صحافيو مصر يتخوفون من تحويل نقابتهم إلى كيان صوري

الصحافيون المصريون يتخوفون من تحويل نقابتهم إلى كيان صوري

19 مارس 2019
تختص النقابة "بتأديب الصحافيين" (فريديريك سلطان/Corbis)
+ الخط -
يتخوّف مئات الصحافيين المصريين من أن تتحوّل نقابتهم إلى كيانٍ صُوريّ، بعد انتخابات التجديد النصفي الأخيرة، الأسبوع الماضي، في ظلّ تبوّؤ ضياء رشوان منصب النقيب وجمعه مع منصبه الحكومي، ما يجعله رقيباً على الصحافيين. وبعد سيطرة النظام المصري على وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة تحديداً، يُسيطر عبر رشوان على نقابة الصحافيين، لتفقد صورتها كمدافعة عن حقوق الصحافيين. وتُعزّز توصيات الجمعية العمومية للنقابة هذه النظريّة، إثر عدم تلويحها بأيّ خطواتٍ معارضة لحبس الصحافيين أو انتهاك حقوقهم، على عكس البيانات السابقة. هذا مع تلويح النقابة بعقوبات ضدّ "منتحلي صفة الصحافة"، ما يفتح الباب لحبس صحافيين إلكترونيين ومستقلّين أو غير مقيّدين في جداول النقابة. 

ويوم الأحد، أعلن مجلس نقابة الصحافيين المصريين قرارات وتوصيات الجمعية العمومية العادية للنقابة، والتي عُقدت يوم الجمعة الماضي، بحضور 4588 صحافياً، من مجموع 9260 عضواً في جدول "المشتغلين" بالنقابة، وأسفرت عن فوز رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، بمنصب نقيب الصحافيين، بعد حصوله على 2810 أصوات، مقابل 1545 صوتاً لأقرب منافسيه، الصحافي في مؤسسة "أخبار اليوم" رفعت رشاد.
وصادق مجلس النقابة على محضر الجمعية العمومية السابق بتاريخ 17 مارس/آذار 2017، وتقريري مجلس النقابة خلال الفترة من مارس/آذار 2017 وحتى فبراير/شباط 2019، فضلاً عن اعتماد الحساب الختامي للسنة المنتهية في 31 ديسمبر/كانون الأول 2017، والسنة المنتهية في 31 ديسمبر/كانون الأول 2018، وإقرار مشروع الموازنة التقديرية لسنة 2019.
واعتمدت الجمعية العمومية للنقابة تعديل الفقرة (ط) من المادة (7) باللائحة الداخلية للنقابة، لتصبح: "إذا أسفر انتخاب النقيب عن عدم حصول أي مرشح على الأغلبية المطلقة للأصوات الصحيحة، أعيد الانتخاب بين المرشحين الحاصلين على أكثر الأصوات في نفس اجتماع الجمعية العمومية. وتجرى عملية التصويت في اليوم التالي مباشرة من الساعة الثالثة بعد الظهر حتى السابعة مساءً، بحضور الأغلبية النسبية".

جمع المهام... إلا رشوان
وانتهى مجلس النقابة إلى حظر الجمع بين مواقع النقيب وأعضاء مجلس النقابة، وبين أي منصب حكومي بالتعيين أو الانتداب أو الإعارة، أو على أي نحو كان، صوناً لاستقلال نقابة الصحافيين، واستقلالية نقيبهم، وأعضاء مجالسهم المنتخبين، وحرصاً على تجنب تعارض المصالح. وكذا إعمالا لضمانات القانون التي تشدد على استقلالية الصحافيين أنفسهم (المادة 7 من قانون تنظيم الصحافة الصادر برقم 180 لسنة 2018). وأشار المجلس إلى أن الحظر ينطبق أيضاً على أي منصب آخر يخدش استقلالية العمل النقابي الصحافي، أو لا ينأى به عن تعارض المصالح. ويعد من يخالف هذا القرار مستقيلاً بشكل تلقائي من موقعه النقابي، وتعود الجمعية العمومية لانتخاب بديل عنه، على أن يراعى تطبيق ذلك اعتباراً من الانتخابات القادمة، بعد دراسته دراسة قانونية، وذلك لاستثناء ضياء رشوان من حظر الجمع بين منصب النقيب ووظيفته الحكومية.

