"تيليغرام" في مواجهة السلطات الروسية والإيرانية: من ينتصر؟

"تيليغرام" في مواجهة السلطات الروسية والإيرانية: من ينتصر؟

20 ابريل 2018
مؤسس "تيليغرام" بافيل دوروف (مانويل بلوندو/كوربس)
+ الخط -
يجذب تطبيق المراسلات "تيليغرام" أكثر من مائتي مليون مستخدم نشط حول العالم، ويتركز أكثر من 14 مليون منهم في روسيا (نحو 7 في المائة من إجمالي المستخدمين)، وأكثر من 40 مليون مستخدم يقيمون في إيران (نحو 20 في المائة من إجمالي المستخدمين)، حيث حظرت السلطات التطبيق، ما يهدّد بخسارة نحو ربع المستخدمين حول العالم، فهل يخضع المؤسس بافيل دوروف للسلطات، في محاولة لإنقاذ "تيليغرام" أم يواصل المقاومة محافظاً على ثقة جمهوره؟

لا يُحسد دوروف على موقفه نهائياً في الفترة الأخيرة، ومجرد الاطلاع على عدد المستخدمين في روسيا وإيران، حيث يواجه التطبيق حملة قمع واسعة من السلطات، يعكس حجم سوء الموقف وخطورته على قاعدة "تيليغرام" الشعبية وأرباحه وبالتالي وجوده أصلاً.

واللافت أن الأصوات الداعمة لدوروف محدودة، وتقتصر حتى اللحظة على الموظف السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، إدوارد سنودن، الذي انتقد طلب الحكومة الروسية  "الاستبدادي"، واصفاً موقف دوروف بـ "الأخلاقي" و"القيادي". دعم سنودن العلني لدوروف قد تنجم عنه خسارة ود الكرملين، وقد يهدد وضعه الحالي، علماً أنه فرّ من الولايات المتحدة إلى روسيا عام 2013.



هذه المحدودية في الدعم سببها اتهامات عدة واجهها التطبيق، في السنوات الأخيرة، بإيواء المحتوى الإرهابي وتحوله إلى "ملاذ للبيدوفيليين". إذ يبدو أن ميزة التطبيق الأهم، أي سريته وخصوصيته، جذبت الجماعات الإرهابية إليه، خاصة بعد الضغوط التي واجهتها هذه الجماعات الإرهابية، مثل تنظيم "داعش"، على المنصات الأكبر، كـ "فيسبوك" و"تويتر".

ولم تكتف هذه الجماعات باستغلال التطبيق لنشر دعايتها، بل إن تنظيم "داعش" مثلاً استخدم "تيليغرام" لإقامة المزادات لبيع النساء الأيزيديات عبر الإنترنت، وفق ما كشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة، في 2016.

وتتحجج السلطات الروسية بالإرهاب في حظر "تيليغرام"، في إشارة إلى أن الإرهابيين استخدموه في تدبير التفجير الذي استهدف مترو الأنفاق في مدينة سانت بطرسبرغ، في إبريل/نيسان عام 2017، وأودى بحياة 16 شخصاً. لكنها في محاولة منها لحجب التطبيق، تنفيذاً لقرار القضاء، أقدمت هيئة الرقابة الروسية "روس كوم نادزور" على حجب نحو 20 مليون عنوان بروتوكول إنترنت (آي بي)، في ما يعتبر أكبر عملية حجب تقودها الرقابة الروسية.

ومع ذلك، أدت هذه الإجراءات الحازمة إلى خفض توفر التطبيق بالهواتف الذكية بنسبة 30 في المائة فقط، ناهيك عن حجب عشوائي لمواقع لا علاقة لها بـ "تيليغرام"، كما واجه نحو 15 في المائة من مستخدمي تطبيق "فايبر" في روسيا، مشكلات في إجراء اتصالات صوتية.

ولما كان المسؤولون الروس أنفسهم يعتمدون على "تيليغرام" بشكل كبير في مراسلاتهم، بدأ بعضهم البحث عن تطبيق بديل لمواصلة عملهم. وقرر الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، على سبيل المثال، إجراء مؤتمراته الصحافية بواسطة برنامج "آي سي كيو".



في سياق متصل، لوّح رئيس "روس كوم نادزور"، ألكسندر غاروف، بإمكانية حجب موقع (فيسبوك) ما لم يلتزم بقانون حفظ البيانات الشخصية للمواطنين الروس بخوادم داخل روسيا قبل نهاية العام.

في إيران، تتبع السلطات النهج نفسه، إذ تتحجج بمكافحة الفوضى والشغب في البلاد لحظر "تيليغرام"، بينما تفرض في الحقيقة مزيداً من القيود على حرية التعبير. وأعلن المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، عن إغلاق قناته على "تيليغرام"، قبل أيام، وتبعه في ذلك مسؤولون إيرانيون.

خطوتهم هذه جاءت بعد إعلان رئيس لجنة الأمن القومي، علاء الدين بروجردي، أن المعنيين اتخذوا قرارا بحظر "تيليغرام" في إيران، والاستعاضة عنه بتطبيقات محلية، في مارس/آذار الماضي.

يُشار إلى أن الإيرانيين لجأوا إلى "تيليغرام"، بعد حظر تطبيق التراسل "فايبر"، وسُوّق للتطبيق باعتباره "آمناً"، فحصد شعبية واسعة بين الإيرانيين المتخوفين من الرقابة. نحو 40 مليون إيراني يستخدمون "تيليغرام"، أي حوالي نصف إجمالي عدد السكان. وهو المنصة الأساسية التي اعتمد عليها المواطنون في تنظيم الاحتجاجات الشعبية الأخيرة. ويُقال إن الدعوة إلى التظاهرة الأولى، في مدينة مشهد، نُشرت على نطاق واسع، على القنوات العامة على التطبيق.
إلا أن دوروف أبدى نوعاً من الإذعان لطلبات السلطات الإيرانية، على عكس روسيا. إذ خلال الاحتجاجات وجّه وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، محمد جواد آذري جهرمي، تغريدة إلى دوروف، مطالباً الشركة بإيقاف قناة "تشجع على الكراهية واستخدام قنابل المولوتوف والانتفاضة المسلحة والاضطرابات الاجتماعية". وردّ دوروف، منوهاً بسياسات "تيليغرام". وبعد ساعات عدة، علق قناة "أمد نيوز".



المساهمون