25 ألف انتهاك رقمي خلال العدوان على غزة

19 فبراير 2025
صحافيان فلسطينيان في خانيونس، 7 إبريل 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعرض الصحافيون الفلسطينيون لانتهاكات جسيمة خلال حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023، حيث استهدفتهم قوات الاحتلال ودُمرت مقار المؤسسات الإعلامية، مع تقييد حقوقهم الرقمية والوصول إلى الإنترنت.
- وثّق مركز صدى سوشال ومؤسسة لمة صحافة آلاف الانتهاكات الرقمية، مما دفع الصحافيين لاستخدام تطبيقات أكثر أماناً مثل "سيغنال"، وتحديات في نشر المحتوى بسبب الرقابة الصارمة.
- تصاعد التحريض الرقمي ومحاولات الاختراق ضد الصحافيين، مع دعوات لتعزيز الأمان الرقمي وحماية الخصوصية والإبلاغ عن المنشورات المحرضة.

منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، سعى الاحتلال إلى استهداف الصحافيين الفلسطينيين وعائلاتهم وتدمير مقار ومكاتب المؤسسات الإعلامية، ترافق ذلك مع انتهاكات متعمدة لحقوقهم الرقمية بهدف التضييق عليهم ومنعهم من إظهار حقيقة ما يجري في القطاع.

ووثّق مركز صدى سوشال ومؤسسة لمة صحافة للإعلام المجتمعي، في تقرير صدر الأسبوع الماضي، الانتهاكات ضد الحقوق الرقمية الخاصة بالصحافيين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية خلال حرب الإبادة. تشكل الحقوق الرقمية، مثل الحق في الوصول إلى الإنترنت والمعلومات والحرية في التعبير عن الرأي، جزءاً من منظومة حقوق الإنسان التي ضرب بها الاحتلال عرض الحائط قبل وبعد وخلال العدوان على غزة.

ويعاني مستخدمو الإنترنت في فلسطين من تحديات متعددة، بما في ذلك مخاوف الخصوصية وحماية البيانات، خاصة في ظل السيطرة الإسرائيلية على البنية التحتية للاتصالات، وتأثيرها على شركات التواصل الاجتماعي. تضاعفت هذه التحديات مع بدء الإبادة في غزة، وكان لها أثر بالغ على الصحافيين الفلسطينيين الذين واجهوا التحريض الرقمي وتقييد المحتوى ومحاولات الاختراق وانتحال الشخصية، إضافة إلى قطع الإنترنت والهجمات الرقمية ضد مواقع إخبارية، مما عقّد إنجاز مهمتهم الأساسية المتمثلة بنقل الأخبار.

تقييد المحتوى خلال الإبادة في غزة

وثّق مركز صدى سوشال 25 ألف حالة انتهاك رقمي خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، استهدفت 29% منها الصحافيين والمؤسسات الإعلامية الفلسطينية، وتضمنت حذف الحسابات وتقليل الوصول إلى المحتوى وإغلاق الحسابات.

واقع أشارت إليه الصحافية تقى حنون من طولكرم، التي حُذفت قناتها بشكل نهائي من منصة يوتيوب، وقيّد "إنستغرام" الوصول إلى حسابها الشخصي وحساب العمل كما حذفت عشرات من المنشورات والقصص التي نشرتها. كما منعتها منصة تيك توك من نشر عدد من الفيديوهات، وحذفت البعض الآخر.

دفع الشعور بالضغط والرقابة حنون وغيرها من الصحافيين الفلسطينيين إلى الابتعاد عن تطبيق المراسلة الشهير واتساب الذي تملكه شركة ميتا الأميركية العملاقة، والاتجاه إلى تطبيقات أكثر أماناً مثل "سيغنال". هذا القلق يؤكده توثيق "صدى سوشال" عبر كشفه عن حظر 700 رقم فلسطيني بعد السابع من أكتوبر 2023، علماً أن 76% من أصحاب هذه الأرقام موجودون في قطاع غزة.