ورفضت لجنة الانتخابات في نقابة الصحافيين الأخذ بتصويت الجمعية العمومية على اقتراح بعدم جواز جمع النقيب أو عضو المجلس بين مقعده ومنصب حكومي، برغم مطالب الكثير من أعضاء الجمعية بالتصويت على القرار. وفي المقابل، تمرير اقتراح من النقيب السابق عبد المحسن سلامة، بتبديل الصياغة من مشروع قرار إلى توصية، بإضافة "وأن يتم الأخذ بها من الانتخابات المقبلة"، بحجة عدم الطعن على نتائج الانتخابات المنقضية.
ويعد رشوان نقيب الصحافيين الأول الذي يشغل منصباً حكومياً، إذ إن "الهيئة العامة للاستعلامات" هيئة حكومية تضطلع بدور "جهاز الإعلام الرسمي"، والمسؤولة عن العلاقات العامة للدولة، ما يجعل منه "رقيباً" على ما ينشره الصحافيون بحكم مهام منصبه، خصوصاً في وسائل الإعلام الأجنبية، لامتلاك الهيئة حق إصدار ومنع تصاريح العمل للصحافيين والمراسلين على الأراضي المصرية.

تأديب أعضاء النقابة
قررت الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين إضافة بنود تتضمن مواد خاصة بتأديب أعضاء النقابة في اللائحة الداخلية، لحين التدخل التشريعي بتعديل قانون نقابة الصحافيين، وسداً للفراغ التشريعي الذي حدث بالارتداد إلى قانون النقابة رقم 76 لسنة 1970، والذي أصبحت مواد التأديب به غير مواكبة للتطور الحادث في العمل الصحافي.
وأوردت المادة الأولى على النصوص المضافة للائحة أن "تختص نقابة الصحافيين وحدها بتأديب الصحافيين من أعضائها، وتطبق في هذا الشأن الأحكام الواردة في قانون نقابة الصحافيين رقم 76 لسنة 1970".
ونصت المادة الثانية على أن "يحيل نقيب الصحافيين، بعد العرض على مجلس النقابة، الصحافي الذي تنسب إليه مخالفة تأديبية إلى لجنة التحقيق، على أن تنتهي من إجراء التحقيق خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإحالة إليها. فإذا رأت اللجنة أن التحقيق يستغرق مدة أطول، استأذنت مجلس النقابة في ذلك".
وأشارت المادة الثالثة إلى تشكيل لجنة التحقيق من وكيل النقابة رئيساً، ومستشار من مجلس الدولة (يختاره مجلس الدولة) عضواً، وسكرتير النقابة أو سكرتير النقابة الفرعية (حسب الأحوال) عضواً.
في حين نصت المادة الرابعة على أن "تشكل هيئة التأديب الابتدائية من ثلاثة أعضاء يختارهم مجلس النقابة من بين أعضائه في أول كل دورة نقابية، وتكون رئاسة اللجنة لأقدمهم قيداً في جدول النقابة، ما لم يكن أحدهم عضواً في هيئة مكتب مجلسها، فتكون له الرئاسة، وعضو من المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة يختاره المجلس من بين أعضائه الصحافيين، ومستشار من مجلس الدولة".
كما قررت الجمعية العمومية إلزام مجلس النقابة بإحالة رؤساء مجالس إدارات الصحف أعضاء النقابة، ورؤساء تحرير الصحف، إلى التأديب، في حالة فصلهم الصحافيين تعسفياً، وتكليف مجلس النقابة بمواجهة جادة وسريعة لظاهرة الفصل التعسفي من العمل، واعتبار الفصل التعسفي خطا أحمر.
وأكدت الجمعية العمومية تضامنها الكامل مع الزملاء الذين ما زالوا رهن الحبس الاحتياطي، مطالبة بسرعة الإفراج عنهم بضمان النقابة، والعمل على تحسين أوضاعهم المعيشية والصحية، وتسهيل زيارة أسرهم لهم، وتمكين أعضاء مجلس النقابة ومحاميها، من زيارتهم في مقار الاحتجاز والسجون.
وشددت الجمعية العمومية على تمسّكها بجميع قرارات الجمعيات العمومية السابقة، بحظر كافة أشكال التطبيع المهني والنقابي والشخصي مع الكيان الصهيوني، ومنع إقامة أي علاقات مع المؤسسات الإعلامية والجهات والأشخاص الإسرائيليين، حتى يتم تحرير جميع الأراضي العربية المحتلة. واعتبار الدخول إلى أي منطقة تقع تحت سلطة الاحتلال الصهيوني، أو التنسيق مع سلطات العدو بأي شكل، يندرج تحت الحظر.



