كورونا... اختبار لوسائل الإعلام في العالم أيضاً

كورونا... اختبار لوسائل الإعلام في العالم أيضاً

30 مارس 2020
تسريع موت الصحافة؟ (إيفان تيرون/Europa Pres/Getty)
+ الخط -
يطرح فيروس كورونا المستجد، المتفشي في العالم، اختباراً لوسائل الإعلام أيضاً، القطاع الذي يشهد أصلاً أزمة ثقة غير مسبوقة.

يتابع المواطنون الخاضعون للعزل الصحي في بيوتهم في العالم الأنباء باهتمام. وكشف استطلاع أجراه معهد إدلمان، من السادس إلى العاشر من آذار/مارس، أن أكثر من تسعين بالمئة من الإيطاليين واليابانيين والكوريين يطلعون مرة واحدة في اليوم على الأقل على التطورات المرتبطة بالفيروس، وأكثر من نصفهم يقومون بذلك أكثر من مرة يومياً.

وتبقى الصحافة أساسية مع أن شبكات التواصل الاجتماعي كسرت الاحتكار شبه الكامل للأخبار من قبل وسائل الإعلام. فقد أشار استطلاع أجراه معهد إيبسوس لموقع "أكسيوس" الإخباري إلى أنه للاطلاع على التطورات المرتبطة بالفيروس، ما زال نصف الأميركيين يثقون بوسائل الإعلام التقليدية، بينما تثق نسبة أقل بكثير بشبكات التواصل الاجتماعي.

ويمكن أن تشكل هذه الأزمة فرصة لوسائل الإعلام لاستعادة ثقة قرائها. كما أنها فرصة للقراء الذين يخضعون للعزل لاختيار وسائل الإعلام الكبيرة والصغيرة التي يثقون بها. وأكد المؤرخ باتريك إيفينو، رئيس المجلس الفرنسي للأخلاقيات الصحافية، أنها "لحظة مهمة لوسائل الإعلام... لتثبت أنها في خدمة الجمهور أولاً بمعلومات جديرة بالثقة عبر انتقائها".

وقالت مديرة الإعلام في "بي بي سي"، التي تشهد مستويات حضور قياسية، "في إطار الوضع الصحي الطارئ، توفير أنباء جديرة بالثقة ودقيقة أمر حيوي"، مؤكدة أن هذه المؤسسة الإعلامية البريطانية العامة "لديها دور أساسي لتلعبه".

أما ريكاردو كيرشبوم الذي يعمل في "كلارين"، الصحيفة اليومية الأرجنتينية الأوسع انتشاراً، فقال إن "القراء يبحثون عن تحليلات إضافية وخدمات إخبارية وشهادات".

وشهدت الصحيفة ارتفاع عدد متابعيها على الإنترنت، مشيرة إلى أن القراء يذهبون إلى موقعها الإلكتروني مباشرة من دون المرور بشبكات التواصل الاجتماعي. وقال كيرشبوم "إنهم يريدون معرفة ما يحدث في دول أخرى مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا التي يغطي أحداثها مراسلون خاصون بنا". وأطلقت الصحيفة نشرة بريدية يومية تتضمن الأخبار الأساسية حول الوباء.

وقالت مارينا ووكر من "مركز بوليتزر"، المنظمة غير الحكومية الأميركية التي تدعم الصحافة، إنها "ليست مرحلة ملائمة للسبق الصحافي والعمل كالعادة". وأضافت "نحن نواجه جميعاً العدو نفسه. إنها فترة التضامن والعمل في العمق والبرهنة على أننا نكتب لقراء وليس لأجندات سياسية أو لمصالح اقتصادية".

ويدعم "مركز بوليتزر" مالياً مشاريع صحافية تعتمد على التعاون بين هيئات تحرير عديدة لتغطية جوانب منسية للأزمة. وأشار عالم الاجتماع الإيطالي إدواردو نوفيلي، من جامعة روما-3، إلى أن عددا من وسائل الإعلام تباطأت في العمل في بداية ألأزمة.

وكتب في دراسة بعنوان "إنفومود" تتعلق بما نشرته 257 وسيلة إعلام أوروبية على موقع فيسبوك، وجرت بين الأول من كانون الثاني/يناير و14 آذار/مارس، أن "الصحف تأثرت إلى حد كبير بحكوماتها الوطنية التي قللت، في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، من خطورة الأزمة المقبلة".

وعبر الصحافي السابق، الذي أصبح أستاذاً في الاتصالات وعلم الاجتماع، عن أسفه لأن وسائل الإعلام هذه "لم تقم بدورها". ونقل بعضها أخباراً مضللة مثل "ديلي ميل" في بريطانيا التي أوردت فكرة أن الفيروس التقطه شخص تناول حساء خفاش في الصين. وهذه المعلومات تناقلتها صحف صفراء عديدة تعيش على أخبار الإثارة.

ويمكن أن تؤدي هذه الأزمة إلى تسريع هذه المرحلة الانتقالية التي تشهد موت الصحف الورقية. فبينما دخلت فرنسا في العزل، تراجعت مبيعات الصحف بنسبة 24 بالمئة الاثنين 16 آذار/مارس، و31 بالمئة الثلاثاء 17 آذار/مارس، كما ذكرت مجموعة التوزيع "بريستاليس".

وقال المؤرخ باتريك إيفنو إن "الصحف ستموت أو تعيد تجمعها وكل شيء مرهون بمدة الظاهرة". وأضاف "لكن وسائل الإعلام التي تعتبر جديرة بالثقة ستستفيد عبر مضاعفة عدد اشتراكاتها الرقمية".


(فرانس برس)