استمع إلى الملخص
- التحديات والنجاحات المبكرة: واجهت يوتيوب تحديات في البنية التحتية بسبب النمو السريع، وحققت نجاحات مع مقاطع شهيرة، مما أدى إلى تحديات تقنية ومالية مثل مطالبات حقوق الملكية.
- الاستحواذ والنمو الهائل: استحوذت غوغل على يوتيوب في 2006 مقابل 1.65 مليار دولار، مما ساهم في نموها الهائل، حيث تجاوزت إيراداتها 50 مليار دولار بين 2023 و2024، مع أكثر من 2.5 مليار مستخدم.
أصبحت خدمة يوتيوب التي أبصرت النور خلال عشاء داخل مرأب ضمّ مجموعة من الأصدقاء، قبل 20 عاماً، منصة يومية أساسية للمستخدمين من مختلف الأعمار، لدرجة أنها على مشارف تخطي القنوات التلفزيونية، لناحية معدّل المتابعة للخدمات المدفوعة. ويقال إن الفكرة طرأت في بال ستيف تشين وتشاد هيرلي وجاويد كريم الذين كانوا زملاء في خدمة "باي بال"، خلال تناولهم العشاء. ويقول روس بينيس، من شركة إي ماركتر، لوكالة فرانس برس، إنّ "يوتيوب أُطلق على أيدي شبان يعملون في المجال التكنولوجي كانوا يرغبون في إنشاء خدمة لمقاطع الفيديو لمشاهدة إعادة للعرض الفني لجانيت جاكسون خلال مباراة سوبر بول"، في إشارة إلى الحادثة الشهيرة التي سُجلت خلال العرض الموسيقي بين شوطي مباراة نهائي كرة القدم الأميركية عام 2004، عندما كشف جاستن تيمبرليك عن أحد ثديي جاكسون.
"يوتيوب" من البداية
أُطلق موقع يوتيوب (youtube.com) في 14 فبراير/ شباط 2005. وأُضيفت إمكانية تحميل مقاطع فيديو عبر الموقع في 23 إبريل/ نيسان من ذلك العام، عندما نشر جاويد كريم أول مقطع موسيقي بعنوان "أنا في حديقة الحيوانات". شوهد المقطع الممتد على 19 ثانية، ويظهر فيه كريم أمام فيلَين في حديقة حيوانات سان دييغو، 348 مليون مرة. هذه البداية البسيطة للخدمة استحوذت عليها لاحقاً شركة غوغل مقابل 1.65 مليار دولار.
لا شك في نجاح "يوتيوب" الآن. لكن في البداية، لم يكن مؤسسوها حتى واثقين من أنها ستتخطى العثرات، بعدما قرروا تحويلها من خدمة للمواعدة إلى منصة لتبادل مقاطع الفيديو. حينها، ظهر في مقطع فيديو ستيف تشين وهو يشتكي من محدودية عدد المقاطع التي تنشر على "يوتيوب"، وقال إن وجود ما بين 40 و60 فيديو ليس عدداً كافياً لجذب المستخدمين. كيف قرر المؤسسون الثلاثة تحويل "يوتيوب" من خدمة مواعدة إلى منصة للفيديوهات؟ ينقل موقع بزنس إنسَيدر الإخباري عن تشين قوله: "كانت جرأة منا أن نقرر تدشين منصة عامة حيث يمكننا استضافة جميع مقاطع الفيديو على الإنترنت. مر أسبوع، ولم نتلقَّ مقطع فيديو واحداً مخصصاً للمواعدة. في تلك المرحلة، قلنا: لا فرق، فلنجعله موقعاً عاماً (غير محصور بفيديوهات من أجل المواعدة)".
بحلول صيف 2005، جذبت "يوتيوب" شركة سيكويا التي استثمرت فيه 3.5 ملايين دولار في جولة التمويل الأولى لها في سبتمبر/ أيلول من ذلك العام، وثمانية ملايين دولار أخرى بعد بضعة شهور. يصرح تشين بأنه "لم يكن من الممكن أن نحصل على مكتب في وادي السيليكون حتى نحصل على التمويل. لم يكن بوسعنا تحمل كلفة ذلك"، لذا عمل المؤسسون من مكتب "سيكويا" لمدة ثلاثة أعوام تقريباً، حتى أصبح عددهم نحو 12 شخصاً، ثم انتقلوا إلى مكتب في مدينة سان ماتيو.
