استمع إلى الملخص
- أثار فيلم وثائقي لـ"بي بي سي" عن غزة جدلاً بعد سحبه بسبب "أخطاء جسيمة"، وربط البعض إلغاء الجائزة بالضغوط الصهيونية، فيما انتقد المؤرخ جوناثان ديمبلبي قرار الجمعية.
- طالبت شخصيات إعلامية بالكشف عن أي ضغوط خارجية لإلغاء الجائزة، وانتقدت تدخل مجلس نواب اليهود البريطانيين، مشيدة بشجاعة الصحافيين الفلسطينيين.
أعادت جمعية التلفزيون الملكية البريطانية جائزة خصصتها لتكريم صحافيي غزة. تأتي الخطوة في أعقاب رسالة وجّهتها أكثر من 370 شخصية مهنية في مجال التلفزيون والصحافة إلى إدارة الجمعية تطالبها بالشفافية حول قرار حذفها. وقال متحدث باسم الجمعية لموقع ديدلاين إنه "بعد قرار إيقاف تقديم الجائزة مؤقتاً، اجتمعت جمعية التلفزيون الملكية هذا الأسبوع كجزء من عملية المراجعة المعلنة سابقاً للجمعية". وأضاف أنه "لا تزال الجمعية ملتزمة بالاعتراف بعمل الصحافيين في غزة وستقدم الجائزة الخاصة. إنها تناقش كيف سيحدث ذلك". وتابع أنه "كان هناك شعور قوي بأن هناك إمكانية في الحفل بأن يطغى الجدل الأخير حول بعض تغطية غزة على الجائزة"، في إشارة إلى فيلم وثائقي سحبته "بي بي سي" حول أطفال غزة.
وحذفت "بي بي سي" الوثائقي "غزة: كيف تنجو في منطقة حرب"، الذي عرض للمرة الأولى في 17 فبراير/شباط الماضي، عن منصّتها الإلكترونية، وبدأت مراجعة فورية لـ"أخطاء" اعتبرتها "بالغة ومضرّة". وأفادت، في بيانها الصادر في 27 فبراير/شباط، بأن التقييم الذي أجرته كشف وجود "عيوب جسيمة في إعداد هذا البرنامج" الذي أنتجته شركة هويو فيلمز البريطانية المستقلة. وأكدت تحملها والشركة المنتجة المسؤولية عن الأخطاء "غير المقبولة". بينما ربط عاملون في القطاع بين حذف الفيلم وضغوط صهيونية.
370 شخصية إعلامية طالبت بإعادة الجائزة
وجّهت أكثر من 370 شخصية مهنية في مجال التلفزيون والصحافة رسالةً إلى إدارة الجمعية الملكية للتلفزيون تطالبها بالشفافية في قراراتها، بعد أن ألغت جائزة صحافيي غزة. وحثّت الرسالة بشدة الجمعية على إعادة الجائزة الخاصة في حفل توزيع جوائز التلفزيون المُرتقب في 25 مارس/آذار المقبل. ووجّهت المجموعة نسخة من رسالتها إلى الملك تشارلز، الراعي الملكي للجمعية، وطلبت مقابلته.
وجاء في الرسالة التي وقّعتها أسماء إعلامية، مثل كبير مراسلي القناة الرابعة أليكس تومسون والمنتج التنفيذي والمحرر السابق لأخبار القناة الرابعة بن دي بير، والمخرجين حائزَي "أوسكار" كيفن ماكدونالد وآصف كاباديا والمخرجة الحائزة جائزتي إيمي وجائزة الجمعية راميتا نافاي، أن إلغاء الجمعية للجائزة "يكشف عن نقص مُقلق في الاستقلالية والإجراءات القانونية الواجبة والمساءلة". وأشار الموقعون إلى أن صحافيي غزة وفلسطين "يموتون بأعداد غير مسبوقة من أجل نقل الأخبار إلى الشاشات البريطانية". وأضافوا أنه على الرغم من التحديات الشديدة التي يواجهها الصحافيون في غزة، فإن عملهم "كان له تأثير عميق، مُظهراً البراعة والإبداع والمبادرة في ظل ظروف قاسية، وهو ما تُقدّره الجمعية نفسها في معايير جوائزها".
