Lovers Anonymous... مستشفى لعلاج المصابين بالحب

21 فبراير 2025
المسلسل من بطولة خالد أرغنش وفوندا إيريغيت (نتفليكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يتناول مسلسل "Lovers Anonymous" التركي الصراع بين الخوف من الحب والتوق إليه، حيث يؤسس جيم مستشفى لعلاج الحب ويشاركه هازال في إدارته رغم اختلاف نظرتيهما للحب.
- يعكس المسلسل تأثير جروح الطفولة على الشخصيات، مع التركيز على قصص عاطفية جديدة في كل حلقة، مستعرضاً العلاقات المعقدة دون تقديم تصور مثالي للحب.
- يقدم العمل رؤية واقعية عن الحب في عصر العقلانية، مسلطاً الضوء على الضبابية في العلاقات والتحديات التي يواجهها الأفراد في مواجهة الفوضى العاطفية.

في عالمنا المعاصر، إذ تبدو العلاقات العاطفية أكثر هشاشة من أي وقت مضى، يزداد الصراع بين الخوف من الحب، وما قد يجلبه من آلام، والتوق إليه ملاذاً يخفّف من وطأة الوحدة. حول هذه الإشكالية، تدور أحداث المسلسل التركي Lovers Anonymous الذي تبثه منصة نتفليكس (ثماني حلقات)، من تأليف بشار باشاران وإخراج عمر توراجاي.
جيم (خالد أرغنش) يعتبر الحب مرضاً، لذا يؤسس مستشفى الحب لعلاج المصابين به. ولكونه شخصاً انعزالياً، يفضل تحليل الحالات من دون الكشف عن هويته. لكن حادثة غير متوقعة تهدّد بفضح سره، ما قد يفقد المستشفى مصداقيته. في محاولة لإنقاذ الموقف، يستعين شريك جيم بابنته هازال (فوندا إيريغيت) التي تجد نفسها مضطرة إلى العمل إلى جانب جيم في الإدارة وعلاج المرضى، في شراكة مفاجئة ومربكة لكليهما.
لدى كل من جيم وهازال جروح عاطفية من الطفولة، تنعكس في سلوكيهما ونظرتيهما إلى الحب، ومن ثم في أسلوبيهما العلاجي. أمّا عند جيم، فالحب شر يجب التخلص منه، بينما تعتبره هازال حلاً لمعضلات الحياة. جيم شخصية خائفة ومهزوزة، تفتقر إلى الثقة بالآخرين، بينما تبدو هازال أكثر اندفاعاً رغم خوفها من الاستقرار العاطفي، وتجنبها لأي علاقة قد تعيد إليها شعور التعلق. رغم الاختلافات، يجمعهما رابط جوهري: انفصال والديهما، وتبني دور الضحية. ما زال جيم يحمّل والدته مسؤولية آلامه واضطراباته النفسية، في حين تدين هازال والدها لطلاقه من والدتها وترفض مسامحته. ومع محاولتهما مواجهة تحديات الحياة والحب، يلازم الماضي جيم وهازال كظل ثقيل يمنعهما من العيش بالطريقة التي يرغبان فيها، ويحول دون قدرتهما على العثور على سعادتهما الخاصة، رغم أنهما يساعدان مرضاهما في إيجاد نهايات سعيدة لقصصهم.
يحمّل السيناريو شخصية جيم كماً هائلاً من الاضطرابات النفسية، مثل القلق المرضي، والوسواس القهري، والرهاب الاجتماعي. ورغم أنها جميعها تنبع من شعوره العميق بعدم الأمان وانعدام الثقة بالنفس، لكن الإسهاب في تكرار تفاصيل هذه الاضطرابات عبر الحلقات يثقل أحياناً إيقاع العمل ويشتت الانتباه عن الموضوع الرئيسي. كما أن بعض مشاهد الفلاش باك تبدو مباشرة أكثر من اللازم، ما يضعف تأثيرها الدرامي، خاصة المشهد الذي يكشف جذور عقدة جيم من الحب.
هناك تركيز على قصة عاطفية جديدة في كل حلقة، فيستعرض المسلسل حالات متنوعة، منها امرأة تعيسة تسعى إلى الانتقام، وشخصيات تكافح للتغلب على إدمان الحب، وزيجات في حاجة إلى الإنعاش. وعلى الرغم من أن هذه القصص الفرعية قد تبدو منفصلة عن الحبكة الرئيسية، فإنها تشكل إطاراً لاستكشاف الوجوه المتعددة للحب في العصر الحالي. فالعمل لا يقدّم تصوراً مثالياً للعلاقات، إذ لا يدّعي حباً أبدياً، ولا يرسم صورة خيالية كما في قصص "ألف ليلة وليلة"، إذ يعيش العاشقان بسعادة مطلقة حتى يفرقهما الموت، بل يستمد فكرته من وحدة الإنسان في العصر الحديث، فيصبح تحمل قسوة الحياة وحده أكثر صعوبة مع مرور الوقت، ليبتعد عن الحب خوفاً من الألم، لكنه يعود إليه مدفوعاً بهاجس الوحدة.
من خلال شخصياته المترددة والمتأرجحة بين الهروب من المشاعر والتمسك بها، يسلط العمل الضوء على الضبابية المخيمة على العلاقات الغرامية اليوم. هكذا، يصبح الدخول في علاقة في بعض الأحيان وسيلة لملء الفراغ الداخلي أو تهدئة القلق العاطفي، أكثر من كونه شعوراً حقيقياً نابعاً من الداخل. فالحب، مهما حاولنا تفكيكه، يبقى تجربة حسية ونفسية غامضة، يصعب فيها التمييز بين الحقيقة والإسقاطات الذاتية، كما أن الرغبات والأوهام تلعب دوراً كبيراً في تشكيل مشاعرنا، ما يجعل أحاسيسنا أحياناً مجرد انعكاس لما نفتقده، وليس لما هو موجود بالفعل.
Lovers Anonymous يتجاوز الكليشيهات المعتادة في الأعمال التي تستلهم الصراع الكلاسيكي بين العقل والعاطفة، ليقدم رؤية واقعية عن الحب، في عصر نتمسك فيه بالعقلانية لحماية أنفسنا من خيبات الأمل والانكسارات العاطفية، بينما تظل الرغبة الفطرية في الحب حاضرة، تطاردنا رغم محاولاتنا لإنكارها.

سينما ودراما
التحديثات الحية

ليبقى السؤال الذي يطرحه المسلسل قائماً: هل من السهل إطلاق العنان لمشاعرنا في عالم يسكنه القلق والخوف من الخسارة، أم أن التحدي الحقيقي لا يكمن في فتح الباب للحب، بل في القدرة على مواجهة الفوضى التي يخلفها وراءه؟

المساهمون