المهاجرون العراقيون صوت المتظاهرين في غياب الإنترنت

بعد قطع الانترنت في العراق... عراقيو الخارج يتولّون مهمة إيصال صورة الداخل

07 أكتوبر 2019
متظاهر في بغداد (أحمد الرباعي/ فرانس برس)
+ الخط -
لم يكن قطع الحكومة العراقية شبكة الإنترنت مفاجئاً. فالخطوة نفسها تكرّرت في كل الدول العربية التي شهدت احتجاجات وثورات منذ عام 2011 حتى اليوم. لكن في العراق، هبّ العراقيون المهاجرون في مختلف دول العالم، وعددهم التقريبي 6 ملايين شخص، إلى خلق حركة متضامنة مع مواطنيهم في الداخل العراقي على مواقع التواصل الاجتماعي، ناشرين فيديوهات وصوراً لقمع التظاهرات. كذلك قاموا بنشر شهادات شفهية لمواطنين حول حقيقة ما يجري هناك. ونتيجة لهذا التضامن، يتعرّض هؤلاء لحملة تهديدات كبيرة من قبل جيوش إلكترونية وحسابات معادية لهذا الحراك الشعبي. 

ومع ارتفاع أعداد المحتجين ــ التي ازدادت طردياً مع ازدياد القمع بالقوة وتواصل سقوط قتلى وجرحى ــ كانت مواقع التواصل الاجتماعي تؤدّي دوراً كبيراً في مساندة المحتجّين، خصوصاً أن الصور ومقاطع الفيديو التي توثق الاحتجاجات واعتداءات القوات الأمنية كانت تصل بشكل مباشر من موقع الحدث، وتتناقلها مواقع التواصل لتزيد من وقوف العراقيين في الخارج مع المحتجين. وعبر "تويتر" أخذ عراقيون يقيمون في خارج البلاد يغرّدون بلغات مختلفة عن الاحتجاجات العراقية، متوجّهين إلى الرأي العام العالمي لمساندة المتظاهرين.

يقول يوسف السلماني، المقيم في تركيا، إنه منذ أن حظرت الحكومة العراقية الإنترنت عن البلاد نشط في نشر معلومات وصور ومقاطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي توثّق "الانتهاكات الحكومية بحق المحتجين". ويضيف في حديث لـ"العربي الجديد" أن "علاقتي بمواقع التواصل الاجتماعي ضعيفة، لكن استهداف أبناء شعبي دفعني إلى مساندتهم، خصوصاً بعدما منعوهم من التواصل مع العالم وإيصال الحقيقة عبر حظر الإنترنت عنهم". ويتابع: "أنا أتحدّث إلى جانب لغتي العربية اللغات الإنكليزية والتركية والروسية، فرحت أنشر ما يجري من انتهاكات في مواقع التواصل بهذه اللغات، وبلغات أخرى مستعيناً بقاموس الترجمة"، مشدداً على أنه يشعر: "أنها مسؤوليتي أن أنصر أبناء شعبي، فالحكومة تضطهد وتعامل المتظاهرين بقسوة فظيعة".

من جهة أخرى شهدت دول عدة وقفات احتجاجية لمغتربين عراقيين، يوصلون من خلالها أصوات المحتجين وما يتعرضون له من انتهاكات إلى دول العالم، فضلاً عن مشاركة كثيرين في برامج تلفزيونية للحديث عن الاحتجاجات.

مثلاً شاركت الصحافية العراقية أفراح شوقي المغتربة في فرنسا، يوم الخميس الماضي، في برنامج حواري على قناة "فرانس 24"، "ومن خلال ظهوري على هذه المحطة التلفزيونية المهمة سعيت لإيصال وجهات نظر المحتجين وكشف حجم الجريمة التي ارتكبت بحقهم" تقول في حديثها مع "العربي الجديد".

شوقي التي سبق أن تعرضت للخطف في العراق بسبب مقالاتها التي تكشف عن حجم الانتهاكات التي ترتكبها الجهات الحكومية والمليشيات بحق المواطنين، تنشر حالياً بشكل مكثف على منصات التواصل الاجتماعي كل ما يحصل في بلادها. وتشير إلى أنّه "بعد الحصول على موافقة رسمية سنقيم وقفة تضامنية أمام قوس النصر في العاصمة باريس، لنصرة المحتجين في الداخل، سيشارك فيها أكبر عدد من العراقيين في فرنسا".


أما المعارض السياسي أزهر الجميلي، المقيم في النرويج، فيعمل على التواصل مع جهات حقوقية دولية. ويقول لـ"العربي الجديد" إن التنسيقيات الموجود داخل وخارج العراق من المعارضة وغيرها بدأت تضغط على الحكومات الغربية من أجل إنقاذ العراق. ويقول: "بعثنا رسائل للأمم المتحدة والصليب الأحمر نبلغهم باستمرار ارتفاع أعداد الضحايا التي وصلت إلى أكثر من 100 شهيد ما يزيد عن ألفي مصاب".

من جهته يقول المصور الصحافي العراقي المعروف سمير مزبان، المقيم في السويد، إنه ومجموعة من الصحافيين والناشطين تحولوا إلى أشبه بـ"وكالة إعلام" لنقل صورة ما يجري في داخل البلاد من احتجاجات إلى الخارج.

ويوضح مزبان لـ"العربي الجديد": "دورنا كمغتربين عراقيين في السويد ينقسم إلى جزأين، أولاً تنظيم وقفات واحتجاجات لدعم المحتجين، وثانياً بدأنا العمل على شكل مجموعات على "واتساب" نستقبل ونبث الأخبار والصور المتعلقة بالاحتجاجات"، مشيراً إلى أن المجموعة التي أنشأوها على الواتساب أطلقوا عليها اسم "دعم المظاهرات في العراق"، وهي بحسب قوله توفر أكبر حجم من المعلومات التي تبث من المحتجين لمواجهة ضعف التغطية بسبب قطع الإنترنت، مبيناً أن "أكثر من 300 شخص مشتركون في هذه المجموعة التي تحولت إلى وكالة أنباء مصغرة أو أشبه بغرفة عمليات".