تتحدّث الحرب في غزة عن نفسها منذ أشهر بنبض القصف والقتل والتدمير والإبادة والانتهاكات، عبر الحرمان من الغذاء والمياه والكهرباء، والنزوح المستمر. نبض إسرائيلي يتبنّى الموت المطلق والشراسة والعنف، وينبذ الإنسانية في كل شيء، حتى لمنع انتشار الأمراض الفتاكة بين الأبرياء والأطفال.
وفيما تكشف الوقائع الميدانية في غزة اليوم أن النبض الإسرائيلي المدمّر تعمّد ألّا يُبقي على حجر فوق حجر، كي لا يتطلع أبناء غزة إلى ضوء أمل في مسارهم المستقبلي، ينبعث نبض حياة فلسطيني من بقايا أحجار ما زالت تشكّل جدراناً تنقل أفكاراً للحياة وليس للموت، ومطالب للإنسانية الباقية وليس للبشرية عديمة الإحساس التي فعلت ما فعلته بغزة.
على جدار في دير البلح، ثمّة رسمة صامدة لطفلة تُطلق حمامات بيضاء رمزاً للسلام، في حين تعبر أمامها طفلتان تحملان وعاءين للحصول على طعام.
وعلى جدار آخر، ثمّة رسم لطفلة تبكي بسبب عدم قدرتها على الذهاب إلى المدرسة وحمل حقيبتها والكتب واستخدام الأقلام. ويبدو جدار المدرسة نفسه مدمّراً والكتب محترقة ومتسخة على الأرض، فالحرب قضت على التعليم في غزة، لكن لا شيء يمنع من أن يظلّ هذا المطلب موجوداً، ولو برسم حالياً.
وبالطبع لا بدّ من أن تعكس رسومات حال غزة التي تعيش في فزع غير عاديّ، وتتوجّع من القذائف التي تقتل أرواحاً تصعد ملائكة إلى السماء التي يجب أن تصفو من الدخان لرؤية حمامات السلام الفلسطينية تطير من جديد.
(العربي الجديد)