في الإعلام العراقي: احتراز فردي من كورونا

في الإعلام العراقي: احتراز فردي من كورونا

17 مارس 2020
اتخذت السلطات إجراءات لمنع انتشار الفيروس (محمد سواف/فرانس برس)
+ الخط -
مع تزايد تسجيل حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في العراق وبلوغها، بحسب مصادر ومعلومات وزارة الصحة إلى أكثر من 100 حالة، ووفاة 10 مصابين، تتوجه السلطات العراقية إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات الجديدة ومنها حظر التجوال مع عدد من مدن البلاد، لحماية العاملين في مؤسسات الدولة والمؤسسات الخاصة أيضاً، وبضمنها وسائل الإعلام التي لا تزال تواصل عملها في بغداد ومدن إقليم كردستان. 
واتخذت السلطات في العراق سلسلة قرارات لمنع انتشار فيروس كورونا، ومنها إغلاق قاعات الاحتفالات والمقاهي والمطاعم، وحظر التجمعات الكبيرة بما فيها التظاهرات، وفرض إجراءات مشددة على السفر بين بعض محافظات البلاد، خاصة الجنوبية منها، كالبصرة والنجف وكربلاء، ضمن حزم قرارات اتخذتها، بعد أيام من إيقاف الدوام الرسمي في المدارس والجامعات والمعاهد، ووقف السياحة الدينية، وإغلاق الأماكن المقدسة، فيما فرضت السلطات في إقليم كردستان شمالي العراق حظراً شاملاً للتجوال في أكبر مدينتين، أربيل والسليمانية، بالتزامن مع تسجيل المزيد من حالات الإصابة بالفيروس.
ولم تتخذ كثيرٌ من إدارات بعض المؤسسات الصحافية والإعلامية في بغداد أي إجراءات احترازية لحماية العاملين، فيما تستمر المقابلات المتلفزة واللقاءات التي يقوم بها المراسلون مع المواطنين في الشوارع والحديث عن موضوعات متفرقة بضمنها فيروس "كورونا" الذي لم يأخذ الأهمية الكافية عند كثيرٍ من العراقيين، الذين اعتبروا أنّه "لا يختلف عن مرض الإنفلونزا العادي".

وقال صحافي من بغداد، وهو يعمل في وكالة أنباء محلية، إن "المحررين في الوكالة يواصلون عملهم في مقر العمل، ولم تتخذ الإدارة أي خطوات أو إجراءات بشأن تفشي فيروس "كورونا" في العاصمة العراقية".
وتواصل المؤسسات الإعلامية والصحافية في بغداد عملها، من دون أن تصدر أي إجراءات احترازية، كما يقول أحد الصحافيين العاملين في وكالة أنباء ببغداد، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "العاملين يأخذون انتشار الفيروس على محمل الجد، من خلال توفير الكمامات والمطهرات التي تستخدم لليدين، كما أننا نعقّم الأدوات التي نستخدمها بضمنها أجهزة الكمبيوترات". وأشار إلى أن "الإدارة لم تتدخل ولم تتحدَّث عن أي احتمالية لإصابة أحد العاملين، وهذا الأمر ينطبق على معظم وسائل الإعلام في بغداد، إذ أن الإدارة مهتمة فقط لإنجاز العمل ولا تفكر بحماية الصحافيين والعاملين".
ولفت إلى أن "العاملين في وكالة الأنباء اتفقوا فيما بينهم على ترك العمل، أو الاتفاق مع الإدارة على استكماله من المنازل خلال الأيام المقبلة، وهو أمر يرتبط بما إن كانت أعداد المصابين قد ارتفعت في العراق، فقد نلجأ إلى حماية أنفسنا وعدم الخروج من المنازل، سواءً وافقت إدارة المؤسسة أم لا".
ومنذ بدء تفشي "كورونا" في المناطق المحيطة بالعراق، اتخذت إدارة موقع "ناس" الإخباري، جملةً من الإجراءات، تحسباً من انتشار الفيروس بين الموظفين، عبر حملة لتعقيم مقر المؤسسة وجميع المكاتب، إضافة إلى توفير المستلزمات الطبية والمواد المطهرة، بحسب عمر الشمري، وهو سكرتير تحرير في موقع "ناس" الإخباري المحلي.
وأضاف في اتصالٍ مع "العربي الجديد": "عقدنا عدة اجتماعات للتداول في طبيعة الإجراءات، وضرورة الالتزام بها، وهو ما تم بالفعل، من حيث ارتداء القفازات والامتناع عن التقبيل والمصافحة، والاستعاضة عنها، بالإيماءات وغيرها، وتعقيم المكتب يومياً وغير ذلك"، مشيراً إلى أن "تفشي الفيروس أثر على عمل الصحافيين من حيث الانتقال في ظل حظر التجوال، والإجراءات المشددة حيال ذلك، فضلاً عن حالة الإرباك العام، التي أصيب بها المجتمع".
أما بشأن الأخبار الكاذبة عن الفيروس، فقد أكد الشمري أنها "لا تقتصر على عدد الوفيات والمصابين وأعداد المحجور عليهم، بل تتمدد إلى طبيعة التعاطي مع الفيروس، والمعلومات المغلوطة بشأن الوقاية منه، مثل استخدام الأدوية الشعبية والعلاج البديل، وغير ذلك، ولكن نسعى إلى استخدام البيانات، والإحصاءات الرسمية، إضافة إلى المصادر الخاصة والموثوقة، لمواجهة الذعر الشعبي جراء كثرة الأخبار وتضاربها أحياناً".
وبخصوص عمل الصحافيين من المنازل خلال الفترة الحالية، فقد أشار إلى أنه "ضرورة فرضتها الحالة الجارية، والمسؤولية الصحافية تحتم البقاء والمواجهة في مثل تلك الظروف، والعمل بالطرق التي توفر السلامة الكاملة للعاملين، لذلك اتخذنا سلسلة من الإجراءات ومنها تجهيز الحواسيب بالبرامج والأدوات اللازمة، فلا بد من الاستمرار بالعمل بشرط الموازنة مع حفظ النفس".

من جهته، قال عضو النقابة الوطنية للصحافيين العراقيين حيدر ميثم، إن "فقر الإجراءات الاحترازية الوقائية في وباء "كورونا" في المؤسسات الإعلامية، وأغلب المؤسسات الحكومية والأهلية، جاء بسبب ضعف إمكانية وزارة الصحة والبيئة، التي يتوجب عليها توفير المستلزمات الطبية من أجل الحفاظ على حياة الموظفين العاملين بالمؤسسات الإعلامية بصورة خاصة، والشعب العراقي على العموم"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "غياب دور وزارة الصحة، دفع مديرية الدفاع المدني إلى تنفيذ حملات تعقيم بعض المؤسسات الإعلامية ومنها محطات دجلة والسومرية والاتجاه".
وأشار إلى أن "المؤسسات الإعلامية من واجبها توفير بيئة نظيفة للعمل الصحافي، ومواد أساسية للوقاية الشخصية، مثل الكمامات والقفازات والمعقمات الطبية، خاصة للمراسلين والمصورين الذين دائماً ما يكونون على تماس مباشر مع المواطنين خارج مبنى المؤسسة، فضلاً عن متابعة جميع العاملين في حال تعرض أحدهم لوعكة صحية، مع أن العمل من المنازل هو الأكثر أمناً في الوقت الحالي".