هل تحمي التكنولوجيا النساء في شوارع بريطانيا؟

هل تحمي التكنولوجيا النساء في شوارع بريطانيا؟

15 ديسمبر 2021
مخاطر تتهدد نساء بريطانيا خلال تجوّلهنّ في الشوارع (دينيندرا هاريا/Getty)
+ الخط -

تتهدد النساء في بريطانيا مخاطر عدّة في الشوارع، في عامٍ سُلّط فيه الضوء على جرائم التحرش الجنسي والاغتصاب والقتل ضدّهنّ. وبحسب الأرقام الأخيرة الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني، والتي نقلتها "بي بي سي"، فإنّ نصف النساء في بريطانيا شعرن بعدم الأمان في وقت ما، عندما كنّ يمشين بمفردهن في الظلام. وهو ما دفعهنّ إلى مشاركة موقعهنّ على "واتساب" مع صديق أو قريب، أو الاتصال بأي شخص يثقن فيه للتخفيف من توترهن، فيما لجأت كلّ واحدة منهنّ إلى وسيلتها الخاصة للشعور بالأمان.

هذا العام، أثار مقتل الشابتين سارة إيفيرارد وسابينا نيسا جدلاً في البلاد، حول كيفية حماية النساء من دون الحد من حريتهنّ. وفيما راحت الحكومة تضع استراتيجياتها، برزت تطبيقات تهدف إلى حماية النساء والفتيات في الشوارع. تطبيق WalkSafe الذي حظي بشعبية كبيرة منذ انطلاقه في مارس/آذار الماضي، هو الآن تطبيق الأمان الأسرع نموًا في المملكة المتحدة. وقد اجتذب في الأسبوع الأول من انطلاقه 50 ألف عملية تحميل، وتم تحميله أكثر من 560 ألف مرّة لغاية الآن، خصوصاً أنه كان الأكثر تحميلاً بعد مقتل الشابتين. توضح المؤسِسة المشاركة، إيما كاي، على موقع "مشروع باندورا"، القصة من وراء هذا التطبيق، وتقول إنّ تعرّضها لمضايقات وتحرشات جنسية، دفعها إلى التفكير في إنشائه.

نصف النساء في بريطانيا شعرن بعدم الأمان في وقت ما، عندما كنّ يمشين بمفردهن في الظلام

يعرض التطبيق مواقع جرائم ويعطي تنبيهات السلامة عند المشي أو ممارسة الرياضة. تُثبت الخريطة على هذا التطبيق مواقع الجرائم، مثل الاعتداء الجنسي والسرقة والنشل والطعن بالسكاكين، باستخدام بيانات تم التحقق منها بنسبة 100 بالمائة من قبل الشرطة. كما هو مصمّم لمساعدة الأشخاص على رؤية الأنماط ومواقع الاضطرابات والجرائم المنتظمة، وبالتالي مساعدتهم على تخطيط طرق أفضل قبل مغادرة المنزل.

يتم ملء هذا التطبيق في الغالب بنقط حمراء وسوداء، مما يكشف عن مستويات العنف والاعتداءات الجنسية في كل منطقة. ويمكن للمستخدمين أيضًا الإبلاغ عن وجود الشرطة أو النشالين. والتطبيق مجاني، ومن المتوقع أن يتمتع بميزة جديدة للملاحة عبر الأقمار الصناعية، في أوائل العام المقبل. حيث يتضمن خريطة حية تتيح للمستخدم التواصل مع العائلة والأصدقاء وتتبع طريقه والدردشة معه.

وما يزيد الاهتمام بتطبيقات الأمان للنساء، هو العنف الذي تواجهه النساء في بريطانيا. فقد وجد تقرير يوثق فترة عشر سنوات في المملكة المتحدة من 2009 إلى 2018، صادر عن "تعداد قتل النساء" (Femicide Census) وهي منظمة توثق جرائم قتل النساء، أن امرأة واحدة تُقتل كل ثلاثة أيام في المملكة المتحدة. ولغاية اليوم، لا توجد أي إشارات على انخفاض معدّل القتل. على النقيض من ذلك، تستمر ثقافة إيذاء النساء وقتلهن في الازدهار في عام 2021، حيث فشلت التدخلات السياسية ونقص التمويل للخدمات والشرطة في تغيير هذا الواقع. ففي الوقت الحالي، تُدان 1.6 بالمائة فقط من تهم الاغتصاب في المملكة المتحدة، وتقتل امرأة كل ثلاثة أيام على يد رجل.

