استمع إلى الملخص
- تُكرم المساجد قراء القرآن في العشر الأواخر، بدعم مادي ومعنوي، لجذب المصلين وتعزيز الروحانية، خاصة في ليلة القدر.
- تستعد الأسر لعيد الفطر بشراء الملابس التقليدية والتزين بالحناء، مع ازدحام في محطات النقل للسفر، رغم تهديد التحولات العصرية لهذه العادات.
في العشر الأواخر من رمضان بالمغرب، تبرز عادات وتقاليد يلتزم المغاربة ممارستها، حيث يتوارثونها من جيل إلى جيل منذ زمن طويل. طقوس وعادات ضاربة في التاريخ، تسعى الأسر للمحافظة عليها ونقلها عبر الأجيال، خصوصاً أن زحف التكنولوجيا الحديثة والمستجدات العصرية بات يهدد استمراريتها.
الاحتفاء بالأطفال الصائمين أول مرة في رمضان
تحرص العديد من الأسر على أن يكون أول صيام لأطفالها خلال العشر الأواخر من رمضان تأكيداً لخصوصية هذا الشهر الذي لا تقتصر أجواؤه على العادات الغذائية والاستهلاكية، بل تمتد إلى غرس قيم روحانية وتعليمية، مثل تدريب الأطفال على الصيام.
ولتحفيزهم، تقدم الأسر مكافآت للأطفال الذين يتمون يومهم الأول من الصيام، وتلبسهم الملابس التقليدية، وتوثق هذه اللحظة بتصويرهم لدى مصورين محترفين، وهم يمتطون الخيل أو يجلسون على أرائك مزينة. وتفضل بعض الأسر أن يكون أول صيام لأطفالها في ليلة السابع والعشرين من رمضان التي تصادف ليلة القدر، لما تحمله من طقوس روحانية مميزة في المجتمع المغربي.
الاهتمام بالقراء
في العشر الأواخر من رمضان، يولي المشرفون على المساجد اهتماماً خاصاً بقراء القرآن الكريم، حيث يكرمونهم ويدعمونهم مادياً ومعنوياً، سواء كانوا أئمة رسميين أو مقرئين يُستقطَبون من مناطق بعيدة لإحياء صلاة التراويح، مع توفير السكن والمأكل لهم. وتُجمَع التبرعات من المصلين، خصوصاً في ليلة القدر، لدعم هؤلاء المقرئين مالياً.
ويبلغ عدد المساجد في المغرب حالياً 51 ألف مسجد، 72% منها تقع في البوادي، وفقاً لبيانات وزارة الأوقاف المغربية.
ويزداد الاهتمام بالمقرئين خلال هذه الأيام مع الإقبال المتزايد على المساجد. وتضفي أصوات الشباب في تلاوة القرآن جواً من الخشوع، ما يجذب المصلين، خصوصاً من فئة الشباب، ويعزز ارتباطهم بالمساجد. كذلك يتميز هؤلاء القراء بقدرتهم على تجويد القرآن بأسلوب مؤثر، يضفي مزيداً من الروحانية على الأجواء.
اقتناء ملابس العيد وخصوصاً التقليدية
تحرص الأسر المغربية على اقتناء ملابس العيد، بما في ذلك الملابس التقليدية، حفاظاً على العادات والتقاليد المتوارثة منذ عقود. ويعكس شهر رمضان هذا الارتباط العميق بالأزياء التقليدية، التي تُرتدى في المناسبات الدينية والزيارات العائلية، ما يعزز قيم الأصالة والهوية الثقافية.
وتشهد الأسواق خلال هذه الفترة حركة نشطة وانتعاشاً في مبيعات الملابس، خصوصاً التقليدية، حيث يزداد الإقبال عليها من مختلف الفئات العمرية. ففي سوق "السويقة" بالمدينة العتيقة في العاصمة الرباط، يقبل الناس على شراء أزياء تقليدية مثل الكَندورة، الجلابة، البَلغة، والقُفطان.
ويُعَد الجلباب (أو الجلابة كما يطلق عليها المغاربة) من أبرز القطع التقليدية التي تحظى بإقبال كبير، لما يضفيه من أصالة وأناقة في تصاميمه الرجالية أو النسائية. ويعود هذا الإقبال إلى التقاليد العريقة التي تربط المغاربة بهذه الأزياء، إلى جانب جمالها وحرفية صناعتها التي تتطلب مهارة وخبرة وزمناً طويلاً، رغم المنافسة المتزايدة من الأزياء العصرية والتقنيات الحديثة في الصناعة التقليدية.
وتُعتبر هذه الأيام ذروة النشاط التجاري بالنسبة إلى التجار، إذ تشهد الأسواق إقبالاً كثيفاً على شراء الملابس التقليدية، ما يجعل الحركة التجارية في أوجها خلال الفترة التي تسبق العيد.

التزين بالحناء
يشهد التزيين بالحناء إقبالاً كبيراً خلال هذه الأيام، سواء داخل الأسرة، أو في بعض الأماكن الشعبية المعروفة، حيث تتجمع النساء في مجموعات متفرقة لنقش الحناء.
ويختلف ثمن نقش الحناء من شكل إلى آخر، وينخفض أو يرتفع بحسب نوعيته على يد واحدة أو اثنتين أو أنه يشمل القدمين. وتبدأ طقوس الحناء بعد صلاة العصر وتتوقف قبيل الفطور، ثم تستأنف بعد ذلك، وتمتد إلى ساعة متأخرة من الليل يومياً.
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" الحناء والتقاليد المرتبطة بها في 16 بلداً عربياً (من بينها المغرب) ضمن قائمة اليونسكو للتراث غير المادي.

الاستعداد للسفر لقضاء العيد لدى الأهل
قبيل عيد الفطر، يستعد العديد من المواطنين للسفر داخلياً لقضاء العيد مع عائلاتهم، ما يؤدي إلى ازدحام كبير في محطات النقل، حيث يفضل الكثيرون العودة إلى مسقط رأسهم للاحتفال بهذه المناسبة.
ورغم تمسك الأسر بهذه العادات والحرص على توريثها للأجيال، إلا أن التحولات العصرية باتت تهدد استمراريتها. ففيما تظل هذه التقاليد حاضرة في الأحياء الشعبية، فإنها تقلّ في بعض الأحياء الحديثة بالمدن، كذلك تختلف مظاهرها من منطقة إلى أخرى.
(الأناضول)