نقولا دانيال: أعشقُ المسرح وتأخّرتُ في دخول الدراما التلفزيونية

نقولا دانيال: أعشقُ المسرح وتأخّرتُ في دخول الدراما التلفزيونية

11 أكتوبر 2020
في عام 1997 قرر دانيال أن يخطو خطوته الأولى في مجال الدراما التلفزيونية (العربي الجديد)
+ الخط -

أكثر من 57 عاماً أمضاها الممثل اللبناني، نقولا دانيال، باحثاً عن أفضل الأدوار بين خشبة المسرح وشاشتي السينما والتلفزيون، في مشوارٍ عنوانُه الشغف، ومجالات احترافِه متعدّدة ما بين التمثيل والإخراج والتأليف المسرحي والتعليم الجامعي. "شيخ الدراما اللبنانية"، كما يلقّبه محبّوه، يعترف في حوار خاص أجرته معه "العربي الجديد" بأن حبّه الأوّل هو للمسرح الذي أمضى فيه سنوات طويلة ممثلاً ومخرجاً قبل أن يقرّر عام 1997 أن يخطو خطوته الأولى في مجال الدراما التلفزيونية من خلال مسلسلين أوّلهما "الرغيف" عن رواية توفيق يوسف عوّاد الشهيرة، ومن إخراج إيلي أضباشي، والثاني "نساء في العاصفة" للكاتب شكري أنيس فاخوري، الذي يُعتبَر أحد أشهر الأعمال الدرامية اللبنانية في أواخر التسعينيات.

اليوم، يزخر رصيد الممثل المخضرم بعشرات المسلسلات اللبنانية والعربية التي كان أحدثها مسلسل "دانتيل" للمخرج المثنّى صبح، سيناريو وحوار أنجي القاسم وسماء عبد الخالق، وإنتاج "إيغل فيلمز".

وما بين المسلسل الأوّل والأخير (23 عاماً)، يرى دانيال أن الكثير تغيّر خلالها، ويؤكّد أنّ "الممثّل يخضع لشروط العرض والطلب، فهو يسعى لإبقاء اسمه موجوداً مع الحفاظ بالحد الأدنى على الخط العام الذي رسمه لنفسه". ويقول: "أحببت المشاركة في مسلسل (دانتيل)، ووافقت عليه لأنني كما دوماً أقوم بعملي بكلّ حبّ. أما بالنسبة إلى الدراما اللبنانية عموماً، فنحن نعتمد على الأرضية الأساسية للعمل، وهي النص الذي أعلّق عليه الأهمية الكبرى. فكلما تعمّقت الدراما اللبنانية في تقديم الموضوعات الوطنية والإنسانية والاجتماعية التي تشبه واقعنا وقصصنا، استطاعت أن تفرض حضورها أكثر على صعيد المشهد العام للدراما التلفزيونية".

ابن بلدة مغدوشة في الجنوب اللبناني المولود عام 1945 يعترف قائلاً: "أجد أنني تأخّرت كثيراً لدخول الدراما التلفزيونية في وقت كان فيه زملائي من الجيل نفسه يجدونها مغريةً لأنها تؤمّن انتشاراً أسرع للممثل، ولكنني شخصياً لم يكن لديّ هذا الطموح، وكانت لهفتي للمسرح وحبّي للتدريس أكبر بكثير".

ويضيف دانيال الذي درس التمثيل والإخراج فيما بين لبنان وإيطاليا، ومارس التعليم الجامعي لأكثر من أربعة عقود من الزمن: "لم أرغب في أن أطلّ على الشاشة بعمل لا يُرضي قناعاتي الشخصية، ولم يكن لدي حب الظهور والانتشار، لذلك مثّلت أوّل أدواري التلفزيونية في الثانية والخمسين من عمري، لأنني كنت راضياً جداً عمّا أقدّمه في المسرح. ففي عام 1983 مثلاً، وفي عزّ الحرب اللبنانية، شاركت في مسرحية (الطرطور) ليعقوب الشدراوي عن نص (الفرافير) ليوسف إدريس، وقد لاقت نجاحاً كبيراً، وعُرضت لثلاثة أشهر متلاحقة". 

