العميل 007

العميل 007

14 أكتوبر 2021
دانيال كريغ جيمس بوند (يوتيوب)
+ الخط -

عندما كنا صغاراً، كانت السينما المكان الذي نهرب إليه من عمالة الأطفال وعنف المدارس، وفقر الترفيه، وأيضاً الكبت الجنسي للمراهقين. وكانت بعض صالات السينما تقدم لهؤلاء الفتية عروضاً متواصلة، تضم فيلماً مصرياً أو سورياً من بطولة الممثلة السورية الشهيرة، إغراء، وفيلماً هندياً، وفيلم كاوبوي أميركياً لا يموت فيه البطل، ولا يفرغ مسدسه من الرصاص أبداً. ما زلت أتذكر أفيشات الأفلام وهي تحمل صور نجمات الإغراء، أو بروس لي، أو الكاوبوي ممتطياً حصانه مصوباً مسدسه ذا البكرة. حينها، صنعت السينما خيالنا ووجهت أحلامنا وملأتها بالغث والسمين.
كانت أفلام "جيمس بوند" تلبي خيال المراهقين أمثالي، الحالمين بأداء دور بطولي، مالكين ما يرغبون به من مال ونساء وأسلحة وسلطة وذكاء وحظ.
وبالإضافة إلى كل قائمة المغريات تلك، كان هناك، أيضاً، عالم الاستخبارات الغامض، المليء بالأسرار، والذي يتمنى المراهق وُلوجَه، حيث العميل 007 الذي أنقذ العالم من الأشرار، مرة تلو مرة، على مدى 25 فيلماً، كان آخرها هذا العام، والذي جاء تحت عنوان "لا وقت للموت".
لا يحفل جيمس بوند، رغم نواياه الطيبة، بالضجة التي يحدثها أثناء تنفيذه لأي عملية، ولا بالثمن المدفوع، ولا بعدد الضحايا، وإنما يعمل وفق عنوان الفيلم الثامن بسلسلة بوند، الذي صدر عام 1973: "عش ودع الآخرين يموتون".
اخترع ضابط الاستخبارات البحرية إيان فليمنغ (1908 - 1964) شخصية جيمس بوند، ونشرها ضمن روايته "كازينو رويال" في عام 1953، ثم تابع مغامرات بوند في روايات أخرى، ومجموعتي قصة قصيرة. وبعد رحيل فليمنغ، انضم كتاب آخرون إلى مؤلفي هذه السلسلة.

موقف
التحديثات الحية

تحولت رواية "كازينو رويال" إلى فيلمين سينمائيين، أنتج الأول في عام 1967، والثاني في عام 2006، إلى جانب مسلسل تلفزيوني، أنتج عام 1954 في الولايات المتحدة، ليقدم نسخة أميركية عن جيمس بوند.
فيلم "كازينو رويال"، المنتج في عام 2006، والذي يحمل رقم 21 في السلسلة، كان أول ظهور للممثل دانيال كريغ كجيمس بوند، في حين أن الفيلم الأخير "لا وقت للموت" سيشكل الظهور الأخير لدانيال كريغ في هذا الدور، إذ يبدأ البحث عن جيمس بوند جديد.
في "لا وقت للموت" يتقاعد جيمس بوند في جزيرة نائية، لكن الاستخبارات الأميركية والبريطانية، من دون تنسيق بينهما، تبحثان عنه لتكليفه بمهمة إنقاذية جديدة، وهي كشف مجموعة أشرار تستخدم تقنية جديدة، وهي اللعب بالشفرة الوراثية لقتل الناس وإشعال حروب وهدم الحضارة الإنسانية... ينحاز بوند إلى الاستخبارات الأميركية أولاً، ولكنه، في النهاية، يعمل مع البريطانية؛ لأنّ لديها الكثير من المعلومات عن المشروع، كونها كانت مشاركة فيه لأسباب صحية.
ينجح بوند في تدمير المنشأة ورئيس العصابة، لوتسيفر سافين، الذي أدى دوره، بنجاح، الممثل رامي مالك.
في الأفلام السابقة، يظهر جيمس بوند من بين النيران والدخان والقذائف سليماً معافى، معلناً نهاية سعيدة للفيلم، ولكنه في هذا الفيلم يصر على الموت افتداء لحبيبته مادلين (أدت الدور ليا سيدو)، وطفلته التي عرف أنها منه. وبالتالي يموت جيمس بوند، أو هكذا توحي نهاية الفيلم.
تدور التكهنات الآن بين المتابعين والنقاد عمن سيكون جيمس بوند في الفيلم القادم، ولا سيما بعد هذه النهاية في "لا وقت للموت"، وبعد تصريح الممثل دانيال كريغ أن هذا هو فيلمه الأخير كـ جيمس بوند، وتثار أسئلة من نوع هل سنشاهد العميل 007 ذا بشرة سوداء؟ هل يمكن أن يكون العميل السري صبية جميلة تدير رؤوس الرجال، كما كان يفعل بوند في السيدات؟
هل يمكن أن يكون بوند الجديد طفلة جيمس الذي ضحى بحياته من أجلها؟
مع كل هذه الأسئلة، يبقى احتمال أن يعود جيمس بوند من الموت، وأن يؤدي دوره ممثل آخر؛ فقد تعاقب على الدور سبعة ممثلين منذ ظهور السلسلة حتى الآن.

المساهمون