انتحال صفة
كان لجزئيّة "انتحال الصفة" مساحة واسعة من توصيات الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين المصريين، ما يشير إلى احتمال استخدامها ضدّ صحافيين مستقلّين لملاحقتهم لاحقاً، إذ وجّه مجلس النقابة بالتصدي للكيانات النقابية الموازية، التي تقتنص جزءاً من دور النقابة القانوني والمهني، وهي كيانات عمالية في الأساس، ولا علاقة لها بالمهنة، باعتبار أن ذلك يفتح الباب على مصراعيه لانتحال صفة "صحافي"، والتدخل من غير صفة في شؤون مهنة الصحافة.

ودعت الجمعية العمومية للنقابة كافة الأجهزة المعنية بـ"اتخاذ إجراءاتها إلى عدم منح تلك الكيانات أي مزايا أو تسهيلات باسم الصحافيين، حتى لا يتم النصب بها على المواطنين، والتعامل المباشر مع النقابة في هذا الشأن".
وكلفت الجمعية العمومية مجلس النقابة بتفعيل المواد (65) و(103) و(115) من قانون النقابة رقم 76 لسنة 1970 المتعلقة بانتحال صفة صحافي، والتي تعاقب بالسجن والغرامة "كل من يمارس المهنة من دون أن يكون مقيداً بجداول النقابة".
وكلفت الجمعية العمومية مجلس النقابة كذلك بتفعيل قانون النقابة، ولائحة القيد، بإلزام المؤسسات الصحافية بإرسال أسماء المتدربين فيها إلى النقابة، والعمل على تعيينهم في مدة أقصاها سنة، حتى يتسنى قيدهم في جداول النقابة، بعد استيفائهم الشروط.
كما أوصت الجمعية العمومية بضرورة أخذ رأي النقابة فى أي إجراءات تتعلق بدمج المؤسسات الصحافية القومية، أو إلغاء بعض إصداراتها، حفاظاً على حقوق الصحافيين العاملين بها. كما أوصت بعدم الموافقة على إجراء تعديلات على قانون نقابة الصحافيين إلا بعد العرض على الجمعية العمومية، وإدخال مجلس النقابة كطرف رئيسي في مفاوضات إصدار قوانين العمل الجديدة، بما يحافظ على حقوق الصحافيين.


الأجور والصناديق
وكلفت الجمعية العمومية مجلس النقابة بسرعة العمل على إقرار لائحة موحدة للأجور في كافة المؤسسات الصحافية التي يتم قبول العضوية منها في النقابة، بما يضمن حياة كريمة للصحافي. على ألا يقل الحد الأدنى المقبول به في العقود التي تعترف بها النقابة عن الحد الأدنى للأجور الذي أقرته الدولة المصرية، والذي يعادل 1200 جنيه شهرياً (68 دولاراً تقريباً).

إلى ذلك، أوصت الجمعية العمومية للنقابة بإنشاء وتمويل صناديق للتأمين ضد العجز والبطالة والحبس في قضايا الرأي، بالتنسيق مع المؤسسات الصحافية، طبقاً للمادة 15 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام، والتي تنص على أن "تلتزم المؤسسات الصحافية والإعلامية، بالتعاون مع النقابة المعنية، بإنشاء وتمويل صناديق للتأمين ضد العجز والبطالة بقرار من جمعياتها العمومية. وتحدد اللوائح الداخلية لكل صندوق قواعد ورسوم اشتراك العاملين فيه، وشروط صرف التأمين في حالتي العجز أو البطالة".
وكلفت الجمعية العمومية مجلس النقابة بعقد جلسات استماع وندوات مع أعضاء الجمعية العمومية، لمناقشة مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بالمهنة قبل إقرارها، داعية مجلس النواب إلى عرض التعديلات الدستورية المتعلقة بمهنة الصحافة على النقابة قبل إقرارها، تفعيلاً لنص المادة (77) من الدستور.

المساهمون