الإعلام خاسراً أكبر في معركة الرئاسة الأميركية

الإعلام خاسراً أكبر في معركة الرئاسة الأميركية

10 نوفمبر 2016
أغلب الصحف أيدت كلينتون (وين ماكنيمي/Getty)
+ الخط -
تنقسم الولايات المتحدة اليوم حول الرئيس الجديد دونالد ترامب، بعد فوزه "غير المتوقع" بالنسبة لكثيرين في الانتخابات التي أجريت في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني. وبينما ينظر أغلب المراقبين في العالم العربي للموضوع ككارثة وخسارة كبيرة، لما صدر عن ترامب سابقاً من تصريحات عنصرية، وذكورية، وإسلاموفوبيّة، ينظر البعض الآخر له كـ "أكثر رئيس أميركي صريح"، على اعتبار أنّ الرؤساء السابقين كانوا يكذبون حول سياستهم الخارجيّة تحديداً، ويعدون بالسلام بينما يقتلون مدنيين ولا يفون بوعودهم للشعوب.

لكنّ الحال أنّ الإعلام الأميركي هو أكبر الخاسرين وأكثر المصعوقين بنتائج هذه الانتخابات. وبالرغم من الأرباح الكثيفة التي حققتها بعض وسائل الإعلام، والآتية من الإعلانات التي بُثّت في تغطية الانتخابات بأسعار عالية، إلا أنّ تأثير هذه الوسائل تلقّى صدمةً ستحتاج كلّ منصّة إلى دراستها لمعرفة كيفيّة تخطّيها.

فقد أثبت الشعب الأميركي، أنّه بات أقل تأثّراً برأي الإعلام، بالرغم من المتابعة العالية التي يحظى بها. إذ أيّد الإعلام الأميركي بأغلبه المرشحة الخاسرة، الديمقراطية هيلاري كلينتون، للرئاسة. وقبل أسبوع من إجراء الانتخابات، حازت كلينتون على تأييد حوالى 200 صحيفة يومية، بينما حصل ترامب على أقل من 10.
هذه النتائج، تأتي لتؤكّد دراسة قامت بها مؤسسة "بيو" للأبحاث عام 2011، أي قبيل انتخاب
الرئيس السابق باراك أوباما لولايته الثانية، وأظهرت أنّ 7 من أصل 10 أميركيين لا يكترثون لدعم الصحف لأي من المرشحين.
النتيجة أيضاً تأتي في صالح قناة "فوكس نيوز"، والتي دأبت منذ بداية الحملات الانتخابية على دعم ترامب في خطواته وتصريحاته. واستضافت القناة ترامب بمعدلات أعلى بكثير من منافسيه، بينما كان مذيعوها واضحين في الإثناء على تصريحاته العنصرية والإسلاموفوبيّة، زاعمين أنّها تعبّر عن رأي حقيقي.
بالرغم من ذلك، إلا أنّ حديث مستخدمي وسائل التواصل عن تغطية القناة تركّز على شعر المذيعة ميغن كيلي، والتي شبّه المستخدمون تسريحتها بشَعر كلير أندروود، وهي شخصية في مسلسل "هاوس أوف كاردز" الذي يحاكي السياسة في البيت الأبيض.
أما بالنسبة لقناة "سي إن إن"، فبينما يعتبرها مشاهدون الأكثر موضوعيّة في نقل النتائج وعدم التسرّع، إلا أنّ عدداً كبيراً منهم أبدى انزعاجه من التغطية المباشرة المسائيّة والمترقّبة لنتائج الانتخابات. إذ غرّد أميركيون كثيرون عن المذيع الشهير وولف بليتزر، معتبرين أنّه تعامل مع الانتخابات كسباق أحصنة، وأنّه "تكلّم كثيراً"، بينما هُم أصلاً متوتّرون، ما زاد حدّة ذلك التوّتر، على حد تعبيرهم.



أمّا من الناحية الحقوقيّة، فيُنبئ عهد ترامب بمأساة عامّة على الصحافيين، إذ كان أوّل مرشح
للرئاسة الأميركيّة يمنع أكثر من 12 وسيلة إعلاميّة من تغطية حملاته. كما تعرّض صحافيون ومصوّرون لإهانات وضرب وشتائم في تغطيتهم لحملته. هذا عدا عن توجيهه مئات التغريدات المسيئة للصحافيين ووسائل الإعلام بشكلٍ عام، والتي وصل عددها إلى أكثر من 70 اسماً لصحافي وكاتب وإعلامي، وأكثر من 23 مؤسسة إعلامية، بحسب إحصاء لصحيفة "نيويورك تايمز" أواخر الشهر الماضي.

على صعيد متّصل، أظهرت منصّات التواصل الاجتماعي قدرةً كبيرة على مزاحمة وسائل الإعلام التقليديّة في تغطية الانتخابات الأميركيّة. فقد خصّص موقع "تويتر" 4 وسوم رسميّة للتغريد عن الانتخابات، كما أجرى نقلاً مباشراً على الموقع بالاشتراك مع موقع "باز فيد". وبحسب "يو إس آي توداي"، وصل عدد التغريدات عن الاقتراع منذ بداية اليوم الانتخابي حتى التاسعة مساءً بتوقيت واشنطن إلى أكثر من 35 مليون تغريدة، ما دفع الموقع إلى تصنيفه كأكبر الرابحين في الانتخابات.
أما "فيسبوك"، فقد تعاون مع 50 مؤسسة صحافية لإجراء نقل مباشر لليوم الانتخابي والنتائج، بينما تصدّرت عمليات البحث والكتابة عن الانتخابات الأميركية، المواضيع التي تم الحديث عنها منذ صباح الثلاثاء.
"غوغل" من جهته، أجرى نقلاً مباشراً لنتائج الانتخابات لحظة بلحظة على الموقع، فكان سريعاً وبسيطاً لأي متابع حول العالم. كما كان الموقع بمثابة ملجأ للذين يريدون متابعة النتائج من دون سماع التحليلات الكثيفة التي غطّت الشاشات.