من جهته، أشار مراسل "العربي الجديد"، الزميل جهاد بركات، إلى معاناته مع الوصول شبه المنعدم على منصات مثل "فيسبوك" و"إكس" وبدرجة أقل "إنستغرام"، مما يصعب مهمته في نشر المحتوى وإيصال الأخبار. كما لفت إلى وجود نظام آلي مصمم لحجب المحتوى الفلسطيني. كذلك، أفاد بركات بأنه مضطر لإعادة صياغة محتواه قبل نشره على المنصات الاجتماعية، بسبب منع استخدام كلمات معينة، مثل "شهيد"، قد يؤدي استعمالها إلى إلغاء المنشور.

أمر يؤكده أيضاً الصحافي عبادة طحاينة من جنين، الذي اضطر إلى إعادة صياغة محتواه، وتغيير أساليب تغطيته الإخبارية لمحاولة تجنب الرقابة. وبيّن طحاينة أنه يتجنب استعمال المصطلحات الدقيقة والتعبيرات الشائعة للتحايل على عقوبات مثل حذف المنشور أو حظر الحساب، منبهاً إلى أن تغييرات طفيفة قد تؤدي إلى عواقب وخيمة تصل إلى إلغاء حسابات المنصات والصحافيين الفلسطينيين.

التحريض الرقمي ومحاولات الاختراق

رصد "صدى سوشال" أكثر من 200 منشور تحريضي يدعو لاستهداف الصحافيين في الأراضي الفلسطينية خلال حرب الإبادة على قطاع غزة. معظم هذه التعليقات كانت من جهات إسرائيلية، لكن اللافت أن بعضها جاء من جهات تتبع السلطة الفلسطينية.

وأدت حملات التحريض الإسرائيلية إلى اعتقال 145 صحافياً في الضفة الغربية والقدس، وترافقت مع حملات مماثلة لتبرير قتل الصحافيين واستهدافهم في قطاع غزة من خلال وصمهم بالإرهاب، حتى وصل عدد الشهداء إلى 205 صحافيين، بحسب إحصاءات مكتب الإعلام الحكومي في غزة. كذلك، وثق "صدى سوشال" 85 منشوراً تحريضياً أطلقتها جهات رسمية في السلطة الفلسطينية وحسابات تكتب بالعربية ضد الصحافيين الفلسطينيين والمؤسسات الإعلامية، وهو ما أدى إلى إغلاق مكتب الجزيرة واعتقال عدد من الصحافيين والمتعاونين معها.

وسجل المركز في فترة العدوان أكثر من 1200 محاولة اختراق لحسابات صحافيين فلسطينيين على "فيسبوك" و"إنستغرام"، إضافةً إلى 16 حالة انتحال شخصية بهدف تشويه السمع، كما تلقى الصحافيون تهديدات مباشرة عبر رسائل نصية أو على مواقع التواصل الاجتماعي. وحذر التقرير من تزايد قلق الصحافيين الفلسطينيين من استخدام التكنولوجيا كأداة لقمعهم والتجسس عليهم، داعياً إلى ضرورة حماية الخصوصية وتعزيز الأمان الرقمي.

وفي ظل تصاعد الدعوات الإسرائيلية على منصات التواصل الاجتماعي من أجل طرد وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم المحتلة، أصبح الفضاء الرقمي ساحة معركة رئيسية يستغلها رواد خطاب الكراهية لنشر التحريض والعنصرية. وفي هذا السياق، نصح "صدى سوشال" بالإبلاغ (Report) عن المنشورات أو الحسابات المحرضة، وتحديدها ضمن فئة خطاب الكراهية (Hate Speech)، أو إبلاغ "صدى سوشال" مباشرة إذ يوفر قنوات دعم مجانية للحماية القانونية والنفسية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

المساهمون