لم يعد اللبنانيون إلى بعض مناطق وقرى الجنوب المحاذية للحدود مع فلسطين المحتلة على وقع الهدوء الكامل للعمليات العسكرية الإسرائيلية، والذي كان يفترض أن يوفره سريان وقف إطلاق النار منذ 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. واجهوا إطلاق النار واعتداءات جديدة لا تزال مستمرة، وسقط ضحايا وجرحى على أبواب البلدات، لكن ذلك لم ينل من عزيمتهم، وهو ما سيترسخ أكثر في الأيام المقبلة، حين سيصبح وجودهم ركيزة استعادة الحياة بعد العدوان الذي تصاعدت وتيرته مع أشهر الحرب على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
اختفت جميع معالم الحياة في قرى حدودية عدة، وسط المنازل المدمرة التي استحالت هياكل، والبنى التحتية المفقودة من طرقات تحوّلت إلى تراب، ومن مياه وكهرباء وسواها، لذا انهار كثيرون بالبكاء حين وصلوا إلى ديارهم، فهم يعلمون أن التعامل مع الأضرار الهائلة لن يكون أمراً سهلاً، في وقت اعترف مسؤولون في بلديات بأن إعادة البناء أمر بعيد المنال، في ظل عدم توفّر أي تمويل، وأنه قد يحتاج ثلاثة أعوام على الأقل.
وإلى جانب دمار المباني والمنشآت ذبلت البساتين، وتساقطت ثمار الأشجار، علماً أن الزراعة إحدى ركائز سكان الجنوب لمواصلة العيش في أراضيهم.
واللافت أن عائدين كثيرين يشددون على ضرورة إيجاد حل نهائي للأوضاع الأمنية في بلداتهم وقراهم، ويقول مصطفى السيد: "نريد أن تنتهي الحروب. لم نعد نحتمل. هل يعقل أن نعيش حروباً كلّ حياتنا ونحمل ثياب أولادنا ونرتحل؟".
(العربي الجديد)