المكتب الأول
كان مكتب "يوتيوب" في سان ماتيو يقع فوق محل بيتزا ومطعم ياباني. كان كئيباً، مع أنابيب مكشوفة على السقف، وسجاد باهت، ويعاني من مشكلة القوارض، وكان المطبخ فوضوياً، وغرفة المؤتمرات صغيرة، كما يصفه الموظفون الأوائل. تقول المستشارة العامة زهافا ليفين: "حين بدأنا بعقد الاجتماعات، لم تكن هناك غرف مؤتمرات متاحة على الإطلاق. كنا نقصد أعمدة المصاعد وخزائن الحراسة إذا احتجنا إلى إجراء محادثة خاصة". ويشير المدير المالي جيديون يو إلى أنه "كان على المديرين التنفيذيين التناوب على التخلص من الفئران العالقة في المصائد". لكن لم يكن كل شيء بهذا السوء. كان الفريق متماسكاً، فالكثير من أفراده الأوائل، من منتصف عام 2005 إلى عام 2006، التقوا في "باي بال".
بحلول مارس/ آذار 2006 تجاوز عدد مقاطع الفيديو المتاحة على "يوتيوب" 25 مليوناً، وفقاً لموسوعة بريتانيكا. وبحلول صيف ذلك العام شهدت "يوتيوب" حدثين مفصلين أبرزا نجاحها: نشر مشهد عنوانه Lazy Sunday في برنامج "ساترداي نايت لايف" الشهير، ونشر إعلان نايكي الذي ظهر فيه نجم كرة القدم رونالدينيو. حقق المقطعان نجاحاً باهراً وسريعاً، حتى أن "يوتيوب" واجهت صعوبة في الحفاظ على بنيتها الأساسية وتشغيلها. يتذكر تشين: "كل 48 ساعة تقريباً، كانت تحدث بعض الحالات الطارئة. عندما يكون لديك مليون شخص يشاهدون مقطع فيديو يومياً، لا يعود بإمكانك تسجيل كل مشاهدة يدوياً".
النمو الشعبي كان كبيراً وطرح أسئلة توسيع مراكز البيانات والأجهزة والبرامج. تشرح ليفين: "ما صعب تقديره هو مدى سرعة نمونا بما يتجاوز قدرتنا على إدارة الأعمال. كانت البنية الأساسية للبيانات العالمية لدينا تنهار، وكان حسابنا المصرفي يتضاءل، وكان مديرو شركات الموسيقى الغاضبون يطالبون بمئات الملايين من الدولارات (بسبب تحميل المقاطع المحمية بالحقوق في المنصة)، وكان الشركاء يطرقون الأبواب في محاولة لجذب انتباهنا". لتعويض الخسائر وجني الأرباح جاءت فكرة الإعلانات.
والخدمة التي بدأت بين الفئران وكانت تخسر المال تحوّلت في الخريف التالي إلى منصة أغرت شركة بحجم "غوغل"، إذ اشترتها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2006 مقابل 1.65 مليار دولار. أضافت "غوغل" خوارزميات البحث الخاصة بها وأدواتها الإعلانية عبر الإنترنت إلى "يوتيوب". هذا الاستثمار كان صفقة مربحة جداً لـ"غوغل".
ومن الربع الرابع من عام 2023 إلى الربع الثالث من عام 2024، تجاوزت إيرادات "يوتيوب" التراكمية من الإعلانات والاشتراكات 50 مليار دولار، بحسب "بزنس إنسيدر". وقد استخدمه خلال العام الفائت أكثر من 2.5 مليار شخص، فيما بلغ عدد المشتركين في خدمة "يوتيوب بريميوم" مائة مليون، بحسب شركة استاتيستا للإحصاءات. وبحسب "غوغل"، يشاهد مستخدمو الإنترنت في العالم أكثر من مليار ساعة من محتوى "يوتيوب" يومياً على أجهزة التلفزيون الخاصة بهم وحدها. ويتوقَّع أن يصبح لدى المنصة في غضون عامين عدد مشتركين مدفوعين أكثر من أي قناة تلفزيونية تقليدية.