وزير الإعلام اللبناني يفتتح عهده بتصريح قمعي: تنديدات بالوصاية

وزير الإعلام اللبناني يفتتح عهده بتصريح قمعي: تنديدات بالوصاية

12 سبتمبر 2021
أكد الصحافيون دفاعهم عن حرية التعبير (محمد محجوب/فرانس برس)
+ الخط -

شنّ وزير الإعلام اللبناني الجديد جورج قرداحي، لدى عودته إلى بيروت لتسلّم مهامه ضمن حكومة نجيب ميقاتي، هجوماً على المحللين السياسيين الذين حاكوا عبر وسائل الإعلام سيناريو تأليف الحكومة الجديدة التي ولدت على أيدي سياسيي وأحزاب سلطة المحاصصة و"تقاسم جبنة" مراكز القرار والنفوذ.

وقرّر قرداحي في "أوّل دخوله إلى عالم وزارة الإعلام" أن يقرّر ويحدّد لوسائل الإعلام الضيوف الذين يجب أن تستضيفهم، وأن "يضع فيتو" على آخرين، وهو ما أدى إلى حملة تنديدات واسعة من قبل صحافيين أولاً وناشطين اعتبروا أن الوزير يلعب دور الوصي على المنابر والتلفزيونات، ويسعى، حتى قبل تسلم وزارته، إلى استخدام سلاح كتم الصوت والتعتيم على الحقيقة المعروفة عند كل اللبنانيين، ولا سيما حول طريقة تأليف الحكومة واختيار الوزراء بعد صراع دام 13 شهراً.

وتوجه قرداحي إلى من أسماهم "بعض الجهابذة والمحللين الذين ظهروا عبر شاشات الوسائل الإعلامية خلال اليومين الماضيين، وحللوا تشكيل الحكومة والمحاصصة"، بالقول، "فليسمحوا لنا وليهدأوا قليلاً". و"تمنى" قرداحي على وسائل الإعلام "عدم استضافتهم لأن الحكومة حديثة الولادة".

واستنكر تجمّع نقابة الصحافة البديلة ما صدر عن وزير الإعلام جورج قرداحي في أول تصريحٍ له، معتبراً أنّه "سمح لنفسه بلعب دور الوصي على وسائل الإعلام وتحديد ما يجب أن يقال وما يجب أن يحجب، عبر دعوة وسائل الإعلام إلى عدم استضافة المحللين الذي أشاروا إلى المحاصصة المكشوفة في تشكيل الحكومة".

وحذر تجمّع نقابة الصحافة البديلة السلطة من مغبة لعب هذا الدور، داعياً إلى "احترام الحريات الإعلامية"، ومؤكداً أن "محاولات تحويل لبنان إلى دولة أمنية سيتم التصدي لها من قبل الإعلاميين أولاً".

وذكّر التجمّع بضرورة إلغاء وزارة الإعلام أسوة بالبلدان الديمقراطية التي تحترم حرية التعبير.

وانتقد عددٌ من الصحافيين تصريح وزير الإعلام ومحاولته تحويل لبنان إلى دولة أمنية، وتحديد محتوى البرامج وأسماء الضيوف، والإملاء على الإعلاميين ومعدّي البرامج والتدخل في عملهم.

وكتب فراس حاطوم "شغلة الصحافي يسأل وشغلة المسؤول يجاوب فبدو يروق علينا الأستاذ #جورج_قرداحي شوي ويخفف تنظير وإذا ملاقي إنو عندو وقت فراغ بين البرنامج والبرنامج وحابب يعمل فيهن وزير فهيدي مسألة بترجعلو بس المهم ما يكون ناوي يلعب دور #سنفور_مواعظ".

وقالت ديانا مقلد "في حديثه الأول كوزير يطالب قرداحي الإعلام بأن يراقب نفسه وألا يستضيف من يبشر بأننا مقبلون على جهنم (تعبير قاله ميشال عون الذي سمى قرداحي وزيرا). تسمية قرداحي وزير إعلام هو إسفاف وخفة وهذا تماما ما يجعله خصماً سهلاً نظرا لفائض الاستزلام وانعدام المصداقية".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وأكدت إلسي مفرّج "لوزير الإعلام العتيد أول دخوله.. سنكون أول من يتصدى إلى محاولات تحويل لبنان إلى دولة أمنية... #فشرتوا".

وشدد عضو الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان بسام القنطار، في تغريدة على حسابه عبر تويتر، على أن "الدعوة التي اطلقها قرداحي للإعلام اللبناني بعدم استضافة بعض المحللين تتعارض جذرياً مع حرية التعبير كحق من حقوق الإنسان، وهو ليس صاحب صفة أو صلاحية حتى على تلفزيون لبنان الذي يقع تحت وصايته على أمل أن يكون آخر وزير في لبنان".

في السياق، انتقد الكثير من اللبنانيين تعيين قرداحي وزيراً للإعلام مستعرضين مواقفه التي لم يخفِ فيها إعجابه وتقديره رئيس النظام السوري بشار الأسد، حتى إنه وصفه في إحدى المقابلات التلفزيونية بأنه "رجل العام" نسبةً إلى "صموده في الحرب الكونية التي شنت على سورية منذ عام 2011، وأثبت أنه طينة أخرى من الرجال"، في إشارةٍ إلى حرب النظام السوري على شعبه.

وعبّر لبنانيون عن خشيتهم من أن يحوّل قرداحي وزارة مطالب أصلاً بإلغائها إلى منصّة لقمع الآراء وإسكات المعارضين للحكومة والمضيئين على أداء وزرائها، خصوصاً أنّ البعض منهم بدأت أسماؤهم تتردد، وتنتشر مقاطع فيديو لمواقف لهم مثيرة للجدل، وملفات يفترض أن تعرّضهم للمساءلة لا للتكريم بمناصب وزارية.

واستعان الناشطون باسم برنامجه الشهير "من سيربح المليون" للتعليق على الطريقة التي ستعمل بها الحكومة الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي، الذي تحوم حوله شبهات فساد عدّة والمحاط بالدعاوى القضائية، سائلين "من سيسرق المليون".

ويعاني الوسط الصحافي في لبنان من انتهاكات وتضييقات واسعة، خصوصاً في العامين الأخيرين، تتضمن قمعاً للصحافيين خلال ممارسة عملهم، كما استدعاءات واسعة وحملات إلكترونية واعتداءات بالضرب تهدف إلى إسكاتهم عند كشفهم الفساد أو حديثهم عن دور السياسيين فيه. كما يتعرض ناشطون للاستدعاء والترهيب، وسط مخاوف واسعة على حريّة التعبير في البلد الذي كان يعتبر منارةً لها في المنطقة.

المساهمون