هذا هو الرجل الذي أدخل "اللغة العربية" إلى حواسيبنا

هذا هو الرجل الذي أدخل "اللغة العربية" إلى حواسيبنا

12 أكتوبر 2016
علي الأعسم متوسطاً فريق عمله عام 1990 (العربي الجديد)
+ الخط -
أدخل المهندس علي الأعسم اللغة العربية إلى حواسيبنا، بعد أن أدرك مبكراً أهمية الثورة التقنية القادمة في عالم التكنولوجيا والاتصالات من خلال استخدامه تقنية الليزر ثم الألياف الضوئية في بحث الدكتوراه في كلية "إمبريال كولدج" بجامعة لندن عام 1980. أفاد الأعسم "العربي الجديد" بأنّ "فكرة تطوير أول نظام عربي على الحواسيب أتت أثناء إكمالي رسالة الدكتوراه، وكنت أدرّس مهندساً في شركة "آي بي إم" للصيانة برمجة حاسوب IBM 360 الذي اعتبر طفرة كبيرة في هندسة الحواسيب حينها".
وأضاف: "كنت أستعمل جهاز AppleII وهو أول جهاز احتوى على معالج صغير، فخطرت لي فكرة أن أجعل الحاسوب يتكلم اللغة العربية للتسلية، ثم تباحثت مع زملاء لتحويلها إلى عمل نظام كامل لعرض العربية والإنكليزية والبرمجة العربية وهذا كان التطبيق الأول لشركة ديوان". وتعدّ "ديوان" أول تعاونية غير ربحية للبرمجة في العالم العربي، وأسسها الأعسم في 1981.
وتعاون مع شركة "آبل" لتوزيعه في العالم العربي حتى ظهور حاسوب الماكنتوش عام 1984، ونوّه الأعسم بدور الدكتور الراحل، غسان كبة، في إرشاده الى أحسن طرق التعامل مع عرض النصوص العربية والإنكليزية في آن واحد.
وحول تصميم الحروف العربية، شرح الأعسم أن تقنية العرض في بداية 1981 على الشاشة كانت محدودة، فكان لا يتعدى حجم أي حرف 8*16 نقطة، مشيراً إلى أن الخطاط العراقي الراحل، محمد سعيد الصكار، ساعده في تصميمها، واستمرت شراكته مع الصكار سنين طويلة، استطاعا خلالها تصميم العديد من الخطوط العربية، عبر تقنية "البوست سكريبت" المتقدمة منذ 1984.
ولفت إلى أنه أدخل الحروف العربية على حواسيب AppleII والطابعات الرقمية Dot-matrix أولاً، مثلما فعل مطورون آخرون كالمهندس سالم الحسون. بعد ظهور طابعات الليزر الصغيرة، برمجها لطباعة الوثائق، وعرض العمل في محاضرة بمعرض "جايتكس" في دبي حينها، قائلاً: "أعتقد أنها كانت أول محاولة لطبع العربية على طابعات الليزر".
وأضاف أن "آبل" التي كانت منشغلة بتطوير برنامج وحاسوب "الماكنتوش"، دعته لزيارة مقرها، لمساعدتها في تطوير العربية، وزار أيضاً شركة "أدوبي"، وقرر استخدام لغة "بوستكريبت" لتصميم حوالي أربعة أنواع من الحروف العربية الكلاسيكية مثل "ياقوت" و"لوتس"، وساعده زملاؤه لتوسع "ديوان" في الإنجاز التقني للخطوط، واتفقوا مع آبل في 1984 على إدخال الخطوط ضمن نظامها الأساسي، وتستخدمها الشركة حتى اليوم، وفقاً له.
وعن تطوير اللغة العربية في الحواسيب وطابعات الليزر، أكدّ أنه بين عامي 81-84، أنجزوا برامج معالجة النصوص مع حروف بدائية عربية وجربوها على طابعات الليزر، لكن "لم نكن سعيدين بنوعية الإنتاج، ومع وصول الماكنتوش من آبل والبوستكريبت ظهرت لأول مرة إمكانية توفير النشر المكتبي العالي النوعية للجميع"، وأضاف: "أثناء عملي مع آبل على نظام العربية للماكنتوش اتفقت أن تقوم شركة ديوان بتطوير الحروف العربية، وتساعدنا آبل في تسويق نظام النشر المكتبي".





لم يكتف الأعسم بإدخال اللغة العربية إلى الحواسيب، بل ابتكر "الناشر المكتبي" الذي أحدث ثورة في الشرق الأوسط، فاستخدمه الآلاف، وتبعه "الناشر الصحفي" وغيرها. وقال الأعسم إن "الناشر المكتبي دورة من الثورة المرادفة للصحافة العربية، فقمنا بإعادة إصدار صحيفة الحياة من لندن وطبعها في عواصم عربية عدة".
وأضاف: "لم تكن التقنية متوفرة للصحافة الإنكليزية أو العربية، فقبلنا تحدي تطوير الناشر المكتبي لهذا الغرض، وشكل صدور الحياة في 1987 سبقاً تقنياً في بريطانيا، والأمر موثق بمقابلات ومقالات عدة". بعد "الحياة"، انتقل الأعسم إلى صحيفة "الشرق الأوسط" لاستخدام الناشر المكتبي، ثم "الأهرام" ومعظم الصحف. كما طور أنظمة متقدمة لاستقبال الأخبار والصور، واستخدمتها معظم الصحف العربية وعشرات الصحف الأوروبية.
وقال: "مساهمتنا الأساسية كانت في النشر المكتبي، وكان المفكر الراحل إبراهيم علاوي الدافع الرئيسي لتأسيس "ديوان" وكان معنا المهندس هاني لازم الذي كان رئيس قسم الإسناد الفني في ديوان، كما ساهم مساهمات مهمة في الإدارة سامي الرمضاني وفي الإسناد الدكتور غسان كبة وجعفر السامرائي وفي البرمجة عادل علاوي وغيرهم".
وحول الإخفاقات، شرح الأعسم: "لا بد من الصراحة لخدمة من سيتبعنا، في "ديوان" أسسنا تعاونية علمية خلقت ثورة النشر المكتبي وتقنيات هائلة ونجحت تجارياً، لكن قواعد العمل التعاوني لم تكن واضحة ولم نستفد من تجارب عالمية مماثلة، مما أدى إلى تعثرها بعد 10 سنوات، فأسسنا شركة "نولدج" وقمنا باستثمارات هائلة، وإنجازات تقنية في مجال النشر، لكن كمشروع تجاري لم ننجح في جلب الاستثمارات الكبيرة".
تطرق الأعسم إلى الطموحات المستقبلية، وأفاد أنه يحضر مشاريع كثيرة، أهمها في مجال شبكات التواصل الاجتماعي، لأن "هذا ما يحتاجه العالم العربي في الوقت الحاضر لتشجيع الفكر العلمي للتقدم التقني والاجتماعي، وكي يكون لنا موطئ قدم في تقنيات الإنترنت الحديثة، إذ يجب أن يخلق العالم العربي شبكاته الخاصة".
وأشار إلى "تجربة ميدان قطر المتواضعة التي أطلقناها مع وكالة الأنباء القطرية عام 2015 بمبادرة المدير التقني للوكالة المهندس، خالد المطوع، وأعطتنا دروساً مهمة نستفيد منها".