30 صحافية خلف القضبان في الشرق الأوسط

30 صحافية خلف القضبان في الشرق الأوسط

11 مارس 2023
الإيرانيتان نيلوفر حامدي وإلهه محمدي تواجهان خطر الإعدام (عطا كناري/ فرانس برس)
+ الخط -

 

تمثل النساء أكثر من 13 في المائة من إجمالي الصحافيين والمعاونين الإعلاميين الذين يقبعون خلف القضبان حول العالم، وعددهم 550، إذ يقدر عدد السجينات بما لا يقل عن 73 امرأة، وفقاً لإحصائيات منظمة مراسلون بلا حدود، علماً أن نسبتهن تضاعفت خلال السنوات الخمس الماضية.

وأقرت "مراسلون بلا حدود" في اليوم العالمي للمرأة، الأربعاء، بأن حضور النساء تزايد أكثر فأكثر في العمل الميداني وفي غرف التحرير على حد سواء، لكن هذه الزيادة يقابلها ارتفاع في وتيرة القمع الذي يطاولهن، وهو التوجه الذي سُجل بشكل ملحوظ في 14 بلداً عبر العالم، وعلى رأسها الصين (21 صحافية خلف القضبان)، وإيران (12 صحافية)، وميانمار (10 صحافيات)، وبيلاروسيا (10 صحافيات)، وفيتنام وتركيا (4 صحافيات).

وقال مسؤول مكتب الشرق الأوسط في "مراسلون بلا حدود" جونثان داغر، لـ"العربي الجديد"، إن هناك 30 صحافية خلف القضبان في منطقة الشرق الأوسط، 12 منهن في إيران، بينهن نيلوفر حامدي وإلهه محمدي، اللتان غطتا قضية مهسا أميني، وهما متهمتان بـ"الدعاية ضد النظام" و"التآمر ضد الأمن القومي"، وهاتان التهمتان تنطويان على عقوبة الإعدام. وهناك 3 صحافيات معتقلات في مصر، واثنتان في المملكة العربية السعودية.

ولفت داغر إلى أن 8 صحافيات قتلن في المنطقة خلال العامين الماضيين، وتحديداً في العراق واليمن وفلسطين المحتلة، حيث اغتال الاحتلال الإسرائيلي، العام الماضي وحده، الصحافيتين شيرين أبو عاقلة وغفران وراسنة.

وأبدى داغر قلقه على مصير الصحافيات في موقع مدى مصر المستقل، بعدما أُحلن إلى المحاكمة بتهم الإساءة لأعضاء في مجلس النواب المصري من حزب مؤيد للحكومة وإساءة استخدام وسائل الاتصال، وقال: "نحن قلقون للغاية بشأن مصيرهن، لأنه في حال إدانتهن، يمكن أن يواجهن عقوبة سجن قد تصل إلى عامين".

وأفاد بأن معظم الانتهاكات التي ترصدها "مراسلون بلا حدود" في المنطقة ترتكبها الأنظمة أو المجموعات المسلحة والمليشيات، وهي في أغلبها معادية لحريات الصحافة وللنساء، وشرح قائلاً: "يأتي القانون في معظم الأحيان ليشرّع هذه الممارسات ويباركها، فأحد أهمّ أسباب العنف ضد الصحافيات، عامة، هو عدم ملاحقة مرتكبي العنف. الإفلات من العقاب في هذه الحالة أسبابه سياسية، وهو نتيجة ثقافة قمعية تريد ترهيب الصحافيين والصحافيات. وبالتالي، فإن منع الجرائم في حق الصحافيات ومحاسبة المجرمين هو من مسؤولية الأنظمة أولاً".

وعلى الرغم من العقبات، فإن الصحافيات يبرزن في طليعة تغطية النزاعات والأحداث في معظم دول الشرق الأوسط، ولذلك، فهن يتعرّضن إلى شتى أنواع التضييق والترهيب والعنف الذي يتعرّض له الصحافيون عامة في المنطقة، وفقاً لداغر، إضافة إلى التمييز والمضايقات والعنف الذي يتعرّضن له لكونهن نساء، وأضاف: "في إيران مثلاً، استهدفت السلطات الصحافيات تحديداً، كونهن كن في واجهة تغطية الاحتجاجات النسوية (التي أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني). وفي كردستان العراق، تعرّضت الكاتبة والصحافية النسوية الكردية ناكهان أكارسل للاغتيال في 4 أكتوبر/ تشرين الأول 2022". وأكد أن الكثير من الصحافيات المعتقلات يتعرضن للتعذيب والاعتداء الجنسي في السجون، و"تُعد المتخصصات في مجالات حقوق المرأة والرياضة والسياسة من بين الصحافيات الأكثر عرضة للعنف. ففي السعودية، تعرضت الصحافية نوف عبد العزيز الجراوي للتعذيب بالكهرباء والاعتداء الجنسي أثناء احتجازها. وغالباً ما تكون الصحافيات أهدافاً للمضايقات والتنمّر على وسائل التواصل الاجتماعي. ففي لبنان مثلًا، نرى حملات تحريض ذكورية عنيفة ضد صحافيات، وتحديداً منتقدات السلطات الراهنة".

