أوروبا تتمرد على "غوغل"... هل تنجح؟

أوروبا تتمرد على "غوغل"... هل تنجح؟

22 يوليو 2018
غرامة "غوغل" هي الأعلى في تاريخ الاتحاد الأوروبي(ماركو تاكّا/Getty)
+ الخط -
فرضت المفوضية الأوروبية غرامة قياسية قيمتها 4.3 مليارات يورو (خمسة مليارات دولار) على شركة "غوغل" الأميركية بتهمة الاحتكار في ملف نظام تشغيل الهواتف المحمولة "أندرويد"، الأمر الذي قد يؤدي إلى مزيد من تدهور العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية. وتبلغ قيمة الغرامات الأوروبية كلها المفروضة على الشركة الأميركية حتى الآن حوالي 7 مليارات يورو (نحو 8 مليارات دولار).

تحقيقات طويلة

بعد ثلاث سنوات من التحقيقات، فرضت المفوضية الأوروبية الغرامة المذكورة أعلاه على "غوغل"، وهي أعلى غرامة في تاريخ الاتحاد الأوروبي، لإساءة استغلال مركزها المهيمن في سوق محركات البحث على الإنترنت. ويلقي الجهاز التنفيذي الأوروبي باللوم على "غوغل" لفرضه قيوداً غير قانونية على شركات تصنيع الهواتف المحمولة لاستخدام نظام تشغيل "أندرويد" المجاني.

وكما يفسر لـ "العربي الجديد"، الخبير في الشؤون الاقتصادية، فانسان جيوريس، فإن "ملف شركة غوغل على رأس اهتمامات المحققين الأوروبيين في شؤون المنافسة منذ حوالي ثماني سنوات بسبب محرك البحث الخاص بها. والعام الماضي، تم تغريمها مبلغ 2.4 مليار يورو بسبب تفضيلها أداتها لمقارنة الأسعار (غوغل شوبينغ) على حساب خدمات منافسة لها. ويوجد حالياً ملف آخر ضد الشركة حول خدماتها الإعلانية".

وقد حققت المفوضية حول الكيفية التي فرضت عن طريقها الشركة تثبيت تطبيقات "غوغل سيرش" و"كروم" مسبقًا بواسطة شركات تصنيع الهواتف المحمولة في حال أرادت استخدام نظام "أندرويد". وقالت المفوضة الأوروبية المكلفة بملف المنافسة، مارغريت فيستاغر، إن "غوغل استخدمت ممارسات غير قانونية لتعزيز موقعها المهيمن في البحث على الإنترنت". وأضافت فيستاغر: "تحقق غوغل كل عام إيرادات تزيد على 95 مليار دولار من الإعلانات التي تظهرها وينقر عليها مستخدمو محرك البحث غوغل. وجزء كبير من هذه العائدات يعود إلى ارتفاع استعمال أجهزة الهاتف المحمولة".

وتتهم المفوضية شركة "غوغل" بأنها تمنع المصنعين من بيع الهواتف المحمولة الذكية التي تعمل بأنظمة تشغيل مفتوحة، إضافة إلى منح حوافز مالية للمصنعين ومشغلي الهواتف شرط أن يقوموا بتثبيت محرك البحث "غوغل" بشكل مسبق على أجهزتهم. وقالت فيستاغر إن "على شركة غوغل وضع حد لممارساتها غير القانونية في مهلة تسعين يوما وإلا واجهت عقوبات مالية تصل إلى خمسة في المائة من متوسط الإيرادات اليومية العالمية لمجموعتها الأم (ألفابت)".



استئناف القرار

أعلنت شركة "غوغل"، كما فعلت سابقاً مع ملف "غوغل شوبينغ"، أنها ستستأنف الغرامة التي فرضتها عليها المفوضية الأوروبية. "نشعر بالقلق من أن قرار اليوم سيقوض التوازن الذي وصلنا إليه مع (أندرويد) ويرسل إشارة مزعجة للأنظمة الاحتكارية على حساب الأنظمة المفتوحة"، كما كتب الرئيس التنفيذي للشركة، ساندر بيتشاي.

واستئناف القرار يفرض على الشركة الأميركية إعداد الـ 4.3 مليارات يورو على شكل ضمان بنكي. وقالت المفوضة الأوروبية المكلفة بملف المنافسة بخصوص غرامة ملف "غوغل شوبينغ" إنه "تم دفع الغرامة – على شكل ضمان بنكي -لكننا لا نستطيع استخدام المال حتى يتم استكمال الاستئناف أمام المحكمة". وأشارت أيضاُ إلى أن "الجشع لم يكن الدافع وراء قرار فرض مثل هذه الغرامة الجديدة"، موضحة "لا نفرض الغرامات لأننا نحتاج إلى المال... العقوبات يتم إعدادها على أساس مدة الانتهاك، ومدى جديتها ورأس مال الشركة". وعارضت المفوضة فكرة تفكيك شركة "غوغل".

"مبلغ الغرامة الذي على (غوغل) إعداده على شكل ضمان بنكي خلال مدة ثلاثة أشهر يبدو مثيراً، ولكنه لن يؤثر على الشركة، إذ يقدر احتياطها النقدي بحوالي 90 مليار يورو"، كما يشير فانسان جيوريس. وينتظر أن يتم تحويل مبلغ الغرامة إلى ميزانيات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بمجرد استنفاذ الدعاوى القضائية التي ستستغرق عامين على الأقل.



حرب تجارية

وتأتي هذه الغرامة القياسية في وقت تشهد فيه العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أزمة حادة. إذ لم يتردد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في اتهام الأوروبيين بأنهم "أعداء". ويشن حربًا تجارية ضدهم عبر فرض ضريبة على الفولاذ (20 في المائة) والألومنيوم (10 في المائة). وكما يقول فانسان جيوريس "ستؤدي الغرامة من دون شك إلى مزيد من تدهور العلاقات بين الاتحاد والولايات المتحدة رغم محاولات الطمأنة من الجانب الأوروبي".

وكانت المفوضة الأوروبية المكلفة بملف المنافسة قد ردت على سؤال حول تأثير هذه الغرامة على اللقاء الذي سيجريه رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، مع الرئيس الأميركي، في واشنطن قريباً، بالقول "أعرف جيداً زملائي الأميركيين، يريدون منا منافسة عادلة فهم أيضا مهتمون باحترام قواعد المنافسة. وقد تحدثنا حول هذا خلال التطرق إلى ملف (غوغل) من قبل. وهم ينتظرون منا أن نؤدي مهمتنا. فنحن هنا لدفع الشركات إلى احترام القواعد لما هو في مصلحة المستهلكين وهو ما يسعى إليه الأميركيون أيضا".

وأضافت "أنا أحب الولايات المتحدة. ولكن ليس لهذه الغرامة علاقة بمشاعري. إذا طبقنا قانون المنافسة، فإننا نفعل ذلك في إطار معين وليس في سياق سياسي". وتجدر الإشارة إلى قرار الاتحاد الأوروبي معاقبة الاحتكار عبر غرامة قياسية لا يحل المشاكل المتعلقة بالبدائل. فشركة غوغل ستظل مهيمنة على مجال واحد على الأقل هو محركات البحث.