هجرة الممثلين السوريين ومتلازمة الاستهلاك

هجرة الممثلين السوريين ومتلازمة الاستهلاك

28 أكتوبر 2020
لعب تيم حسن بطولة أربعة أجزاء من "الهيبة" ويستعد للجزء الخامس (الصبّاح للإنتاج)
+ الخط -

أبرز ما تعانيه الدراما السورية اليوم، هو التفلت من معايير هذه الصناعة، وتوجُّه مجموعة لا بأس بها من الممثلين إلى الهجرة، بدءاً من بيروت، مروراً بعواصم الخليج العربي، والعمل من هذه البلدان في مشاريع درامية، يبقى مقياس نجاحها رهناً بيد الجمهور. بيد أن الاتجاه أو الإسراع  إلى المنصّات البديلة الخاصة بعرض المسلسلات العربية، شكّل معبراً جيداً لنشاط هذه الصناعة، وبدأ التأسيس لقاعدة إنتاج أخرى بسبب الطلب المتزايد من قبل المنصّات الإلكترونية على الجديد الدرامي.

بداية العقد الحالي، نشطت المشاركة الدرامية بين مجموعة ممثلين ينتمون إلى جنسيات عربية مختلفة، وهذا ما دفع بمجموعة لا بأس بها من الممثلين السوريين إلى الهجرة نحو هذه الصناعة المشتركة، التي لاقت رواجاً ومتابعة جيدة من قبل الجمهور، في ظل ظروف أمنية واقتصادية سيئة عاشتها سورية خلال فترة الحرب، ولا تزال. كما تقلصت فرص العمل في الدراما بعدما ساهمت شركات إنتاج تابعة للنظام في هذه الصناعة، وفرضت شروطها، ما أثر تلقائياً على الترويج والمبيع للدراما السورية.

في المقابل، تحضّر منتجون عرب، ومنهم لبنانيون، لاستغلال النجاح الذي يحظى به الممثل السوري، ووظفوا ذلك لمصلحتهم عبر عقود عمل يمتد أقصرها لثلاث سنوات، بين هذه الشركات والممثلين، ومنهم تيم حسن، وقصي خولي، ومعتصم النهار.

هذه الاستراتيجية الجديدة المعتمدة أو القائمة على احتكار نجم لسنوات، وتنفيذ مجموعة من المسلسلات التزاماً بالعقد، ولّدت في الفترة الأخيرة نوعاً من الاستهلاك للممثلين، وغياباً لاكتشاف وجوه جديدة ضرورية أمام وفرة الطلب في سوق العرض الإلكتروني والتلفزيوني على الدراما المشتركة خصوصاً، التي توفر مداخيل جيدة للمنصّات والمنتجين معاً، الذين يصرون على استهلاك ممثلي الصف الأول حتى آخر نفس، وفقداناً لمعايير عديدة تشد من "عزيمة" النجاح الذي يحققه هؤلاء والمسلسل معاً.

والواضح أن المسلسلات المختصرة، أو تلك التي لا تتعدى الـ12 حلقة، هي الأكثر طلباً في هذه الفترة، ما يضع مجموعة من الممثلين في إطار "التنفيذ" القائم على شروط العقد. استهلاك واضح مثلاً لمعتصم النهار في أربع مسلسلات نفذها خلال عام واحد، وهذا بالطبع يحمل مؤشرات قد تهدد نجومية "الممثل الوسيم"، الذي عُرف عربياً بعد مشاركته خلال الموسم الماضي في مسلسل "خمسة ونص"، أمام نادين نجيم، ومواطنه قصي خولي.

ولا يعتبر تيم حسن أفضل حالاً، بعدما اعتمد على موهبته فقط في القاهرة قبل سنوات، وشارك بطلاً أول في سلسلة من الأعمال المصرية القيّمة ("الملك فاروق"، 2007، و"عابد كرمان"، 2011)، التي زادت في نجاحه، وشكلت تحدياً كبيراً أثبت أنه ممثل من الطراز الأول. لكن، قبل سنوات، دخل حسن إطار الدراما العربية المشتركة، ويبدو أنه مستمر في ذلك، بعد النجاح الذي حققه خلال أربعة مواسم من مسلسل "الهيبة"، رغم الجدل الواسع الذي، برأي منتج، مثّل محفزاً على الاستمرار على الخط ذاته، وذلك يشكل استهلاكاً لتيم حسن نفسه والمحتوى الدرامي الذي تعتمده الشركة في اختيار القصة والسيناريوهات.

المساهمون