يُعد دفن الموتى إحدى أزمات سكان قطاع غزة منذ بداية العدوان الإسرائيلي، إذ لا مكان آمناً في القطاع، وجنود الاحتلال يجتاحون المقابر بالآليات العسكرية، كما تكرر استهداف الطائرات المسيّرة والقناصة للمشيعين.
في الأشهر الأولى، اضطر الأهالي إلى دفن موتاهم في الشوارع، وأحياناً داخل البيوت، وجرى الدفن في مقابر جماعية، بعضها كان في ساحات المستشفيات، لكن مع استمرار العدوان، بات الأمر أكثر صعوبة، واضطر عدد من المسؤولين عن حفر القبور إلى تهيئة حفر مستطيلة متراصة لدفن الضحايا المقبلين.
في مدينة دير البلح (وسط)، يعمل الحفارون تحت إشراف سعدي حسن بركة (63 سنة)، والذي يركز نشاطه في مقبرة ممتدة على نحو خمسة هكتارات ونصف الهكتار، بعدما أضحت مقبرة أنصار (حوالى ثلاثة هكتارات ونصف الهكتار) "مليئة بالشهداء".
يقول بركة لوكالة فرانس برس: "قبل الحرب كنا ندفن حالة أو حالتين أو حتى خمساً في الأسبوع، بينما ندفن اليوم مائتين أو ثلاثمائة في الأسبوع. شيء لا يتصوره العقل".
يضم فريق بركة 12 عاملاً، يعمل بعضهم على الحفر فيما ينقل آخرون الحجارة لتهيئة المدافن. يقول بأسى: "المقبرة مليئة. أضع قبوراً فوق قبور، ثلاثة قبور بعضها فوق بعض. أصبحنا نبني طوابق للشهداء. أحفر قبوراً منذ 28 سنة، ومرت علينا حروب عدة، لكني لم أشهد مثل جرائم هذه الحرب. لا أعرف النوم بسبب مشاهد الأطفال المقطعين".
(العربي الجديد)