وفاة برتران بلييه... مخرج جدلي أثار انتقادات في زمن "مي تو"

21 يناير 2025
برتران بلييه خلال مشاركته في برنامج تلفزيوني في باريس، 29 أغسطس 2007 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- رحل المخرج الفرنسي برتران بلييه عن عمر 85 عامًا، تاركًا إرثًا سينمائيًا غنيًا بأفلام شهيرة مثل "ليه فالسوز" و"بوفيه فروا"، وحصل على جوائز مرموقة مثل الأوسكار وسيزار.
- تميزت أفلام بلييه بتصويرها للأشخاص الهامشيين وكانت جريئة في زمنها، لكنها تواجه اليوم انتقادات بسبب ما يُعتبر كراهية للنساء وترويجًا للهيمنة الذكورية.
- أشاد العديد من الشخصيات السينمائية بمسيرته، ووصفت وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي بلييه بأنه مخرج عظيم ومتمرد.

طُويت صفحة من تاريخ السينما الفرنسية قبل حقبة "مي تو" مع رحيل المخرج برتران بلييه صاحب الكثير من الأفلام الشهيرة والاستفزازية، مثل "ليه فالسوز" و"بوفيه فروا"، والذي شارك في صناعة نجوم كبار أبرزهم جيرار ديبارديو وميشال بلان وميو ميو.

وتوفي المخرج مساء الاثنين عن 85 عاماً "بسلام في منزله في باريس محاطاً بزوجته وأبنائه"، بحسب ما قاله ابنه ليونار بلييه لوكالة فرانس برس.

وطبع بلييه بأفلامه الغنية بالحوارات الممتعة وأسلوبه الفكاهي اللاذع والمباشر، تاريخ السينما الفرنسية في العقدين السابع والثامن من القرن العشرين.

وفاز برتران بلييه بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي في عام 1979 عن فيلم "بريباريه فو موشوار" (Preparez vos mouchoirs). وفي العام التالي، حصل على جائزة سيزار لأفضل كاتب سيناريو عن فيلم "بوفيه فروا".

وكان الراحل المعروف بتدخينه الغليون يهوى في أفلامه تصوير الأشخاص الهامشيين من منحرفين ورجال شرطة تعساء ومومسات.

بالنسبة للبعض، كان بلييه من المخرجين غير التقليديين والجريئين، فيما اعتبره آخرون رمزاً للاستفزاز وصاحب نمط سينمائي من زمن غابر. وسيظل اسمه مرتبطاً في المقام الأول باسم جيرار ديبارديو الذي بدأ مسيرته المهنية في عام 1974 في فيلمه "ليه فالسوز" إلى جانب باتريك ديوير وميو ميو.

فكاهة برتران بلييه "الفظة"

تحوّل "ليه فالسوز" إلى أحد كلاسيكيات المكتبة السينمائية الفرنسية، خصوصاً مع أسلوبه الفكاهي الفظ الذي كان صادماً في زمنه. لكن في الوقت الحالي تواجه أعمال برتران بلييه انتقادات تأخذ عليها خصوصاً ما يوصف بأنه كراهية للنساء وترويج للهيمنة الذكورية.

وفي السنوات الأخيرة، قالت بعض الممثلات اللواتي ظهرن في أفلامه، مثل ميو ميو وبريجيت فوسي، إنهن كن ينظرن إلى حس الفكاهة الفظ الذي كان يتمتع به بلييه في بعض الأحيان على أنه بمثابة إذلال أو اعتداء عليهن.

إلّا أن بلييه الذي أنجز نحو ثلاثين فيلماً، كان مخرجاً شعبياً، إذ تمكّن من جذب ثلاثة ملايين متفرج في الثمانينيات بفيلم "تونو دو سواريه" (Tenue de Soiree) الذي جمع ديبارديو مع ميو ميو وميشال بلان.

وقال بلييه لوكالة فرانس برس في عام 2011: "التصوير وقت رائع يكون فيه المرء عديم المسؤولية تماماً".

ويمثل موته نهاية حقبة، بعدما سبقه في الرحيل بعض من أصدقائه المقربين وزملاء العمل، بدءاً من باتريك ديوير الذي انتحر في عام 1982، إلى ميشال بلان الذي توفي في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. أما جيرار ديبارديو فقد أصبح منبوذاً في أوساط الفن السابع، بعد اتهامه بالاغتصاب.

وأشادت جوزيان بالاسكو التي أخرج لها بلييه فيلم "ترو بيل بور توا" (Trop belle pour toi) عام 1989 بالمخرج الراحل، وكتبت على "إنستغرام": "أتمنى لك رحلة سعيدة يا صديقي. واشرب كأساً مع بلان للمناسبة".

كذلك، كتب الممثل جان دوجاردان الذي أدى دور كاتب مدمن الكحول في فيلمه "لو بروي ديه غلاسون" (Le Bruit des glacons): "لقد كان من دواعي سروري أن أصوّر فيلماً من إخراجك. لقد كنت مديراً وصديقاً ومخترعاً في مجال السينما. مع روحك الشاعرية، وجرأتك، وكلماتك، وضحكك، وصمتك. لقد كنت تحب الممثلين كثيراً".

وكان هذا الفيلم الذي صدر عام 2010، من بطولة ألبير دوبونتيل، من آخر نجاحات برتران بلييه، الذي كانت فترة العقد الأول من القرن الحالي أقل ازدهاراً بالنسبة له.

"رجاله أساؤوا معاملة" النساء

أشادت شخصيات أخرى كثيرة بمسيرته الفنية، مع تأكيد بعضهم أن أعماله تمثل حقبة غابرة لم تعد تنسجم مع الزمن الحالي.

وأكدت وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي، أن "برتران بلييه كان مخرجاً عظيماً ومتمرداً" في أفلامه التي "كانت تتماشى مع سياق عصرها".

وكتب جيل جاكوب، أحد رؤساء مهرجان كان السينمائي السابقين، في رسالة إلى وكالة فرانس برس: "كان برتران بلييه يجمع بالقدر نفسه صفات الكاتب والمخرج، الساخر والمستفز، الأخلاقي والمتشائم، وكان يحب النساء، لكنّ رجاله أساؤوا معاملتهن".

وأضاف: "توجد في أفلامه بعض الاكتشافات المذهلة، وكشف جريء عن بعض العادات المثيرة للاشمئزاز، ومشاهد مضحكة تقترب من العبث والعاطفة أيضاً".

(فرانس برس)

المساهمون