جدل تونسي حول إطلالات المسؤولين التلفزيونية

جدل تونسي حول إطلالات المسؤولين التلفزيونية

14 يونيو 2020
بدأ الجدل بإطلالة الغنوشي عبر "نسمة" (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -

خلّف الحوار الذي أجراه رئيس البرلمان التونسي، رئيس "حركة النهضة" راشد الغنوشي، عبر قناة "نسمة تي في" الخاصة، الكثير من الجدل، بسبب ما اعتبرته "الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري" (الهايكا) و"النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين" تشجيعاً للقنوات التلفزيونية غير القانونية للتمادي في استقوائها على السلطات الرسمية.

الجدل امتد ليشمل المسؤولين الحكوميين، فأكد عضو المجلس التنفيذي لـ"الهايكا"، عمر الوسلاتي، قبل أيام، أنّ رئيس الحكومة التونسية، إلياس الفخفاخ، وجّه منشوراً للوزراء في حكومته، يمنعهم من الحضور في البرامج التلفزيونية لقناتي "نسمة تي في" و"الزيتونة"، لعدم حصولهما على الإجازة القانونية للبث ورفضهما تسوية وضعيتهما القانونية.

لكن المعارضين لـ"الهايكا" اعتبروا أن بيانها ونقابة الصحافيين التونسيين حول حضور راشد الغنوشي في قناة "نسمة تي في" فيه استهداف لشخصه، ولا علاقة له بقانونية هذه القناة، إذ شارك قبله مسؤولون حكوميون في برامجها، من دون أن يصدر أي اعتراض، وهو ما قاله القيادي في حزب "حركة النهضة" ورئيس كتلتها البرلمانية، نور الدين البحيري. وقال البحيري إن رئيس مجلس النواب ليس المسؤول الأول والأخير الذي حضر في برامج "قناة نسمة"، مشيراً إلى أن كل الرؤساء المتعاقبين على الدولة منذ عام 2011 حضروا حوارات خاصة في القناة المذكورة. ودعا "الهايكا" إلى "الابتعاد عن التجاذبات السياسية حتى تبقى هيئة مستقلة". الموقف نفسه اتخذه الإعلامي التونسي برهان بسيس الذي استغرب ردة فعل "الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري" و"النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين".

وردّ عضو مجلس "الهايكا"، هشام السنوسي، عليهما، مكذّباً ما ورد على لسان البحيري وبسيس، ومبيناً أن "الهايكا" سبق لها أن أصدرت بياناً، في 16 يوليو/ تموز عام 2018، نددت فيه بحضور الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي في قناة "نسمة تي في"، معتبرة إطلالته دعماً لقناة غير قانونية.

وتجاوز الجدل حضور راشد الغنوشي في استديوهات نسمة إلى قرار رئيس الحكومة بمنع الوزراء من الحضور فيها وفي "الزيتونة"، واعتبره السنوسي "مسؤولاً"، في حين رأت الحقوقية والإعلامية سنية الدهماني أنه "بلا معنى له ويعبر عن ضعف الدولة التونسية"، مبينة أن القناتين "أمر واقع يجب التعامل معه، وأن رئيس الحكومة إذا كان يعتبرهما قناتين غير قانونيتين فعليه حينها تطبيق القانون عليهما لا منع وزراء حكومته من الحضور في برامجهما".

بعض المتابعين للشأن الإعلامي في تونس اعتبروا أن الجدل أخرج من سياقه الذي يطرح استفهامات عن مدى شرعية "الهايكا" لإصدار مثل هذه البيانات، فهي هيئة منتهية الصلاحية ولا صفة قانونية لها، وهو الرأي الذي ردّت عليه مجموعة من المنظمات التونسية، من أهمها "الاتحاد العام التونسي للشغل" و"النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين" وهيئات دستورية، منها "الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد"، داعية الحكومة إلى الإسراع في تقديم مشروع قانون السمعي البصري لينظم القطاع الإعلامي، ورافضة المبادرة التشريعية التي قدمها "ائتلاف الكرامة" التي تدعو إلى منح مجلس نواب الشعب صلاحية انتخاب أعضاء "الهايكا". 

كل هذه العوامل تؤشر إلى أن المعركة حول السيطرة على الإعلام التونسي بين بعض الأحزاب التونسية والمنظمات الحقوقية والهيئات الدستورية ستعرف في الأيام المقبلة تطورات، في ظل حالة من التجاذبات السياسية تعيش على وقعها البلاد منذ عام 2011.

المساهمون