المحتوى الفلسطيني الرقمي في 2018: حذف وإغلاق وسجن

المحتوى الفلسطيني الرقمي في 2018: حذف وإغلاق وسجن

20 يناير 2019
500 انتهاك تطاول المحتوى الرقمي الفلسطيني في 2018(العربي الجديد)
+ الخط -
تواصلت الانتهاكات من قبل إدارة مواقع شبكات التواصل الاجتماعي بحق المحتوى الرقمي الفلسطيني عليها. إذ وثق مركز "صدى سوشال" خلال العام 2018 نحو 500 انتهاك، بينما بلغ عدد المعتقلين على خلفية النشر على مواقع التواصل الاجتماعي نحو 800 حالة اعتقال خلال العامين الماضيين.

وقال منسق مركز "صدى سوشال"، إياد الرفاعي، خلال مؤتمر صحافي عقد السبت، في مدينة رام الله، لعرض التقرير التوثيقي للمركز خلال العام الماضي، إن "المركز وثق قرابة 500 انتهاك، توزعت بين حظر حسابات، وحذف محتوى وإغلاق صفحات، وكان للصحافيين النصيب الأكبر بين هذه الانتهاكات، والتي تركزت في موقع فيسبوك أكثر من باقي المواقع والمنصات".

وتوزعت الانتهاكات بحق المحتوى الفلسطيني كالآتي: موقع فيسبوك (370) انتهاكاً، يليه موقع يوتيوب (45) انتهاكاً، ثم تويتر (60) انتهاكاً، وإنستغرام (30) انتهاكاً، ليكون المجموع قرابة 500 انتهاك ضد المحتوى الفلسطيني عبر الشبكة العنكبوتية"، فيما رصد المركز خلال العامين الأخيرين قرابة 800 حالة اعتقال من قبل قوات الاحتلال للفلسطينيين على خلفية مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال الرفاعي لـ"العربي الجديد"، على هامش المؤتمر، إن "مركز صدى سوشال تمكن من استرجاع عشرات الصفحات والمحتوى فقط من بين المئات التي تم رصدها، وهي نسبة متواضعة، وهو أمر ناتج عن قيام إسرائيل بالتواصل مع إدارات تلك المواقع بشكل رسمي ضمن لجنة حكومية، بينما نحن نتواصل بشكل فردي ومن خلال علاقات شخصية مع عاملين وموظفين في تلك المنصات، ونستطيع من خلال تلك العلاقات استرجاع بعض الحالات".

ونوه الرفاعي إلى محاولة المركز التواصل مع وزارتي الاتصالات والإعلام الفلسطينيتين، ليكون لهم موقف مما يجري بحق المحتوى الفلسطيني، وأبدوا تجاوبا في البداية، وأصبح هناك تسويف ومماطلة من قبلهم بعد ذلك لإصدار موقف رسمي فلسطيني ضد هذه الانتهاكات.

وخلال المؤتمر الصحافي، عرضت الصحافية جيهان عوض، تجربتها حول ما تعرضت له من انتهاكات، من قبل إدارات مواقع التواصل الاجتماعي، بحذف محتوى على صفحاتها أو حذف حسابها الشخصي، مشددة على أن ما يجري خطير في ظل محاولات التضييق على المحتوى والصوت الفلسطيني.

وقالت جيهان: "استفقت في أحد الأيام، لأحاول فتح حسابي على موقع (فيسبوك)، وتفاجأت أن حسابي غير موجود وقد حذف، وحينما تواصلت مع إدارة موقع فيسبوك، تبين أن ذلك تم كوني كنت مديرة في صفحة عملي السابق فضائية (فلسطين اليوم) التي كنت أعمل فيها، وبعد مراسلات أعيد حسابي".

وبالتزامن مع فترة اغتيال الشهيد نصر جرار العام الماضي، وكذلك اغتيال الشهيدين أشرف نعالوة وصالح البرغوثي، وأحداث أخرى كانت ترسل إلى جيهان تنبيهات من قبل إدارات مواقع التواصل الاجتماعي وتم حظرها من النشر لحين من الوقت.

كما أرسلت إلى الصحافية جيهان عوض، وفق روايتها خلال المؤتمر، تنبيهات بتعدي سياسة النشر، كالتنبيه بسبب صورة وصلت إليها من قرية كوبر شمال غرب رام الله وقامت بنشرها وهي صورة جدار مكتوب عليه تهديد لأحد ضباط الاحتلال، فيما نوهت عوض إلى أنه لا يوجد سياسة واضحة للنشر، وكصحافية أنشر كل شيء إخباري.

وتعرضت قناة جيهان على يوتيوب قبل نحو أسبوعين لانتهاك لمحتوى يتحدث عن عملية للمقاومة الفلسطينية عام 2014، وبرغم مرور أكثر من أربعة أعوام على نشره بعنوان باللغة العبرية للتمويه على عدم حذفه بعد تعرضه للحذف سابقا، وتم عقاب جيهان بعدم النشر.

