تمتلئ أراضي سورية بمخلفات الحرب غير المنفجرة التي تتابع حصد الأرواح وتصيب ضحايا بعاهات جسدية دائمة تغيّر مسار حياتهم إلى الأبد، وهذا ما فعلته الحرب نفسها بكثيرين، لكن الأكثر صعوبة أن يتكرر ذلك حالياً في زمن ما بعد التحرير وإسقاط نظام الأسد.
قبل فترة، عاد نضال أحمد لتفقّد أرضه الزراعية قرب معسكر الفوج 46 التابع للنظام السابق في حلب (شمال) فتعرّض لانفجار لغم جعله يفقد قدمه، وحاله مماثلة لكثيرين، ما دفع الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) إلى وصف مخلفات الحرب بأنها "موت موقوت طويل الأمد يؤثر على الحياة اليومية للمدنيين، خصوصاً الأطفال والأجيال القادمة، وقطاعات التعليم والزراعة".
ويبدو جلياً أن معالجة هذا الملف تواجه تعقيدات عدم امتلاك أجهزة الإدارة الجديدة إمكانات التعامل معه وإزالة مخاطره الكبيرة على حياة الناس، علماً أن "الخوذ البيضاء" أوضحت أن فرقها تعمل يومياً لإزالة مخلفات الحرب وتوعية السكان بمخاطرها، وأنها نجحت في إزالة أكثر من 28 ألف ذخيرة غير منفجرة، من بينها أكثر من 23 ألف قنبلة عنقودية.
ويبدو أن تعقيدات التعامل مع المخلفات الحربية الخطرة لا تنحصر في الذخائر والعتاد العسكري والألغام التي خلّفها نظام الأسد المخلوع، إذ دخلت إسرائيل على الخط من خلال سلسلة العمليات العسكرية التي نفذتها في سورية في الأسابيع الأخيرة، والتي تركت بقايا أسلحة وسّعت أماكن الخطر في سورية.
بالتأكيد يستدعي ذلك تحرك كل أجهزة الإدارة الحالية بشكل عاجل لحماية المدنيين، لكن يبقى الأهم ضمن الحلول المستدامة لهذا الملف هو توفير بيئة أكثر أمناً واستقراراً في كل سورية.
(العربي الجديد)