نجوى كرم... هيدا (مش) حكي

نجوى كرم... هيدا (مش) حكي

06 ديسمبر 2020
أكّدت كرم أنّها "مع تعدد الزوجات في حال لم يكتف الرجل بامرأة واحدة" (Arabic Press)
+ الخط -

مرة أخرى تقع المغنية اللبنانية، نجوى كرم، في فخ التصريحات "الرجعية". تصريحات بعيدة كل البعد عن أحوال العالم الذي يعيش انقلابات ثوريّة وتحركات اجتماعية. إضافة إلى انتشار الأفكار التي تنتقدُ سلطة الرجل وفق المفهوم الشرقي الذكوري، وتعطي للمرأة حقها في تقرير مصيرها والدفاع عن نفسها.

أسئلة كثيرة تُطرَح بعد الحوار الذي أجرته قناة "دويتشه فيله" الألمانية ضمن برنامج "جعفر توك" مع كرم. إذْ أظهر التخبط الذي تعيشه صاحبة "هيدا حكي" وغيرها من زميلاتها الفنانات في العالم العربي. تخبط صادم يتعلق بقضايا المرأة والزواج. فتعطي الأحقية أو الأولوية لسيطرة الرجل بشكلٍ كامل في الشراكة أو الزواج. الشراكة التي من المفترض أنها علاقة قائمة على الحقوق والاحترام.

إجابات متناقضة رددتها نجوى كرم مع "جعفر توك"، فالحرية والحقوق بالنسبة لها تُفصَّل على ثوب نظرتها. تدافع مثلاً عن حقوق المثليين، لكنها تؤكد أنها مع تعدد الزوجات في حال لم يكتف الرجل بامرأة واحدة. هذه التصريحات أثارت جدلاً واسعًا بعد عرض الحلقة، خصوصاً بعد تأييدها لتعدد الزوجات في الإسلام، رغم أنها تفضّل اكتفاء الرجل بشريكة، لكنها لا تعارض زواجه مرة ثانية إذا لم يشعر بالاكتفاء. وردّت على الجدل الذي أثير سابقاً حول تصريحها عن دور المرأة الاجتماعي، وأنها ليست ضد منح الرجل أو المرأة حقوقهما، ولكن تميل لأن تكون الأنثى مصدراً للفرح والجمال في العائلة وأمام الأبناء. وتحدّثت نجوى كرم عن تعدد الزوجات كتجربة شخصية عاشتها في التسعينيات، عندما تزوجت بالمنتج يوسف حرب، وقالت إنها لم تطلب منه تطليق زوجته الأولى، لأنها رفضت أن يُقال إنَّها وراء "خربان عائلة".

ثمة تناقضات لا تقتصر على مسيرة نجوى كرم الشخصية بقدر ما انعكست على فنّها في السنوات الأخيرة. بدأت كرم حياتها معلمةً للغة العربيّة في إحدى مدارس مدينة زحلة (شرق لبنان)، مسقط رأسها. ونظراً لموهبتها الغنائية تقدمت إلى برنامج "ليالي لبنان" رغم معارضة والدها لدخول ابنته العمل الفنّي. لكنها كسبت في البرنامج، وانتفضت هاربة إلى بيروت بعد أن لجأت لشقيقتها سلوى، واستطاعت التغلب على ممانعة الأب وحققت طموحها. لكنَّ الواضح أن كرم نفسها لم تضمن ثورة بداياتها الخاصة للمستقبل، بل رغم نجاحها المدوي في التسعينيات، تعود في كل تصريح حول القضايا الاجتماعية إلى مفهوم الأهل والقرية متخذة من العادات والتقاليد الرثة عناوين عريضة لتصريحاتٍ أكل عليها الزمن. وغابت عن كلامها القيم التي يناضل من أجلها الشابات والشباب العرب، من أجل التحرّر من قبضة الرجعية.

 

أظهر اللقاء أنّ كرم تعيش تناقضات عدة، فهي تدّعي بشكل ظاهر التحرر وأنها تقاوم تسلط العائلة. لكن في المقابلات وأمام عدسات الكاميرات، تدافع عن العادات والتقاليد وتدافع عن الرجل كحاكم مطلق، وتطالب المرأة بالاهتمام بالعائلة والمنزل فقط. لماذا يضع بعض الفنانين أنفسهم في هذا المكان الضيق، ويتلقّون عشرات الردود في عالمٍ أصبح مفتوحًا وأكثر شفافية؟ عالم يسعى لتغليب مفاهيم الحرية والانفتاح أكثر. ولماذا لا يحاول هؤلاء الفنانون الاستفادة من الثقافة الحديثة التي تجتاح العالم؟ وهل تهدم هذه الثقافة الرجعية من نجومية هؤلاء؟ المرجّح نعم. 

المساهمون