هاتف ذكي روسي لعناصر الجيش والاستخبارات

هاتف ذكي روسي لعناصر الجيش والاستخبارات

09 ديسمبر 2021
قيود عدة على استخدام العسكريين الروس للهواتف الذكية (ميخائيل ميتزل/تاسّ)
+ الخط -

في محاولة لتغطية احتياجات الجيش الروسي وأجهزة الاستخبارات من الهواتف الذكية الآمنة التي تستطيع مواجهة الهجمات السيبرانية، ومنع تسرب معلومات حساسة إلى القراصنة الإلكترونيين أو شبكات الإنترنت، طرحت شركتان روسيتان هاتفاً ذكياً أكدتا أنه أُنتج بجهود محلية من دون الاعتماد على أي برامج أجنبية.

وذكرت مجموعة "أكفاريوس"، التابعة لـ"المؤسسة الوطنية للكمبيوتر"، وشركة "كاسبرسكي لاب"، أنهما أنتجتا 200 جهاز كدفعة أولية تجريبية، على أن تطرحا ثلاثة آلاف جهاز جديد بحلول نهاية العام.

ونقلت صحيفة " كوميرسانت" الروسية، الأسبوع الماضي، عن مالك "المؤسسة الوطنية للكمبيوتر" والرئيس المشارك فيها، ألكسندر كالينين، قوله إن مجموعة "أكفاريوس" طورت هاتفاً ذكياً محلياً بالكامل. وكشف أن الشركة أطلقت على الهاتف الجديد اسم " كمبيوتر جيب شخصي"، مؤكداً أن الجهاز "محمي بشكل خاص"، ومخصص أساساً لاستخدام الجيش وأجهزة الاستخبارات.

وقال رئيس "أكفاريوس" فلاديمير استيبانوف: "نحن نقدم كمبيوتر الجيب الشخصي كجهاز للوصول إلى خدمات مزودي الإنترنت عبر التطبيقات بأمان، وأحد عناصره هو اتصالات IP المحمية ببرمجيات خاصة". ولم يكشف استيبانوف عن نوع المعالج المستخدم في الهاتف الجديد، لكنه أكد أنه "روسي بالكامل"، وأفاد بأن الكلفة الإجمالية لتطوير الجهاز بلغت نحو مليار روبل (نحو 13 مليون و600 ألف دولار أميركي). وأشار إلى أن شركته تراهن على أن أفراد الجيش والاستخبارات والشركات المملوكة للدولة سيكونون ضمن العملاء الأساسيين للمنتج الجديد.

من جانبها، أكدت شركة "كاسبرسكي لاب" أن بنية نظام التشغيل الذي ابتكرته "يؤمن حماية إلكترونية مدمجة ضد الغالبية العظمى من أنواع الهجمات الإلكترونية"، موضحة أنها "تركز على القطاعات ذات المتطلبات العالية للأمن السيبراني، مثل الصناعة والطاقة والهيئات الحكومية والنقل".

بدأت الشركة باختبار نظام تشغيل "كاسبرسكي أو أس" (KasperskyOS) نهاية عام 2019. ويشير خبراء إلى أن البرنامج لا يصلح أصلاً للاستخدامات العامة، لافتقاره للبرامج والملحقات. وأوضح المحلل في "موبايل ريسرتش غروب"، إلدار مورتازين، أن "برنامج كاسبرسكي أو إس" للتشغيل "أبسط بكثير "من برامج أخرى ابتكرتها شركات روسية عدة، لكنه "يتمتع بحماية أفضل، فكلما قلّ عدد الوظائف في النظام، قلت نقاط الضعف". وتوقع طلباً عليه من الجيش ومجمع الصناعات العسكرية وأجهزة الأمن.

معلوم أن قيوداً إضافية أدخلت على استخدام الهواتف الذكية للعسكريين الروس في 2019، بعدما أقر مجلس الدوما تعديلات على القانون الفيدرالي، "بشأن وضع الأفراد العسكريين". وبموجب التعديلات، لا يجوز لأفراد الجيش حمل الهواتف والأجهزة اللوحية وغيرها من الأجهزة التي تعمل على تخزين المعلومات والاتصال بالإنترنت، أو تحديد الموقع الجغرافي أثناء حالة التأهب في المعسكرات أو مواقع التدريبات والمناورات أو حتى في أماكان تجمع السوق للخدمة ومعسكرات إعدادهم.

