استمع إلى الملخص
- استخدمت إسرائيل وكالة إعلان حكومية لنشر آلاف الإعلانات عبر "غوغل" وحساب "يوتيوب" لنشر مقاطع فيديو بلغات متعددة، مستهدفة 35 دولة، مما يشير إلى تنظيم وتأثير دعائي ممنهج.
- أسفرت الحملة عن فوز إسرائيل بأعلى عدد من أصوات الجمهور، لكنها خسرت اللقب لصالح النمسا بسبب نقاط لجان التحكيم، مما يثير مخاوف من تسييس التصويت.
كشف تحقيق أجرته "يوروفيجن نيوز سبوتلايت"، وهي خدمة التحقق من المعلومات التابعة لاتحاد البث الأوروبي (الجهة المنظمة لمسابقة الأغنية الأوروبية)، عن أدلة تثبت تورّط الدعاية الإسرائيلية في الترويج المكثف لمرشحتها للمسابقة في دول أوروبية عبر عمليات تأثير إعلامي مكثّف قبل الجولة النهائية، ما ساهم في رفع إسرائيل إلى المرتبة الثانية رغم الدعوات لطردها من المسابقة.
إسرائيل تقترب من الفوز في "يوروفيجن"
حلّت المشاركة الإسرائيلية يوفال رافائيل في المركز الثاني، بعدما حصدت أغنيتها "يوم جديد سيشرق" 297 صوتاً من الجمهور، لكنها خسرت اللقب لصالح النمسا. وقد انتشرت على "تيك توك" مقاطع مصوّرة لمشاهدين داخل بيوتهم يعيشون لحظات التوتر خشية فوز إسرائيل في مسابقة تُعنى بالسلام، في وقت تُتهم فيه بارتكاب إبادة جماعية في غزة أسفرت، حتى 15 مايو/أيار، عن استشهاد 53.655 فلسطينيًا وإصابة 121.950 آخرين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ونشرت وكالة إعلان حكومية إسرائيلية، تخدم مختلف الوزارات والمؤسسات الرسمية، آلاف الإعلانات عبر شبكة "غوغل"، وحصدت ملايين المشاهدات عبر الإنترنت حتى موعد النهائي الذي أُقيم في مدينة بازل السويسرية. وأعرب عدد كبير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي عن مخاوفهم من أن ما جرى يتعارض مع قواعد المسابقة ويؤدي إلى تسييس التصويت.
هذه الوكالة معروفة بتخصّصها في الترويج للرواية الرسمية الإسرائيلية حول العدوان على غزة، وعلاقات إسرائيل بالمؤسسات الدولية. وقد بثّت أكثر من خمسة آلاف إعلان، ركّز بعضها على الطعن في مصداقية منظمات تنتقد الاحتلال، أو الدفاع عن سياساته الحربية، إضافة إلى تحشيد الدعم لموقف إسرائيل.
الدعاية بالأرقام والمنصات
كشف موقع يوروفيجن نيوز سبوتلايت أن حسابًا على "يوتيوب"، أُنشئ في 20 إبريل/نيسان 2025 باسم @Vote4NewDayWillRise، نشر 89 مقطع فيديو بين السادس والسادس عشر من مايو/أيار، تجاوز مجموع مشاهداتها 8.3 ملايين مشاهدة، ووصل أحد الفيديوهات الداعية للتصويت إلى 25 مليون مشاهدة قبل أن يُحذف من القناة ليلة النهائي.
ورغم عدم الإعلان رسميًا عن ارتباط القناة بأي جهة حكومية، إلا أن تحليل مركز شفافية إعلانات "غوغل" أظهر أن الحملات الإعلانية انطلقت من حساب موثّق تابع لوكالة الإعلان الحكومية الإسرائيلية.
استخدمت هذه الحملة أكثر من 35 لغة، موجهة لمواطني 35 دولة، حيث ظهرت يوفال رافائيل في مقاطع مخصصة لكل بلد تشجع على التصويت لها، مذكّرة الجمهور بإمكانية التصويت حتى 20 مرة.
في السادس من مايو، استهدفت 16 دولة بفيديوهات موجهة للتصويت لـ"رقم 14"، وهو رقم إسرائيل في نصف النهائي. وقبيل الحفل النهائي بيوم واحد، نشرت القناة دفعة واحدة 73 فيديو تستهدف بلدان أوروبا كافة، وتحث على التصويت لـ"الرقم 04"، المخصص لإسرائيل في النهائي.
تحليل إضافي أجراه فريق التحقيق باستخدام موقع "سوشل بليد" الأميركي المتخصص في بيانات وسائل التواصل، كشف أن القناة فقدت نحو 28.6 مليون مشاهدة من رصيدها في 17 مايو/أيار، ما يشير إلى أن صاحب الحساب حذف عددا كبيرا من المقاطع وأخفى أثرها.
تضخيم ممنهج وحشد رسمي
سبق الجولة النهائية تضخيم مكثّف على وسائل التواصل، شاركت فيه الحسابات الرسمية لدولة الاحتلال، بالإضافة إلى حملات موازية على "إنستغرام"، و"تيك توك"، و"إكس". كما شاركت السفارات الإسرائيلية في عدد من الدول الأوروبية، أبرزها المملكة المتحدة والسويد والدنمارك، في حث الناس على التصويت عشرين مرة لصالح ممثلة إسرائيل.
وبالرغم من أن قواعد "يوروفيجن" تنص بوضوح على أن المسابقة "حدث غير سياسي"، وتُلزم هيئات البث الوطنية بعدم تسييس المشاركة، فإن الترويج الضخم للمشاركة الإسرائيلية أغفل بشكل واضح الإشارة إلى هيئة الإذاعة العامة الإسرائيلية، وهي الجهة الممثلة رسميًا، ما يدل على أن الحملة لم تكن تحت إشرافها المباشر.
نتائج التصويت... والدعاية تفعل فعلها
أسفرت الحملة عن فوز إسرائيل بأعلى عدد من أصوات الجمهور، لكنها خسرت اللقب بسبب حصول النمسا على نقاط أعلى من لجان التحكيم. ونالت إسرائيل 12 نقطة من تصويت الجمهور في كل من أستراليا، أذربيجان، بلجيكا، فرنسا، ألمانيا، لوكسمبورغ، هولندا، البرتغال، إسبانيا، السويد، سويسرا، والمملكة المتحدة. كما منحتها دول أخرى، مثل قبرص وفنلندا والنرويج، عشر نقاط.
ووصل عدد مشاهدات الإعلانات المعروضة في هذه الدول ذات التصويت الأعلى إلى أكثر من 4.2 ملايين مشاهدة، ما يؤكد فعالية التأثير الدعائي المنظم الذي طوّع منصات الإعلام الرقمي للتأثير في نتيجة المسابقة.