هذه الانتهاكات لا تواجهها الصحافيات في هذه المنطقة فقط، ففي ميانمار حُكم على الصحافية المستقلة هتيت هتيت خين مرتين بثلاث سنوات سجناً والأشغال الشاقة، بتهمة "التحريض على الكراهية والعنف ضد الجيش"، على خلفية تغطيتها لأعمال العنف التي ارتكبتها القوات المسلحة في الطريق إلى الاستيلاء على السلطة بالقوة في 1 فبراير/ شباط 2021، وهي تقبع منذ أغسطس/ آب 2021 في سجن إنسين المعروف بظروفه المزرية. أما في بيلاروسيا، فلا تزال تسع صحافيات قابعات خلف القضبان، بتهمة تغطية تظاهرات غير مُصرَّح بها، "علماً أن سِجِلَّ هذا البلد كان مخزياً في حصيلة الانتهاكات المرتكبة ضد الصحافيين خلال عام 2021، حيث احتل صدارة البلدان التي يفوق فيها عدد الصحافيات المحتجزات نظراءهن الرجال (17 مقابل 15)"، وفقاً لتقرير أصدرته "مراسلون بلا حدود" الأربعاء.

أشارت المنظمة في تقريرها إلى أن "الفاعلات الإعلاميات يواجهن مختلف أنواع العقوبات، فقد حُكم على كاتسيارينا أندرييفا باخفالافا مرتين بالسجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات وثلاثة أشهر، لمجرد تصوير وقفة احتجاجية نظمها مناهضون للرئيس ألكسندر لوكاشينكو في ساحة التغيير، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، علماً أنها لا تحصل على الرعاية اللازمة، وهي التي تدهور بصرها بشكل ملحوظ، من دون أن تتخذ السلطات أي إجراء لعلاجه. كما تتدهور صحة زميلتها اكسينيا لوتسكينا التي تقضي عقوبة بالسجن لمدة ثماني سنوات، إذ لا تتلقى أي علاج على الإطلاق، وهي التي تعاني من مشاكل الربو وورم الدماغ".

في فيتنام، حاولت السلطات التعتيم على الحالة الصحية الحرجة للصحافية المخضرمة فام دوان ترانج، الفائزة بجائزة مراسلون بلا حدود للشخصية الإعلامية المؤثرة عام 2019، فقررت نقلها إلى سجن يقع على بعد ألف كيلومتر جنوب العاصمة هانوي.

وفي الصين، تعاني الصحافيات السجينات من نقص الرعاية وظروف الاحتجاز المزرية، بل وسوء المعاملة في الكثير من الأحيان، كما هو الحال بالنسبة للصحافية صوفيا هوانغ شويقين التي ذاع صيتها في أعقاب انخراطها في حركة #MeToo، إذ تعاني من آلام شديدة في الخصر، بعد تعرضها للتعذيب وسوء المعاملة.

إلى ذلك، دقت "مراسلون بلا حدود" ناقوس الخطر بشأن اختفاء العنصر النسوي عن المشهد الإعلامي الأفغاني، ففي أقل من عامين، انقلب المشهد الإعلامي في أفغانستان رأساً على عقب، حيث أغلقت نصف المنابر الإعلامية الـ526 التي كانت موجودة في البلاد حتى صيف عام 2021، فيما لا تزال أقل من مائتي امرأة نشطة في الحقل الصحافي الذي كان يزخر بما لا يقل عن 2300 فاعلة إعلامية، قبل استيلاء حركة طالبان على السلطة في 15 أغسطس 2021، ما يعني أن جميع الصحافيات تقريباً تركن المهنة (90 في المائة)، إذ فرت بعضهن خارج البلاد، لكن العدد الدقيق للصحافيات الأفغانيات اللواتي تمكَّنَّ من الذهاب إلى المنفى لا يزال مجهولاً. وبالنسبة للفاعلات الإعلاميات اللواتي بقين في البلاد، فقد بات عليهن تحمل ظروف عمل قاسية، إن لم تكن مستحيلة، إذ أقدمت حركة طالبان في الآونة الأخيرة على منعهن من إجراء مقابلات مع الرجال، بل وبلغت هذه الإجراءات التعسفية حد منعهن من حضور المؤتمرات الصحافية في بعض المحافظات، كما لم يعد بإمكانهن تقديم برامج تلفزيونية أو إذاعية بصحبة زملائهن الرجال، أو حتى استقبال ضيوف من الذكور. وعلاوة على ذلك، فرضت وزارة طالبان لتعزيز الفضيلة ومنع الرذيلة قيوداً صارمة على اللباس، إذ تفرض تغطية أجسام النساء بالكامل من الرأس إلى أخمص القدمين عند ظهورهن أمام الكاميرات، إذ لا يمكن أن تظهر إلا العيون.

المساهمون