يمارس الناس نشاطاتهم اليومية في ظل تفاعلهم مع الأوضاع والظروف المعيشية السائدة، وتتحوّل هذه النشاطات إلى مرآة لأنماط حياتهم وواقعهم، وصولاً إلى تصنيفهم بين فقراء وأغنياء، ومرفّهين يعيشون في أماكن يسودها نوع من السلام النسبي أو الاستقرار، أو منكوبين بمآسٍ وكوارث أو حروب.
تظلّ بعض النشاطات اليومية مخفيّة، لكن أخرى تظهر بوضوح للجميع، ومن بينها غسل الثياب التي تترنّح بعد تنظيفها على حبال قد تكون على شرفات منازل أو أماكن مخصصة في مجمّعات سكنية ضخمة، أو في أماكن جانبية تختلف حالاتها أو حتى في خيام نُصبت لأسباب قاهرة.
وقبل أن تظهر الثياب المغسولة بوضوح على الحبال، تعكس أساليب تنظيفها واقع الناس والمجتمع. واللافت أنه مع انتشار الغسالات الحديثة منذ عقود طويلة، لا تزال نساء كثيرات في العالم ينفّذن هذا النشاط يدوياً، ما قد يرتبط بحال الفقر أو عدم بلوغ المدنيّة إلى أماكن معينة قد تكون بلدات بعيدة عن المدن أو قرى نائية، أو عدم توافر مقومات العيش الطبيعية على صعيد البنى التحتية، وفي مقدمها الكهرباء.
في الخلاصة يمكن تحديد الفوارق الاجتماعية بسهولة في أي مكان من خلال الثياب المغسولة التي تخلق مشاهد صامتة تُطلق رسائل عن واقع الناس واحتياجاتهم التي لا بدّ من تلبيتها، وبالتالي الفوارق في العيش ومواكبة مسار الحياة بتعب أو بمتعة تختلف بحسب ما تقدمه السلطات، وهذا أيضاً رهن القدرات والنيات.
(العربي الجديد)