سجن سوريين بتهمة نشر أخبار كاذبة ووهن نفسية الأمة

سجن سوريين بتهمة نشر أخبار كاذبة ووهن نفسية الأمة

31 يناير 2021
كم الأفواه قبيل الانتخابات الرئاسية للنظام (سيرغي بابيليف/ تاس)
+ الخط -

علم "العربي الجديد" من مصادر بالعاصمة السورية دمشق استدعاء إعلاميين وناشطين اليوم الأحد إلى إدارة الأمن الجنائي بدمشق "وتحذيرهم من الكتابة التي توهن نفسية الأمة أو التواصل مع صفحات مشبوهة على فيسبوك". 

وتؤكد المصادر أن لهجة الاستدعاء وكلام المسؤول الأمني كانت وعيداً و"للمرة الأخيرة" وإلا سيتم توقيفهم وفق قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية "وعرضهم للقضاء". 

وتكشف المصادر الخاصة أن هيئات تحرير الوسائل الإعلامية الرسمية بدمشق، عقدت غير اجتماع مع كوادرها بهذا الخصوص، وحذرت الصحافيين من نشر أخبار كاذبة أو نقل الواقع الاقتصادي أو سعر صرف الليرة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لأن ذلك جريمة ولا يمكنها الدفاع عنهم بحال ارتكبوها. 

وتشهد سورية منذ أيام حملة اعتقالات لكل من ينشر شكاوى تردي الواقع المعيشي أو يتطرق لسياسة التجويع التي ينتهجها نظام بشار الأسد، بعد أن تعدت نسبة الفقر 90% وزاد نوم المواطنين بالشوارع، رغم برودة الطقس وهطول الأمطار. 

تشهد سورية منذ أيام، حملة اعتقالات لكل من ينشر شكاوى تردي الواقع المعيشي أو يتطرق لسياسة التجويع التي ينتهجها نظام بشار الأسد

 

وكشفت مصادر صحافية توقيف الإعلامية في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون هالة الجرف منذ أسبوع في فرع الأمن الجنائي بدمشق، وسجن الطالبة في كلية الصيدلة فرح خازم (20 عاماً)، وطاول السجن كذلك المواطن يونس سليمان من مدينة طرطوس، بسبب النشر على وسائل التواصل الاجتماعي. 

وتبيّن المصادر أن حملة الاعتقالات لم تستثن أحداً، إذ تم سجن المفتشة فريال جحجاح منذ 20 يوماً لنفس السبب "جرائم معلوماتية توهن نفسية الأمة". 

 

وكان رئيس فرع مكافحة الجرائم المعلوماتية بإدارة الأمن الجنائي قد "وضّح"، عبر الموقع الإلكتروني لوزارة الداخلية، المسؤولية القانونية المترتبة على كل من يقوم بتسريب أو نشر شائعات كاذبة أو التواصل مع صفحات مشبوهة وتزويدها بمعلومات أو بيانات وفقاً لأحكام قانوني العقوبات ومكافحة الجرائم المعلوماتية وهي : المادة 285 من قانون العقوبات:  من قام في سورية في زمن الحرب أو عند توقع نشوبها بدعاوى ترمي إلى إضعاف الشعور القومي أو إيقاظ النعرات العنصرية أو المذهبية عوقب بالاعتقال المؤقت.  

وأهابت وزارة الداخلية في حكومة بشار الأسد بـ"الأخوة المواطنين" رواد مواقع التواصل الاجتماعي توخي الدقة والحذر والابتعاد عن التواصل مع الصفحات المشبوهة والتي لها ارتباطات خارجية أو التفاعل معها أو تزويدها بمعلومات أو بيانات أو نشر وتداول أخبار كاذبة حتى لا يتعرضوا للمساءلة القانونية.

وأكدت الوزارة أنها ستُلاحق من يقدم على ارتكاب هذه الأفعال وستتخذ الإجراءات اللازمة بحقهم وفقاً لأحكام المواد /285-286-287/ من قانون العقوبات والمادة /28/ من قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية. 

