استمع إلى الملخص
- يناقش الوثائقي تطور تشاكي عبر الأجزاء المختلفة، وتأثير المجتمع الرأسمالي، ودور الكاتب دون مانشيني في تجسيد مخاوف الأطفال والجانب الساخر من التسويق.
- يعزز الوثائقي دور الأفلام الوثائقية في تأريخ السينما، لكنه يثير تساؤلات حول غياب الإشارة إلى القصص المصورة والبرنامج التلفزيوني ومدى سيطرة مانشيني.
ساهمت منصات البثّ التدفقي بساعاتها اللامحدودة بتطوير جنرات جديدة من العروض المصوّرة، أحدها ما يُسمى ماراثوناً وثائقياً، أو وثائقيات ماراثونيّة. وبالتأكيد، هذه ليست الأغرب بين الجنرات الناشئة حديثاً. في هذه الفئة، تُناقَش سلسلة من الأفلام المرتبط بعضها ببعض، إما من حيث النوع وإما من حيث الشكل أو القصة. مقدمة كهذه أساسية لفهم الفئة التي نضع فيها عملاً وثائقياً طويلاً كـDoc of Chucky (295 دقيقة)، إخراج تومي هوتسون، وهو كاتب سيناريو ومنتج. عند محاولة التقصي خلف هذه الفئة، من المتوقع أن يكون أول عمل مصنف تحتها His Name Was Jason: 30 Years of Friday the 13th، إنتاج عام 2009 وإخراج دانيال فراندس، وكان هوتسون قد شارك في كتابته وإنتاجه.
يقدم هوتسون في Doc of Chucky نظرة مهووسة إلى سلسلة أفلام الرعب Child’s Play، فنتابع كيفية تحول دمية قاتلة تعمل بطاقة الفودو السحريّة، إلى رمز رعب في تاريخ السينما والثقافة الأميركية تحديداً. في الـ11 من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1988، أنجبت هوليوود وحشاً جديداً، افتُتح عرض الجزء الأول من فيلم Child’s Play (إخراج توم هولاند) في ذلك اليوم، وحقق نجاحاً مفاجئاً، تلك الدمية تحولت إلى أيقونة رعب حاضرة حتى اليوم. عبر السنوات اللاحقة صدر العديد من الأجزاء (أفلاماً ومسلسلات) التي تناولت قصة الدمية التي تسعى للقتل حباً فيه فقط، ولها جمهورها الوفيّ الذي كبُرَ معها وتناسب مع ثقافتها.
هذا الجيل ومعه تشاكي، الدمية الطيبة ذات النمش التي تسكنها روح القاتل المتسلسل، جميعهم تحت سلطة العملية الرأسمالية للمجتمع والدولة، بدايةً من التدمير ثم إعادة البناء لخلق رأس مال جديد، وتماماً كما نرى مع كل إصدار جديد من أي سلعة نرى تشاكي، فمع كل جزء جديد يكون أفضل في القتل وأكثر إبداعاً وأبعد عن الإنسانية بعد أن يُعاد تدوير البلاستيك الذي صنع منه وقضايا مجتمعه.
دون مانشيني هو كاتب النص الأصلي ومخرج للعديد من أجزاء أفلام تشاكي. كان قد كتب النص مجسداً خوف الطفل آندي (مالك الدمية في الأجزاء الثلاثة الأولى)، ويروي فيه أيضاً قصة الجانب السخيف والأسود للتسويق والإعلانات الموجهة إلى الأطفال. خرجت الدمية من النص الأصلي تعبيراً عن غضب آندي وجزءاً من خوفنا البدائي من أن نكون فريسة. وكانت "تشاكي" شيء لا يمكن تدجينه أو التفاوض معه. هذه الأفكار تناولتها شركات الإنتاج باستخفاف، وكان قد اختفى طموح الكاتب بفتح نقاش جديّ عن هذا الجانب الأسود.
هذا الماراثون من الذكريات والقصص من وراء الكواليس واللقطات النادرة، تجسد جوهر جاذبية تشاكي الدائمة. نرى تجليات فرانكشتاين بوصفه مخلوقاً مصطنعاً أصبح كائناً حياً، ولاحقاً عروسته. تظهر تشاكي قاتلة ليبرالية تحب عمله. المونتاج يجلب الخوف والأشلاء والجنون معاً، ويقدم لقطات هيتشكوكيّة لهذا الكائن دون البشريّ أو نقيضاً للنفس البشرية، وفي بعض الأجزاء تجسيداً للأنا الدنيا والشهوات الغريزية. الوثائقي هو الرواية النهائية لسلسلة أفلام تشاكي.
يعزز العمل، من جهة أخرى، دور الفيلم الوثائقي في تأريخ الأعمال السينمائية والفلوكلور الذي يحيط بحقباتها الزمنية المتعددة. نتابع مقابلات ومساهمات من فريق العمل والممثلين وغيرهم، نتابع صوراً من خلف الكواليس ومجموعة هائلة من مذكرات الإنتاج والمواد الأخرى ونحتفل بالحرفيين الذين شكلت أيديهم عالم تشاكي، ولا أحد يعلم لماذا ضم العمل العديد من المعلقين الذين لم يكن لهم أي علاقة بالأفلام ولم يضيفوا أي شيء ذي أهمية.
يجمع هؤلاء المعلقون أجزاء هذه الدمية وتاريخها السينمائي الطويل، ويعرضون دورها المركزي في عالم الرعب الأميركي وعلاقتها التكافلية مع مجتمع الميم مع تشريح شامل للأصداء الثقافية والنفسية التي تتردد بعد إنتاج كل عمل. اللافت هنا عدم وجود، ولو ذكراً عابراً، لسلسلة القصص المصورة لتشاكي، أو البرنامج التلفزيوني الفرعي للسلسلة، ما يدفعنا إلى التساؤل: هل مانشيني مهووس بالسيطرة إلى هذه الدرجة؟