الممثل الذي سجّل إطلالته الأولى على خشبة المسرح عام 1968 عبر "حلقة المسرح اللبناني" مع أنطوان ولطيفة ملتقى في اقتباسهما لنصّ ألبير كامو الشهير "كاليغولا"، وتولّى مراراً رئاسة قسم المسرح في "معهد الفنون الجميلة"، يؤكِّد: "اندفاعي نحو المسرح طوال هذه السنوات هو لأن لدي هدفاً منه، وأرى أنَّ المسرح يجب أن يكون هادفاً وله وزنٌ وطني"، ويعترف: "بالطبع، أحنّ إلى الخشبة. ولكن عودة المسرح صعبة حالياً بانتظار انحسار موجة كورونا وتحسّن الأمور في البلد وفتح أبواب الأمل ليعود لبنان العظيم الذي نعرفه وتعود أضواء الخشبة". الممثل الذي عاش ويلات الحرب اللبنانية عرف قبلها أيّام العزّ في بيروت الستينيات وما شهدته المدينة من نهضة فنية وثقافية واجتماعية.

وهو يعتبر أن شخصية "أسعد" التي أدّاها في مسلسل "إنتي مين" لكارين رزق الله، وجسّد فيها دور مقاتِلٍ مسحوق من جيل الحرب الأهلية، "تعكس حالة كل لبناني اليوم، وشعوري أننا كلنا أسعد. فبعد كل الأزمات المتلاحقة، وآخرها انفجار بيروت، أصبح الشعب اللبناني كلّه مسحوقاً وكلّه ضحيّة. كلّنا نشعر بالضياع وبأنَّ الأفق أسود، ولذلك أي رفض لهذا الوضع القائم هو مبارَك".
وعند سؤاله عمّا إذا كانت ثورة 17 تشرين بالتالي مباركة بالنسبة إليه، يقول: "بالطبع الثورة مباركة بغض النظر عن بعض تفاصيلها، ولكن هي بحدّ ذاتها ردّ فعل حقيقي ومُحِق من شعب متألِّم حزين وغاضب. والشعب الغاضب يحق له أن ينتفض على جلّاده وأن يمارس فعل الرفض".   

ويؤكّد دانيال الذي جمعته تعاونات مع عدد كبير من الكتّاب والمخرجين في لبنان والعالم العربي أنه يعتزّ بهذه التعاونات، لأنه لا يقدم على خطوة ليس مقتنعاً بها، وأن نشاطه في مجال التعليم الجامعي أمّن له مردوداً ثابتاً جعله غير مضطرّ إلى الاتكال على التمثيل من أجل أن يكسب رزقه، ويوضح: "بفضل التدريس بقي التمثيل بالنسبة إليّ شغف وهواية وأصبح لدي مروحة واسعة للاختيار، فلم أكن مضطراً إلى دخول التلفزيون لأعيش، بل كان لدي هدف من دخوله، وهو أن أشجّع طلابي المؤهلين للعمل فيه على خوض التجربة بتقديمي مثالاً ونموذجاً لأصحاب الطاقات الشابّة لكي يتشجعوا على خوض التجربة".

وعن عمله مع كاتبات من أمثال منى طايع وكلوديا مرشليان وكارين رزق الله في السنوات الأخيرة، يقول: "قدّمت أعمالاً رائعة مع هؤلاء الكاتبات الموهوبات، فمثلاً مع مرشليان شاركت في (ثورة الفلاحين) الذي نال أصداءً ممتازة، ومع كارين رزق الله قدّمت أكثر من عمل مميز، كان من بينها ملسلسل (وين كنتي) الذي شكّل لي نقلة نوعية، بالإضافة إلى (قلبي دق) و(إنتي مين)، ومع منى طايع شاركت في عمل مهمّ هو (وأشرقت الشمس) إلى جانب تعاونات ناجحة أخرى". 

المساهمون