توقيف الإعلامية في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون هالة الجرف منذ أسبوع في فرع الأمن الجنائي بدمشق، وسجن المفتشة فريال جحجاح 20 يوماً، وسجن الطالبة في كلية الصيدلة فرح خازم، كما طاول السجن المواطن يونس سليمان من مدينة طرطوس

 

من جهته، تساءل مراسل موقع "آر تي" بدمشق أسامة يونس عن التهم التي توجب سجن وتوقيف رواد التواصل الاجتماعي، معتبراً أن "نشر الأخبار الكاذبة أو التعامل مع الصفحات المشبوهة" عبارات عامة وواسعة، مطالباً وزارة الداخلية بأنه "من الضروري" أن توضع قائمة بالمواقع والصفحات "المشبوهة" كي لا يتعامل "الأخوة المواطنون" معها. 

وطالب الإعلامي السوري أن يُوضح بالضبط معنى "وهن نفسية الأمة"، خاتماً منشوره على "فيسبوك" بتهكم عبر "ملاحظة مهمة": من خلال متابعة الإعلام الحكومي يتبين أن نفسية تلك الأمة أقوى مما تتخوفون، ألم تتصد، وما زالت، لمؤامرة كونية منذ سنوات؟ ولماذا تعتقدون أن نفسية الأمة هشة؟ أليس في هذا "وهن لنفسية الأمة"؟

 

ويرى مسؤول إعلامي رفيع من دمشق أن الحملة ستتصاعد تباعاً مع اقتراب حملة بشار الأسد لانتخابات الرئاسة التي ستجرى بين 16 إبريل/ نيسان و16 مايو/ أيار المقبلين، والهدف "كم الأفواه" بحسب تعبيره. 

ويضيف المسؤول السوري لـ"العربي الجديد" أن نسبة الامتعاض في مناطق سيطرة الأسد بلغت حدود الانفجار والسباب تجاه الحكومة، خاصة بعد نفاد المازوت والخبز ووجود سوق سوداء لهذه السلع الضرورية بعشرة أضعاف سعرها الحقيقي، ولا طاقة للسوريين على تدبر معيشتهم بواقع الغلاء وتثبيت أجورهم عند متوسط 60 ألف ليرة، علماً أن تكاليف المعيشة بسورية، لأسرة مؤلفة من خمسة أشخاص، تزيد عن 700 ألف ليرة. 

الحملة تتصاعد تباعاً مع اقتراب حملة بشار الأسد لانتخابات الرئاسة التي ستجري بين 16 أبريل و16 مايو المقبلين بهدف كم الأفواه

 

ويشير المسؤول إلى أن بداية "الاستنفار الأمني" جاءت بعد ما دهست زوجة هانيبال القذافي، ألين سكاف، رجال أمن ومواطنين بحي المزة، الأسبوع الماضي، ولم تتم معاقبتها، ما دفع سوريين للكتابة والتساؤل عن رخص حيواتهم، واعتبر المسؤول أن الأهم بقضية سكاف من هو المسؤول السوري الكبير الذي أنقذها وقال للشرطة "هي عندي" ولماذا تم التستر عن الجريمة وإخفاء اسم المسؤول المتواطئ معها. 

وكانت مواقع وصفحات سورية قد نشرت أن سكاف لم تستجب لطلب دورية حفظ النظام بمنطقة المزة بدمشق بالتوقف، في ساعات متأخرة من ليل الأحد الماضي، الأمر الذي دفعها لدهس عدد من العناصر، ومن ثم الفرار، وهو ما أكده أيضاً تسجيل مصور نشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وحينما حاولت دورية أمنية موجودة في منطقة "بنايات 14" بالحي نفسه إيقاف سيارة سكاف "رنج روفر" ردت بشتائم على الدورية (كانت مخمورة) ليتدخل المسؤول المرافق ويقول للدورية الأمنية "هي عندي". 

وفي حين أكدت مصادر إعلامية متطابقة وفاة الشابة السورية ربا عمار  جراء الدهس وإصابة عناصر "حفظ النظام" ومواطنين آخرين، لم يصدر حتى الآن أي بيان عن الحكومة السورية يؤكد توقيف أو محاسبة "اللاجئة السياسية سكاف" بل اقتصر بيان وزارة الداخلية السورية قبل يومين بأن "خبر دهس ربا عمار عار عن الصحة، وأن الفتاة توفيت في مستشفى المجتهد جراء تعرضها لأزمة قلبية".

المساهمون