بعيداً عن أي هدف بيئي أو صحي أو إنساني يستمر تلويث المياه في العالم، بطريقة متعمدة غالباً، رغم معرفة المشاكل التي تتسبب بها، وأيضاً صعوبة معالجة التداعيات، في حين تبقى المبادرات الفردية ذات قدرات قليلة على تدارك المآسي الكبيرة التي تطاول مادة رئيسية في حياة البشرية، والتي تواجه أيضاً تحديات أخرى، أهمها على صعيد تقلّص مواردها في مقابل تزايد الاحتياجات السكانية.
أخرج التلويث البشري النزعة الشرسة ذاتها على الطبيعة لتحقيق منافع مادية فقط، أنهاراً وبحوراً وآباراً ومصادر أخرى للمياه في العالم عن أنظمتها البيئة الطبيعية التي أصيبت بخلل جعلها عاجزة عن أداء دورها في تأمين عنصر أساسي لاستقرار الإنسان وازدهار حضارته، وأيضاً مؤذية في حال استعمال المياه نفسها أو استخدام الكائنات التي تعيش فيها، وأهمها الأسماك، طعاماً.
وغيّر هذا التلويث ولا يزال كل الصفات الطبيعية في المياه من خلال إضافة مواد غريبة تسببت في تعكيرها أو أكسبتها رائحة أو لوناً أو طعماً، وجعلها تحتوي على مواد غريبة قد تكون ذائبة أو صلبة أو عضوية أو بكتيريا أو طحالب أو طفيليات، وباتت بالتالي غير مناسبة للشرب أو الاستهلاك المنزلي، كما لا تصلح للاستخدام في الزراعة أو الصناعة. وفعلياً واكبت هذه المشاكل تقنيات لمعالجة النفايات وإزالة المواد الكيميائية الملوّثة منها، لكن هذه الأساليب امتلكت حدوداً في التطبيق بحسب الكلفة والتصميم والكفاءة في التنفيذ، أما حلول ردع البشر عن التلويث، الأكثر بساطة، فظلت في تراجع رغم بعض الاستثناءات الفردية.
(العربي الجديد)