تمييز ضد صحافيي غزة
سَعَت الرسالة إلى الحصول على إجابات بشأن قرار إلغاء الجائزة، وتساءلت عما إذا كانت الإجراءات القانونية الواجبة قد اتُّبعت أثناء اتخاذ هذا القرار. وجاء في نص الرسالة: "هل تُشير الجمعية الملكية للتلفزيون إلى أن كل شخص في غزة، خاصةً صحافييها، يُمكن اعتباره مُذنباً بارتكاب جريمة ما، ويجب إثبات براءته قبل أن يستحق التقدير على جهوده وتضحياته؟ هل طبّقت الجمعية هذا المعيار على أي فئة أخرى من الصحافيين في أي مكان آخر في العالم؟".
ضغوط صهيونية
علاوة على ذلك، طالب الموقّعون المؤسسة بالكشف عن أي ضغوط مارستها جهات خارجية لإلغاء الجائزة. فتساءل نص الرسالة: "في الحالات التي مارست فيها جماعات المصالح الخاصة الضغط، هل بُذلت أي جهود للبحث عن مصادر أو آراء مُوازِنة، وهل أُخذت هذه الآراء في الاعتبار؟".
وكانت الصحافية في قناة سكاي أليكس كروفورد قد انتقدت عبر حسابها على منصة إكس، في 10 مارس الحالي، بياناً صادراً عن مجلس نواب اليهود البريطانيين، جاء فيه أن رئيس المجلس تحدث إلى الرئيسة التنفيذية للجمعية الملكية للتلفزيون تيريزا وايت بشأن "بعض الترشيحات". كما أشادت بالصحافيين الفلسطينيين في غزة لشجاعتهم، ووصفت تدخل المجلس بأنه "ضغط فظيع".
جدل وثائقي "بي بي سي"
ربط قرار الجمعية إلغاء الجائزة بالجدل الذي أثاره فيلم وثائقي عرضته "بي بي سي" عن قطاع غزة وحذفته لاحقاً، بعدما تبيّن أن الراوي عبد الله اليازوري (13 عاماً) نجل مسؤول حكومي سابق. ووصف المؤرخ والمقدم التلفزيوني جوناثان ديمبلبي مسؤولي الجمعية الملكية للتلفزيون البريطانية بـ"الجبناء". وصرح ديمبلبي لصحيفة تايمز البريطانية: "هذا القرار جبان، والأسس التي اتُّخذ بناءً عليها، وهي مشكلة حول فيلم من إنتاج بي بي سي، واهية وسطحية. لم يشارك أي صحافي يعمل في غزة في إنتاج ذلك الفيلم". وأضاف: "نعتمد بشكل كبير على تقارير الصحافيين الموجودين في غزة الذين يُخاطرون بحياتهم يومياً، لأنه لا يُسمح للصحافيين الغربيين بالدخول إلا في جولات خاصة (يديرها الجيش الإسرائيلي). الجمعية الملكية للتلفزيون تحظى، عن حق، باحترام كبير، وتخليها فجأة عن دورها لأنها لا تريد أن تُعكّر صفو الأجواء هو تصرّف جبان وغير حكيم".
وكان مسؤول قسم الجوائز في الجمعية، أدريان ويلز، قد قال في تصريحات إعلامية: "كنا نخطط لمنح الجائزة لصحافيين في غزة تقديراً لجهودهم الجبارة على مدار الشهور الـ18 الماضية تقريباً، التي اتسمت بضغط شديد وجهد كبير. ومع ذلك، لن تُمنح هذه الجائزة في نهاية المطاف. هذه المسألة أصبحت كأنها كرة قدم سياسية، والجمعية حريصة على عدم صب الزيت على النار". وقال متحدث باسم الجمعية حينها إن "تحقيقات فتحت أخيراً حول عدد من التقارير الإخبارية من غزة، ونظراً إلى استمرار هذه التحقيقات، لم نَرَ أنه من المناسب المضي قدماً في منح الجائزة هذا العام".