معاناة لبنان..."إذلال" للمواطنين لا سابق له
لم تترك المعاناة في لبنان باباً إلا وطرقته. في السنة الأولى لما بعد احتفال البلاد بذكرى مئوية لبنان الكبير، طغت مظاهر "الذل الكبير" على كل مرافق الحياة وأماكن الحصول على مستلزمات العيش الأساسية والخدمات المتنوعة. إذلال تتسارع وتيرته وتزداد يوماً بعد يوم أمام محطات الوقود والمخابز والمستشفيات والصيدليات، وحتى بعض المتاجر التي تبيع سلعاً استهلاكية بسيطة.
ويحاول اللبنانيون أن يصمدوا في مواجهة الضائقة التي لم يعرفوها في تاريخهم، حتى في أزمنة الحرب الأهلية التي امتدت منذ العام 1975 إلى بداية التسعينيات من القرن العشرين. فالتكيف أوجب أكل ما يتيسر بحسب الإمكانيات، حتى إذا بلغ الأمر حدّ التعرض لمخاطر انعدام الأمن الغذائي الذي تحذر منه منظمات دولية عديدة، لا سيما على صحة الأطفال. والتكيف مع فقدان الدواء يكون بانتظار قريب آتٍ من الخارج يحمل معه بضعة علب من الدواء لا تكفي لتسكين آلام الجميع، وانقطاع الكهرباء يكون بالخضوع لرحمة أصحاب المولدات البديلة لكهرباء الدولة، قبل أن يتعرضوا أنفسهم لنكسة انقطاع مادة المازوت التي أعادت اللبنانيين إلى استخدام الشموع، والعمل في الشوارع كما بات يفعل بعض الحلاقين.
وتدور حلقة التكيف المحتوم والذي لا مفرّ منه لتشمل كل السلع والخدمات الأساسية، ليزداد الغضب بين الناس غير القادرين على التحكم بأعصابهم تحت الضغوط الهائلة التي تنزل فوق رؤوسهم من كل حدب وصوب.
(العربي الجديد)