفع بمتابعي "فتنة " إلى مطالبة عمر بالمزيد، لكنه كان يعرف ما يريد: "أغروني بمبالغ واستوديوهات وجمهور حي، لكنّني رفضت لأنّني لست كوميديان. أنا أطمح لقيادة التغيير في بلدي يوماً ما".



وفي رأي عبدالعزيز، إن "الفتنة" مصطلح طالما استخدمه الفقهاء قديما لتبرير الصمت على المخالفات الشرعية التي يقع بها الحاكم. وفي نهاية الحلقة الأولى يقول: "الفتنة في سكوتك عن الظلم، ورضاك وتبريرك للظالم، ومحاربتك للمصلحين تحت أي ذريعة، اليوم قد يقولون إنك أنت سبب من أسباب الفتنة، وغدًا سيعتقلونك لأنك أنت الفتنة بأم عينها".

ينفي مطالبته بإسقاط النظام، ويقول إن سقف مطالبه لا يزيد عن دستور للبلاد وإجراء انتخابات يتم خلالها اختيار من يحكمون الشعب السعودي. أراد إعلاماً بديلاً من ذلك الذي يتحرك بأوامر السلطة، فقرر دفع متابعيه إلى تحويل الجدران إلى صحف، ودفع متابعيه لآفاق التنوير والمعرفة عبر القراءة بطرح كتاب في كل حلقة ومناقشة محتواه.

لم يفاجأ أيضاً بالكم الهائل من الاتهامات، فهي جاهزة ومعلبة وتوجه ضد كل شخص يعارض النظام السعودي وبينها أنه "إخواني". وينفي عمر الاتهام بنضوج، مشيراً إلى أنه يتفق مع "الإخوان" في مواقفهم من الربيع العربي لكنه يختلف مع مواقف كثيرة لهم وأشار إلى أن من لا يتعاطف مع ضحايا "رابعة العدوية" في مصر (وهي المذبحة التي راح ضحيتها ما يقرب من ثمانمائة شخص في أغسطس 2014) عليه أن يفتش عن إنسانيته.

أما التمويل القطري فكانت التهمة الثانية التي علق عليها قائلاً: "لو كنت أتلقى تمويلا لما عملت في مطعم". وعرض الاستوديو الذي يقوم بتصوير برنامجه منه الذي تحدثت عنه تغريدات "لجان النظام السعودي" باعتباره يتكلف الآلاف، وكانت المفاجأة أنه يصوّر البرنامج من غرفة نومه.