العائلات السياسية تحتكر ملكية الإعلام اللبناني

العائلات السياسية تحتكر ملكية الإعلام اللبناني

06 ديسمبر 2018
4 شركات تستحوذ على قطاع المطبوعات (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

أطلقت منظمة "مراسلون بلا حدود" و"مركز سكايز للدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية" في "مؤسسة سمير قصير"، في بيروت، اليوم الخميس، مشروع "مرصد ملكية وسائل الإعلام في لبنان" الذي وثق تلاصق المؤسسات الإعلامية مع القوى السياسية المحلية والأجنبية، فضلاً عن طابعها العائلي.

وسلّط المشروع الضوء على السوق الإعلامي اللبناني الذي يخضع لسيطرة عدد محدود من أصحاب الوسائل الإعلامية ذوي الارتباطات السياسية العميقة، عبر أحزاب أو عائلات سياسية، ما يهدد التعددية الإعلامية في البلاد، وفقاً للبيان الصحافي الصادر عن المشروع.

وحول السيطرة العائلية، أفاد "مرصد ملكية وسائل الإعلام" أن الشركات التلفزيونية الأربع الأولى، وهي "المؤسسة اللبنانية للإرسال إنترناسيونال" LBCI، و"الجديد"، وإم تي في" MTV، و"اللبنانية للإعلام" OTV، تستحوذ على متابعة 8 من أصل 10 مشاهدين تقريباً. وهي مملوكة على التوالي من عائلات الضاهر-سعد، وخياط، وعون، وغبريال المر.

أما في قطاع المطبوعات، فتستحوذ الشركات الأربع الأولى وهي "شركة الجمهورية نيوز كورب" وشركة "النهار"، وشركة "أخبار بيروت"، وشركة "النهضة" (ناشرة صحيفة الديار)، على نسبة مشابهة من القراء تبلغ 77.9 في المائة. ويتمثل المساهمون الأساسيون في هذه الشركات بكل من ميشال إلياس المر، وعائلتي الحريري وتويني، وإبراهيم الأمين، وشارل أيوب على التوالي.

المعدل الأعلى للتسييس

مقارنة بمراصد ملكية وسائل الإعلام في البلدان الـ 16 المشمولة في المشروع (ألبانيا والبرازيل وكولومبيا وكمبوديا وغانا والمكسيك ومنغوليا والمغرب والبيرو والفيليبين وصربيا وسريلانكا وتنزانيا وتونس وتركيا وأوكرانيا)، يُظهر لبنان المعدل الأعلى للتسييس بوجود 29 وسيلة إعلامية من بين 37 وسيلة مشمولة في الدراسة (78.4 في المائة) تعود ملكيتها المباشرة إمّا إلى الدولة أم إلى نواب أو وزراء أو مرشحين نيابيين حاليين أو سابقين أو أحزاب سياسية.

تغطي وسائل الإعلام المسيّسة النسبة الكاملة للمشاهدة التلفزيونية، ونسبة 93.5 في المائة من قراء المطبوعات، ونسبة 79.3 في المائة من مستمعي الإذاعات. كما تعود ملكية أكثر المنصات الإخبارية الإلكترونية إلى أحزاب سياسية ما يفاقم من خطر التسييس والاستقطاب.

ولا يتضمن القانون اللبناني أي أحكام خاصة بتضارب المصالح التي من شأنها أن تمنع الشخصيات الحكومية والنواب أو أفراد عائلاتهم من امتلاك حصص في المؤسسات الإعلامية. ولا يوجد ما يُجبر أصحاب وسائل الإعلام على الكشف عن ارتباطاتهم السياسية مثلًا في السجل التجاري التابع لوزارة العدل.

"نظام الملل السياسية"

يتضمن قطاع البث (التلفزيوني والإذاعي) قيوداً قانونية تحدّ من احتكار ملكية وسائل الإعلام، إلا أن قطاع الإعلام عموماً يبقى حكراً على العائلات السياسية إلى حد كبير. وفي سياق البحث، وجد فريق مشروع "مرصد ملكية وسائل الإعلام" أن 12 عائلة بارزة، على الأقل، منخرطة في قطاع الإعلام.

إذ تملك عائلة الحريري أسهماً في وسائل إعلامية عدة، وهي الوحيدة التي تملك حصصاً في القطاعات الإعلامية الأربعة (المطبوعات والإعلام الإلكتروني والإذاعة والتلفزيون). ويمثّل جميع الوسائل التي تشترك العائلة في ملكيتها ما لا يقل عن 29.6 في المائة من قراء المطبوعات المتداولة في لبنان (صحف المستقبل وذا دايلي ستار والنهار)، و7.7 في المائة من نسب الاستماع الإذاعي (إذاعة الشرق) و7.8 في المائة من نسب المشاهدة التلفزيونية (تلفزيون المستقبل). ويبرز 4 مالكين آخرين لوسائل إعلامية في أكثر من قطاع إعلامي واحد.

نتيجة لذلك، يسيّر قطاع الإعلام وفقًا للمصالح العائلية والسياسية. وتضم 43 في المائة من وسائل الإعلام المشمولة في عينة المشروع كحد أدنى أحد أفراد العائلات الـ12 التالية بين مالكيها أو في مجالس إدارتها أو في الاثنين معاً: عون، والضاهر-سعد، وإده، وفارس، والحريري، وخياط، والخازن، وميقاتي، والمر، وفرعون، وسلام، وتويني.

كما أن أكثر من ثلث هذه الوسائل مملوك مباشرة من عائلة واحدة من هذه العائلات.


ألاعيب الشفافية وحيل قانونية

على الرغم من أن الشفافية واجب قانوني على جميع وسائل الإعلام اللبنانية المسجلة كشركات، إلا أن معظم المعلومات المتوفرة علنياً متقادم. كما أنه من السهل الالتفاف على الأحكام القانونية الموجودة ما يوفر دليلًا آخر على أن إنفاذ القانون يتوقف عند حدود السياسيين المتنفذين. 

كما خلص فريق "مرصد ملكية وسائل الإعلام" إلى أن بعض الوسائل يعمل خارج نطاق القانون وأن البعض يتجاهل مجموعة من القيود التي يفرضها قانون الإعلام المرئي والمسموع لسنة 1994، أو يقوم بعض أصحاب وسائل الإعلام في قطاع البث والإرسال بانتهاكها بوضوح، وأن أكثر من 60 وسيلة سياسية مطبوعة لا تزال محتفظة بامتيازاتها على الرغم من أنها توقفت عن الطباعة والنشر منذ سنوات. 

وفي هكذا سياق حيث معظم أصحاب وسائل الإعلام الذين شملهم المشروع هم من السياسيين الممثلين حالياً أو سابقاً في السلطتين التنفيذية والتشريعية، تصبح المساءلة ضرباً من ضروب الخيال لأنهم يضطلعون بدور الحكم والطرف في الوقت نفسه.

المساهمون