هكذا يؤثر التدخين في الدخل والحياة المهنية

18 يناير 2025
يواجه المدخنون تحيزاً أو تمييزاً في مكان العمل (منير الزمان/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- كشفت دراسة في مجلة Nicotine & Tobacco Research أن التدخين يؤثر سلباً على الدخل، خاصة بين الشباب وذوي التعليم المحدود، حيث يؤدي إلى انخفاض الأرباح بنسبة 1.8% وسنوات العمل بنسبة 0.5% لكل زيادة في "سنوات العلبة".
- أوضحت الباحثة يوتا فينيكاينن أن التدخين يقلل الإنتاجية ويزيد من التمييز في العمل، بينما الأشخاص الذين أقلعوا عن التدخين لم يظهروا نفس الانخفاض في الأرباح أو سنوات العمل.
- تشير الدراسة إلى أن التدخين في مرحلة الشباب يرتبط بانخفاض الأرباح والتوظيف، مع تعرض الأقل تعليماً لأشد العواقب، مما يستدعي سياسات لتعزيز السلوكيات الصحية.

كشفت دراسة جديدة أن التدخين لا يضر بالصحة فحسب، بل يمكن أن يؤثر سلباً في الدخل أيضاً، خصوصاً إذا كان الشخص من العمال الأصغر سناً، ذوي التعليم المحدود. تظهر الدراسة التي نشرت يوم 14 يناير/كانون الثاني في مجلة Nicotine & Tobacco Research أن هذه العادة مرتبطة بانخفاض الأرباح وقلة سنوات العمل لدى البالغين الأصغر سناً، مع تأثير أكبر في من لم يكملوا مستويات تعليمية عالية.

"نحن نعلم بالفعل أن التدخين ضار بالصحة. فهو يزيد من خطر الإصابة بالسرطان وأمراض الرئة وأمراض القلب. عام 2019، ارتبط نحو 14% من الوفيات العالمية بالتدخين. ومع انخفاض معدلات التدخين منذ تسعينيات القرن الماضي، لا يزال التدخين عادة شائعة. ففي 2019، كانت 18% من النساء و27% من الرجال في الدول ذات الدخل المرتفع يدخنون"، تقول المؤلفة الرئيسية للدراسة يوتا فينيكاينن، أستاذة الاقتصاد المشاركة في جامعة يوفاسكولا الفنلندية.

تضيف الباحثة في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن هذه الدراسة الجديدة تظهر أن التدخين لا يضرّ بالجسم فحسب، بل يمكن أن يؤثر سلباً في حياتنا المهنية ودخلنا؛ إذ يعتقد الباحثون أن هذا قد يكون بسبب أن التدخين يقلل من الإنتاجية، خصوصاً في الوظائف التي تتطلب مجهوداً بدنياً. فالتدخين يمكن أن يجعل الأشخاص أقل لياقة وأقل قدرة على الأداء الجيد في العمل، فضلاً عن احتمال أن يواجه المدخنون تحيزاً أو تمييزاً في مكان العمل بسبب الوصمة المرتبطة بالتدخين.

فحص الباحثون بيانات من 3596 شخصاً في فنلندا كانوا جزءاً من دراسة طويلة الأمد تسمى "دراسة مخاطر القلب والأوعية الدموية لدى الشباب الفنلنديين". وُلد هؤلاء المشاركون بين عامي 1962 و1977 وعاشوا في مناطق حضرية وريفية. تتبعت الدراسة عاداتهم التدخينية، وربطت هذه المعلومات بتاريخ عملهم وأرباحهم من عام 2001 فصاعداً، عندما كانت تراوح أعمارهم بين 24 و39 عاماً.

لقياس التدخين، استخدم الباحثون مقياساً يسمى "سنوات العلبة" (Pack-years) وهي طريقة لحساب كمية التدخين على مدار حياة الشخص. على سبيل المثال، إذا دخن شخص ما علبة سجائر يومياً لمدة 10 سنوات، فسيكون لديه تاريخ تدخين يعادل 10 سنوات-علبة.

"كانت النتائج صادمة"، وفقاً للمؤلفة الرئيسية للدراسة؛ إذ وجد الفريق البحثي أنه مقابل كل زيادة بوحدة واحدة في سنوات العلبة، انخفضت أرباح الشخص بنسبة 1.8%. وهذا يعني أنه إذا قلل شخص ما تدخينه بمقدار خمس سنوات علبة، على سبيل المثال، بالإقلاع عن التدخين لمدة خمس سنوات، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة أرباحه بنسبة 9%. ووجدت الدراسة أيضاً أن زيادة التدخين ارتبطت بقلة سنوات العمل. فمقابل كل زيادة بوحدة واحدة في سنوات العلبة، انخفضت سنوات العمل بنسبة 0.5%. كان التأثير الأكبر بين العمال الأصغر سناً ذوي التعليم المحدود. فبالنسبة إلى هؤلاء الأفراد، ارتبط التدخين كثيراً بانخفاض الأرباح. ومع ذلك، لم يلاحظ هذا التأثير لدى العمال الأكبر سناً، ما يشير إلى أن التدخين قد يؤثر سلباً بفرص العمل أكثر لدى الشباب، خصوصاً أن التدخين أصبح أقل شيوعاً بين الأجيال الأصغر سناً اليوم.

ومن المثير للاهتمام، أن الآثار السلبية على التوظيف ظهرت فقط لدى الأشخاص الذين يدخنون حالياً. أما أولئك الذين أقلعوا عن التدخين، فلم يظهروا الانخفاض نفسه في الأرباح أو سنوات العمل. وهذه أخبار جيدة لمن يقررون الإقلاع عن التدخين، إذ لم يفت الأوان لتحسين فرصك في سوق العمل.

لكن، لماذا يؤثر التدخين في الأرباح؟ يرجع الباحثون هذا التأثير إلى عدة أسباب قد تجعل من التدخين طريقاً إلى انخفاض الأرباح. أولاً، يمكن أن يجعل التدخين الأشخاص أقل إنتاجية في العمل، خصوصاً في الوظائف التي تتطلب قدرة بدنية. ثانياً، قد يأخذ المدخنون إجازات مرضية أكثر بسبب المشاكل الصحية الناتجة من التدخين. وأخيراً، هناك احتمال أن يمارس أصحاب العمل تمييزاً ضد المدخنين، سواء كان ذلك بوعي أو بغير وعي، بسبب الصور النمطية السلبية المرتبطة بالتدخين.

تؤكد فينيكاينن أهمية معالجة التكاليف الاقتصادية الخفية للتدخين، مضيفة أن "التدخين في مرحلة الشباب يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأرباح والتوظيف على المدى الطويل، مع تعرّض الأفراد الأقل تعليماً لأشد العواقب. هذه النتائج تسلط الضوء على الحاجة إلى سياسات تعالج التكاليف الاقتصادية الخفية للتدخين وتعزز السلوكيات الصحية".

دلالات
المساهمون