"صدى سوشال" أكد من جانبه، أن الانتهاكات بحق المحتوى الفلسطيني بلغت ذروتها في الشهر الثاني من عام 2018، عقب عملية اغتيال الشهيد أحمد نصر جرار، بحيث أصبحت إدارات مواقع التواصل الاجتماعي تعتبر أي متعلقات منشورة عبر الفضاء الرقمي تخص الشهيد جرار هي مواد تحريضية، ووصل عدد الانتهاكات خلال ذاك الشهر إلى أكثر من 100 انتهاك.

وتأتي في المرتبة الثانية وفقًا لما رصده مركز صدى سوشال قضية حذف المحتوى المتعلق بالوحدة الخاصة التي تسللت إلى قطاع غزة، ولم تكتفِ إدارات منصات التواصل الاجتماعي بالتضييق على المحتوى المنشور فقط من خلال حظر المستخدمين أو إغلاق الصفحات، إنما تعداه ليصل إلى المراسلات الخاصة بين المستخدمين ليحذف أي صور لها علاقة بالوحدة الخاصة من داخل الرسائل الخاصة.

كما أن حملة اختراقات شنت ضد عدد من وكالات الأخبار الفلسطينية ومواقع إخبارية أطاحت بخوادم هذه المنصات عقب نشرها أخبارًا وتقارير متعلقة بالوحدة الإسرائيلية الخاصة التي دخلت قطاع غزة، وكان من أبرز هذه المواقع وكالة سما، وكالة صفا، إذاعة صوت الأقصى، بوابة الهدف.

ومن أبرز الانتهاكات على منصة إنستغرام كانت ضد وكالة صفا الإخبارية ووكالة شهاب، والناشط علي قراقع والصحافية نيبال فرسخ، ومن أبرز الانتهاكات على منصة تويتر كانت بحق الصحافية شذى حنايشة، والناشط حسين شجاعية الذي تعرض للاعتقال لاحقا قبل أن يفرج عنه مؤخرًا بعد قرابة 40 يوما من الاعتقال، كما طاولت الانتهاكات في تويتر صفحة شبكة فلسطين للحوار، وبوابة الهدف. وعلى منصة يوتيوب كانت أبرز الانتهاكات بحق فضائية اليرموك، الصحافي حسن اصليح، قناة شبكة قدس الإخبارية، وكالة الرأي، ونجوم غرباء.

وعلى منصة "فيسبوك" كانت ضد تلفزيون الفجر الجديد، نبض فلسطين، فضائية فلسطين اليوم، فضائية الأقصى، الصفحة الرسمية للجبهة الشعبية، الصحافية مجدلين حسونة، الصحافي رامي سمارة، الصحافي مثنى النجار.

وبدأت تتشكل مبادرة مركز "صدى سوشال" في نهاية عام 2015، نتيجة الحملة الشرسة التي تعرض لها المحتوى الفلسطيني من قبل إدارات موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بتنسيق من الحكومة الإسرائيلية حينها متزامنا ذلك مع موجة عمليات الطعن والدهس، حيث نظم مجموعة من الناشطين حملة لمقاطعة مواقع "فيسبوك" وتواصلت معهم إدارة "فيسبوك"، وتمكنوا من استرجاع 90% من المحتوى الذي تم حذفه والتضييق عليه، ومنذ ذلك الحين بدأ الناشطون بمبادرتهم هذه للتوثيق حول ما يتعرض له المحتوى الفلسطيني ومحاولة لاسترجاع المحتوى الذي يتم التضييق عليه.

و"صدى سوشال" مبادرة تطوعية شبابية أسسها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي نتيجة الحاجة للحفاظ على المحتوى الفلسطيني على الشبكة العنكبوتية في ظل غياب الدور الرسمي الفلسطيني ومؤسسات المجتمع المدني والأهلي عن هذه المعركة المهمة مؤخرا، إذ تم تأسيس هذه المبادرة لتوثيق الانتهاكات ومحاولة استعادة المحتوى الفلسطيني، يوضح إياد الرفاعي في حديثه لـ"العربي الجديد".

ويعتمد "صدى سوشال" في عمله على متابعة يومية من خلال صفحات التواصل الاجتماعي، ومن خلال الصحافيين والناشطين لرصد الانتهاكات بحق المحتوى الفلسطيني من حذف لصفحات أو حذف لمحتوى أو حجب معلومات معينة، أو أية اعتقالات على خلفية النشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم يتم التواصل مع إدارات مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يتمكن مركز "صدى سوشال" في بعض الأحيان من استرجاع المحتوى، وفي بعض تبقى إدارة هذه المواقع متعنتة ومصممة على ما قامت به.