حتى انطلاق عملية إعادة إعمار سورية التي تبدأ من نقطة ما دون الصفر فعلياً بعد سنوات طويلة من الحرب، ستظل الدراجات الهوائية أو النارية الصغيرة الوسيلة الأولى للوصول إلى المناطق المدمّرة في أنحاء البلاد والتجوّل فيها. ومن المصادفة أن هذه الدراجات تعيد السوريين إلى وسيلتهم الأهم في التنقل في العقود الأولى للقرن العشرين وحتى وصولاً إلى منتصفها، في حين لا تشير إلى أي نية لمواكبة استخدامها لغايات عالم اليوم المتمثلة في الحفاظ على البيئة، فهي بعيدة جداً عن حياتهم التي تبحث بالدرجة الأولى عن الأمل بغد أفضل يريدونه قريباً جداً وغير بعيد.
لم تترك الحرب الطويلة أي بنى تحتية مناسبة في مناطق وأحياء منكوبة عدة لتفقدها على متن سيارات ومركبات، لذا لا بدّ حالياً من استخدام الدراجات لعبورها وتنفيذ جولات قد تكون اضطرارية للوقوف على الأحوال الميدانية، أو لاستعادة بعض أنماط العيش وسط الأنقاض والركام، كما قد تكون لاستشراف لحظات هدوء طال انتظارها بالنسبة إلى كثيرين لدرجة أنهم يئسوا من أن تصبح حقيقة.
تنقل الدراجات الناس إلى مواقع ذكريات أزالتها شراسة نظام الأسد المخلوع، كما توصلهم إلى نقطة لقاء الحقيقة المرّة للحرب بالأمل فتتملكهم سعادة الوجود في أماكن عادوا إليها بشغف الانتصار على الظلم والتطلع إلى استئناف الحياة الواعدة حتى لو كانوا قد عادوا على عجلتين.
(العربي الجديد)