استمع إلى الملخص
- أكدت صحيفة ليبراسيون أن فرانس برس تلقت أموالاً من الوكالة الأميركية في إطار عقود تجارية لتقديم خدمات صحافية، موضحة أن هذه العلاقات التجارية لا تتعارض مع مبادئ العمل الصحافي.
- تواجه فرانس برس قضية داخلية بعد شكوى من صحافية تتهم الوكالة بالتسبب في "أذى معنوي" لها، مما يزيد الضغوط على الوكالة في وقت حساس.
اتهم بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي الفرنسيين، وعلى رأسهم حسابات مؤيدة لأفكار اليمين المتطرف، وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس) بالعمل كـ"آلة دعاية لجهات أجنبية"، وذلك بعد تناقلهم معلومات تفيد عن تلقي المؤسسة الفرنسية أموالاً من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) بناءً على عقود تجاريّة مع مواقع حكومية أميركية.
بعد قرار إدارة الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، تجميد عمل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، انتشرت شائعات في فرنسا عن تلقّي وكالة الصحافة الفرنسية أموالاً منها، وسارعت حسابات كثيرة خاصة على منصة إكس إلى التشكيك بمصداقيّة "فرانس برس"، وتقديم بيانات الحوالات الماليّة كدليل قاطع على فسادها.
من أبرز الحسابات التي روّجت للخبر، المرشح السابق للرئاسة الفرنسية، نيكولاس دوبان إينيون، الذي نشر لقطة شاشة من موقع USA Spending التابع للحكومة الأميركية، الذي يُثبت تقاضي وكالة الصحافة الفرنسية مبلغ 447 ألف دولار خلال العام الماضي، وأرفق الصورة مع التعليق التالي: "وكالة فرانس برس لم تعد وكالة للأخبار، بل آلة دعاية تحت تأثير أجنبي، تجب إقالة مديرها من منصبه فوراً".
كذلك، نشر "مرصد الصحافة باللغة الفرنسية" وهو حساب معروف بقربه من أفكار اليمين المتطرّف الفرنسي، نشر لقطة شاشة تظهر تقاضي وكالة الصحافة الفرنسية ما يقارب 10 ملايين دولار، في الفترة الممتدّة بين 2008 و2025. كما أكّد أنها تلقت 300 ألف دولار من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
في المقابل، سعت حسابات أخرى على "إكس" إلى تصحيح المعلومة وتوضيح طبيعة العقود والحوالات المالية، خاصةً وأنه لم يغب عن لقطات الشاشة تلك كلمة "اشتراك"، ما يعني أن هذه المبالغ لم تأتِ من العدم بل لقاء خدمات قدّمتها وكالة الصحافة الفرنسية.
بعد انتشار الشائعات، قامت صحيفة ليبراسيون الفرنسية بالتحقّق من الأرقام وتأكدت من صحّتها: بالفعل تلقّت "فرانس برس" مبالغ مالية من الوكالة الأميركية، ومن وكالات أخرى، لكن ذلك كان لقاء خدمات صحافية، مثل الحصول على أخبار أو صور أو مقاطع فيديو، وهو ما يقع في صلب العمل الصحافي للوكالة.
وبحسب "ليبراسيون"، ثلاث جهات أميركية تعاملت مع وكالة الصحافة الفرنسية: الوكالة الأميركية للإعلام على مستوى العالم، الوكالة المستقلة التابعة للحكومة الأميركية (وهي مسؤولة عن مراقبة البثّ الإذاعي والتلفزيون الدوليين) والوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
من جهتها، أكّدت وكالة فرانس برس هذه المعلومات، مشيرةً إلى أن ثلاث وكالات حكومية أميركية توجد على لائحة زبائنها. كما أكّدت الوكالة لصحيفة ليبراسيون أنها تتعامل مع وكالة التنمية الأميركية كزبون لها منذ عام 2009 وفق عقد عمل تجاري "طبيعي".
وهذه ليست المرة الأولى التي يُحاول فيها اليمين المتطرّف وأنصاره ترويج الشائعات والتلاعب بالرأي العام بهدف التشكيك في مصداقية الإعلام الذي لا يتبنّى سرديته. في حالة وكالة الصحافة الفرنسية، إن توجيه هذه الاتهامات يُمثّل مرحلة جديدة من استهداف الإعلام، خاصةً أنه ضد واحدة من أهم الجهات التي يعتمد عليها الرأي العام الفرنسي للتأكد من صحة الأخبار.
وفي سياق منفصل، تتعامل "فرانس برس" مع قضية جديّة حالياً بعد رفع إحدى الصحافيات العاملات في فريقها شكوى "أذى معنوي" ضدّ الوكالة وضدّ مسؤولة أحد الأقسام فيها، ومسؤولة في قسم الموارد البشرية. وتزعم الصحافية، حسب إذاعة "فرانس إنتر"، أنها تعرّضت "للإفراط في العمل، والعزل، والتحقير والتلاعب".