وتراهن شركتا "أكفاريوس" و"كاسبرسكي لاب" على زيادة الطلب على مثل هذه الأنواع من الهواتف الذكية، على خلفية زيادة الرقابة على استخدام الأجهزة المحمولة الشخصية في الجيش وأجهزة الاستخبارات، بعد تناقل أنباء عن تسرب معلومات بسبب مراسلات رسمية من الهواتف الخاصة.

ولا يعد "كمبيوتر الجيب الشخصي" من "أكفاريوس" أول محاولة لانتاج هاتف ذكي روسي صمم خصيصاً للاستخدام في الجيش وأجهزة الاستخبارات، فقد أطلقت مجموعة " إنفو واتش"، التابعة لنتاليا كاسبرسكي، مشروع الهاتف الذكي الآمن للقطاع الحكومي تحت اسم "تايغافون"، ولكن توقف المشروع في ديسمبر/ كانون الأول عام 2019، بعد تكبد خسارة وصلت إلى 40 مليون روبل.

كما خططت شركة "أسترا لينكس" لإطلاق الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية التي تتضمن نظام تشغيل خاص بها، لكن لم تنفذ المشروع. وقدمت شركة "روستيخ" الحكومية القابضة التي تضم شركات الصناعات العسكرية والتقنيات هاتفاً ذكياً يعمل بنظام "أندرويد". وفي أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، طرحت الشركة هاتف AYYA T1 للبيع، مع إمكانية حجب الكاميرا والميكروفون، ولكن لم تُمنح الموافقة على استخدامه في الجيش، لأنه يعتمد على نظام تشغيل "أندرويد 11"، ما جعله يفتقد، حسب خبراء، إلى أدنى متطلبات الأمان.

وفي يونيو/ حزيران الماضي، كشفت وزارة الدفاع أنها تدرس إمكانية استخدام تطبيقات الهواتف الذكية لحل المهام اليومية للجيش. وقال نائب رئيس قسم نظم المعلومات في القسم العسكري اللواء ألكسندر أوسادشوك، في حوار مع وكالة "تاسّ"، إن "وزارة الدفاع الروسية ستطور هواتف ذكية وتطبيقات خاصة للعسكريين وعائلاتهم". وذكر الجنرال الروسي حينها أن مركز "تخنوبوليس" العلمي يعمل على تطوير نموذج هاتف ذكي للجيش، ويواصل العمل من أجل تصميم "نظام رقمي آمن للأنشطة اليومية للجيش"، وكشف أن المشروع يطلق عليه اسم "كوارتز"، و"يتضمن النظر في إمكانية استخدام تطبيقات الهاتف الذكي لحل مشاكل الأنشطة اليومية". أفاد أوسادشوك أيضاً بأن وزارة الدفاع تعمل على تطوير نظام "الجواز" الذي يتيح للعسكريين الوصول إلى البيانات التي يحتاجونها في المهام اليومية. 

رصدت روسيا عشرات مليارات الدولارات في السنوات الاخيرة لقضايا الأمن السيبراني. وعام 2019، أعلنت عن إنجاز المرحلة الأولى وبداية اختبار "شبكة التردد العالي الخاصة بنقل المعلومات السرية"، المعروفة بـ"الإنترنت العسكري"، والقادرة على تبادل المعلومات على مسافة تزيد عن ألفي كيلومتر، بسرعة 300 ميغابايت في الثانية.

وحسب المسؤوليين الروس، تعمل الشبكة العسكرية السرية باستقلالية تامة، فلا تتواصل في أي نقطة مع الإنترنت الخارجي. وتنقل المعلومات عبر الأجهزة التابعة لوزارة الدفاع فقط. وحينها أكد ناطق باسم وزارة الدفاع الروسية أن نتائج الاختبار تمكن الخبراء العسكريين من إنشاء شبكة عسكرية فائقة السرعة تنقل المعلومات السرية عبر الأراضي الروسية كلها وتربط بين كافة الوحدات ومراكز القيادة الروسية. ومن المقرر أن يكتمل مشروع "الإنترنت العسكري" ليشمل كامل الجيش الروسي وقواته البرية والجوية والبحرية نهاية العام الحالي، بعد الانتهاء من تجريبه والـتأكد من معايير الأمن.

المساهمون