هيا زعاترة: الموسيقى طرقت بابي

هيا زعاترة: الموسيقى طرقت بابي

05 ديسمبر 2021
زعاترة: كانت والدتي تتواصل معي غالباً عن طريق جمل ملحّنة (فيسبوك)
+ الخط -

تشكّل الموسيقى بالنسبة للفنانة والموسيقية الفلسطينيّة، هيا زعاترة، علامة تواصلٍ مع وجودها الفيزيائي، لأنّ ولادتها داخل أسرة فنّية جعلتها تعشق فنّ الغناء وهي صغيرة.

تقول زعاترة لـ"العربي الجديد": "صوت أمي حضنني من قبل ولادتي، وهو ما شكّل مساري وحبي للموسيقى منذ سنواتي الأولى. فكانت والدتي تتواصل معي غالباً عن طريق جمل ملحّنة، أي أنها كانت تكلّمني بغنائيَّة، وهذا كان تواصلي الأول مع العالم". ووجدت زعاترة نفسها تدخل في تنشئة فنّية على مستوى الغناء والتلحين، حتّى داخل أوقات اللعب والرسم، إذْ كانت دوماً تُغنّي ألحاناً تدور في رأسها.

وتضيف زعاترة، مشيرةً إلى مناسبة إطلاق حملتها الشعبية لإنتاج ألبومها الغنائي الأوّل "رهوان": "أعمل وأنتج في مجالين، وهما الموسيقى والهندسة المعمارية، فأنا مغنية وكاتبة أغانٍ وملحنة، وأيضاً مهندسة معمارية وباحثة. أعتقد أن الموسيقى هي الفنَ الأول والطبيعي بالنسبة لي الذي جاء بالفطرة. فالموسيقى طرقت بابي وليس العكس، وهي المكان الذي أشعر فيه بحرية إنتاجية ليست متاحة في أماكن أخرى".

تشير زعاترة إلى أنّ حملتها الشعبية كانت عبر منصة "إنديغوغو". وأعلنت عنها عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة عن طريق فيديو قصير ُصور خلال مراجعاتها الموسيقيّة والتسجيل. وتضيف: "في الفيديو أشرح عن الألبوم وفكرة الحملة وأهمية وسيلة التمويل الشعبيّة هذه لإنتاج فني مستقل، في واقع يواجه فيه الفنان والموسيقي الفلسطيني محدوديّة في الموارد والإمكانات، في ظل الاحتلال وانعدام شركات الإنتاج المحليّة".

وعلى الرغم من مآزق وتخبّطات المشهد الغنائي العربي، فإنّ التفاعل مع الحملة قد فاق توقّعاتها. تقول: "خلال أسبوع واحدٍ وصلنا 60 في المائة من هدفنا الأول، وهو الحد الأدنى للميزانية التي تمكنني من إنتاج الألبوم وإطلاقه". وكان التفاعل على صعيد المحلي والعالمي عاملاً مُشجّعاً "للأشخاص الذين يعملون معي على هذا الألبوم في الاستمرار والعطاء. أمّا على الصعيد الشخصي، هنالك أبعاد غير مادية لهذه الحملة التي قد أعادت لدي الثقة بالحالة الجمعية، بالذات في واقع سياسي واجتماعي كالذي أعيشه، فالحملة أعادت لي الأمل بوجود مجتمع قادر على دعم أفراده".

ومع أن الفنّانة الشابة طرقت أبواب ثلاث مؤسّسات عربيّة، إلا أنَّ الدعم الوحيد الذي حصلت عليه، حسب تعبيرها، كان من "مؤسسة (عبد المحسن القطان) الفلسطينية. وهو دعم ساعدني جداً، وكان بمثابة نقطة انطلاق إنتاج الألبوم، لكنّه يغطي جزءاً صغيراً من ميزانية المشروع، فبالتالي كان عليّ اللجوء إلى حملة التمويل الجماعي".

تروي زعاترة أنّ "عدد المؤسسات التي تدعم الموسيقى والفن قليل جداً، وشركات الإنتاج شبه معدومة في فلسطين. وكان مهماً التوجه إلى مؤسسات مستعدّة أن تمنحني الثقة والحرية التامة في اتخاذ قرارات الإنتاج والفحوى، وهذا أيضاً قلّص الإمكانات المتاحة، فشركات الإنتاج غالباً تتدخّل مباشرة في الفحوى والموسيقى والكلام".

وعن قصّة الألبوم ودلالة أغانيه وطريقة إعداده، تُصرّح الفنّانة الموسيقيّة أنّ "اسم الألبوم هو لعائلة جدة جدي (نظيرة رهوان) التي ولدت في دمشق وعاشت بين الناصرة وحيفا، وهي آخر شخص في عائلتي تنقّل بحرية في بلاد الشام، قبل الاحتلال وفرض الحدود". على هذا الأساس، فإنّ "فكرة الحرية في التنقل والعبور أثارتني جداً، ولها معانٍ واسعة بالنسبة لي؛ منها سياسية واجتماعية وحسيّة وحتى جندرية. وبالتالي فإنَّ الألبوم موجود في الفجوة بين هذه الفكرة وواقعي".

وتُضيف عن فكرة التأثير بأنّ "فكرة الألبوم موجودة بالإحساس الموسيقي والأبعاد الفكرية، لكن الحدث الأساسي الذي قادني في التأليف والكتابة هو فقدان جدّتي باسمة في صيف السنة الماضية، وهذه كانت نقطة مفصلية في حياتي بشكل عام، فأصبح الألبوم حلقة وصل بين نساء فلسطينيّات وشاميّات من ثلاثة أجيال مختلفة، جدّة جدّي، جدّتي، وأنا".

المساهمون