امرأة واحدة تُقتل كل ثلاثة أيام في المملكة المتحدة على يد رجل

في جامعة باث، يحاول الباحثون حل مشكلة أدوات السلامة التي يصعب تنشيطها جسديًا. ويعملون على تطوير تطبيق للساعة الذكية للنساء، اسمه Epowar، الذي ينبغي أن يرسل تلقائيًا تنبيهات إذا شعر أن المستخدم في ضائقة، وذلك من خلال مراقبة معدل ضربات القلب وحركة الجسم. وبحسب ما أوردت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، تقول المؤسسة المشاركة لتطبيق Epowar، الطالبة إي-جيه رودت، إن الفكرة خطرت لها أثناء الركض في حديقة سيئة الإضاءة، وخشيت من خطر التعرض لاعتداء. وتتابع: "عندما رأيت أن الساعات الذكية تُستخدم للكشف عن النوبات القلبية، فكرت، حسنًا ربما يمكن تطبيق هذه التكنولوجيا على سلامة النساء".

وعلى الرغم من أن حجم العينة صغير، فإن التطبيق يستخدم الذكاء الاصطناعي للتعرف على حالة الشخص، ويستجيب إذا تعرّض المستخدم للهجوم عند المشي أو الجري بمفرده. وتلفت رودت إلى أنّه خطر ببالهم أن الساعة الذكية المزودة بهذا التطبيق قد تكون وسيلة لتنبيه الآخرين إذا كانت المرأة مقيدة أو تنازع. وقالت: "المفتاح هو أن كل هذا سيحدث تلقائيًا، ولن يكون لدى المهاجم الوقت الكافي لمنع ذلك، وهو أمر غير ممكن دائمًا باستخدام أزرار الذعر التقليدية أو أجهزة الإنذار بالاغتصاب أو الهاتف المحمول".

من جهته، يعتقد ريتش لارسن، مؤسس تطبيق bSafe للهواتف الذكية، أن تقنيته يمكن أن تساعد في رفع الدعاوى أو الملاحقات القانونية. فهو يحتوي على ميزة إنذار الطوارئ التي يتم تنشيطها صوتيًا، ثم يبدأ تلقائيًا البث المباشر للفيديو والصوت لجهات الاتصال المختارة، ويسجل كل ما يحدث. يقول لارسن: "يمكن استخدام هذه التسجيلات كدليل في قضايا المحاكم، مثل الاغتصاب الذي يصعب إثباته في كثير من الأحيان".

وتستند ميزات التطبيق إلى تجربة ابنته شارلين التي تعرضت للاغتصاب. تعتقد شارلين أنه لو كان لديها تطبيق bSafe، لما كان عليها أن تكافح مع الشعور بالذنب. وتُظهر بيانات دائرة الادعاء الملكية لعام 2020 أنه من بين 58845 حالة اغتصاب مسجلة، تمت مقاضاة 2102 فقط وأسفر 1439 عن إدانات. وكان تطبيق bSafe أيضًا محل اهتمام شركات التطبيقات الأخرى.

تطبيقات تحاول تنبيه النساء إلى المخاطر أو الإبلاغ عنها

إلى ذلك، كان توفير الأمان للنساء من ضمن أولويات الحكومة، حيث أعلنت وزارة الداخلية، في 10 نوفمبر/تشرين الثاني، عن العروض الناجحة في جميع أنحاء إنكلترا وويلز لمشاريع "صندوق سلامة النساء" في الليل. ففي يوليو/تموز، أطلقت وزارة الداخلية هذا الصندوق بقيمة 5 ملايين جنيه إسترليني، للمساعدة في تحسين سلامة النساء في الأماكن العامة ليلاً. وتتضمن بعض العطاءات والعروض الناجحة مبادرات تشمل التكنولوجيا. وستعتمد العطاءات الناجحة على الجهود الجارية بالفعل من خلال الجولة الثالثة من تمويل "شوارع أكثر أماناً" بقيمة 25 مليون جنيه إسترليني، التي تضمنت مجموعة من التدخلات، بما في ذلك البرامج التعليمية، لزيادة الوعي والمزيد من إنارة الشوارع وكاميرات المراقبة.

تجدر الإشارة إلى أنّه كما يمكن للتكنولوجيا أن تحمي النساء، فهي قد تستخدم لإلحاق الضرر بهنّ. فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام التقنية ذاتها التي تسمح بالعثور على الهاتف الذكي المفقود، من قبل شخص يريد تعقّب أو ملاحقة شخص ما.

المساهمون