في نهاية فبراير/ شباط الماضي، حذّرت الأمم المتحدة من أنّ "السودان يواجه خطر السقوط في الهاوية واحتمال مقتل مئات الآلاف إذا لم تنتهِ الحرب وتتدفّق المساعدات". ورسم مفوضها لحقوق الإنسان فولكر تورك صورة قاتمة لهذا البلد الذي يشهد منذ منتصف إبريل/ نيسان 2023 نزاعاً دموياً بين الجيش بقيادة وقوات الدعم السريع، وقال: "لا أبالغ في وصف خطورة الوضع والمحنة المؤلمة التي يعيشها الشعب، ولا الحاجة الملحّة للتحرّك من اجل تخفيف المعاناة".
ومع دخول الجيش العاصمة الخرطوم قبل نحو ثلاثة أسابيع أكدت مشاهد الدمار الهائل أن المحنة التي يواجهها السودانيون تفوق أي تصور، وربما تعجز أمامها أي تدخلات في المستقبل القريب على الأقل. عاصمة محروقة بالكامل، لونها الوحيد هو الأسود الناتج من دخان القصف الذي شكل فعلياً أحد أشهر صور الحرب التي نقلتها وسائل الإعلام المختلفة.
ربما ارتفعت بعض قبضات الأيادي للتهليل باستعادة الجيش الخرطوم المتشحة بالأسود، لكن قبضات غالبية السكان تبقى منخفضة أمام الأمر الواقع المؤلم جداً الذي سيصعب التعامل معه، علماً أن الخرطوم ليست محروقة فقط، بل منهوبة أيضاً، ومفرّغة من أي مقومات حياة على صعيد البنى التحتية.
وإذا كانت الخرطوم تتصدر مشاهد الكوارث الميدانية للحرب فالحال نفسها في باقي الولايات والمدن، ومن بينها ود مدني وأم درمان وسواهما، وسيكون التعافي طويلاً، والسؤال من أين البداية؟
(العربي الجديد)