ميناء الحديدة: كابوس يهدد آخر النظم البيئية للشعاب المرجانية

ميناء الحديدة: كابوس يهدد آخر النظم البيئية للشعاب المرجانية

30 ديسمبر 2020
سيؤدي التسرب المحتمل إلى تدمير سبل عيش الصيادين وإفساد الشواطئ لأميال عديدة (Getty)
+ الخط -

حذر فريق من العلماء من كارثة بيئية محتملة بسبب التسريب النفطي من ناقلة النفط "صافر" قبالة ميناء الحديدة في اليمن الذي يسيطر عليه الحوثيون. وفي الدراسة التي نشرت يوم الثلاثاء 15 ديسمبر/ كانون الأوّل في مجلة Frontiers in Marine Science، دعا الباحثون إلى اتخاذ إجراء عاجل لإزالة النفط من الناقلة غير النشطة في البحر الأحمر، والتي تحتوي على ما يقارب مليون برميل من النفط. تقول الدراسة إن الوقت قد حان لمنع حدوث "دمار هائل" مُحتمَل لمياه المنطقة وسبل عيش وصحة ملايين الأشخاص الذين يعيشون في ستة بلدان على طول ساحلي البحر الأحمر

وطبقاً للنتائج، إذا حدث تسرب نفطي من الناقلة، سينتشر النفط عبر التيارات البحرية لتدمير الشعاب المرجانية، أحد أهم موارد المحيطات العالمية. ومن المتوقع أن تكون الشعاب المرجانية في شمال البحر الأحمر وخليج العقبة من بين آخر النظم البيئية للشعاب المرجانية في العالم للبقاء في العقود القادمة في مواجهة تأثيرات تغير المناخ. وفي 24 نوفمبر/ تشرين الثاني، أعلنت الأمم المتحدة أن الحوثيين سيسمحون لفريق من الخبراء التابعين للمنظمة الدولية للتفتيش وإصلاح السفينة المهجورة منذ سنوات، والتي تستخدم كمنصة تخزين نفطي عائمة. 

لم تخضع السفينة لأي صيانة منذ 2015، أي منذ تدخل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن
 

لم تخضع السفينة لأي صيانة منذ 2015، أي منذ تدخل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، ما أدى إلى تآكل أجزاء من هيكل السفينة. كما تعرضت السفينة في مايو/ أيار الماضي لحدوث تسريب للمياه في غرفة المحرك، ولوحظ وجود بقع نفطية في محيط السفينة، وهو ما يعتبره المؤلفون مؤشّراً على مدى خطورة الموقف وحتمية التدخل لتلافي حدوث كارثة بيئية.

وأوضح الباحثون أن الشعاب المرجانية في شمال البحر الأحمر فريدة من نوعها، كونها تعيش في مياه أكثر دفئاً من درجات حرارة المحيطات الحالية، والتي أصبحت درجات الحرارة فيها مرتفعة للغاية بحيث يتعذر على معظم الشعاب المرجانية تحملها، كما هو الحال في الحاجز المرجاني الكبير قبالة السواحل الأسترالية، حيث تعرض أكثر من نصف الحاجز للتدهور بسبب موجات الحرارة البحرية الناجمة عن تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، تُعدُّ الأسماك التي تعيش على الشعاب المرجانية قبالة اليمن في جنوب البحر الأحمر مصدراً رئيسياً للغذاء لسكان المنطقة.

إذا حدث تسرب نفطي من الناقلة، سينتشر النفط عبر التيارات البحرية لتدمير الشعاب المرجانية، أحد أهم موارد المحيطات العالمية 
 

تقول كارين كلاينهاوس الأستاذة المشاركة في كلية علوم البحار والغلاف الجوي بجامعة ستوني بروك الأميركية، والباحثة المشاركة في الدراسة، إن الدراسة ركزت بشكل أساسي على الحث على اتباع سياسة موحدة لمنع التسرب النفطي الهائل. تقدّم الدراسة نموذجاً حاسوبيّاً يمكنه التنبؤ بكيفية تشتت النفط إذا تسرب بالفعل. ويظهر النموذج أن العواقب ستكون أكثر خطورة إذا حدث هذا في فصل الشتاء، بسبب حركة التيارات البحرية التي ستسهل انتشار النفط في غضون 30 يوماً بطول سواحل البحر الأحمر، خاصة في الشمال الغني بالحياة البحرية الفريدة.

توضح كلاينهاويس في تصريح لـ"العربي الجديد" أنَّه من المرجح أن تتغلغل مكونات مزيج النفط إلى عمود الماء وتصل إلى الشعاب المرجانية وتقضي عليها. كما ستتسبب الكميات المتبقية من النفط على الشواطئ المجاورة بعد إنهاء جهود التنظيف، في تأثر الشعاب المرجانية المتبقية، بالتعرض المزمن للنفط في موائلها الطبيعية. ليست الشعاب المرجانية وحدها المهددة، لكن الأسماك والمحار والدلافين والطيور والعديد من الحيوانات الأخرى ستتعرَّض للمرض والموت بعد تعرُّضها للتلوث النفطي. أما الأسماك التي ستنجو، فإنها لن تصبح صالحة للاستهلاك. كما سيؤدي التسرب المحتمل إلى تدمير سبل عيش الصيادين وإفساد الشواطئ لأميال عديدة من خط الساحل، ومن ثم تهديد السياحة وتلف محطات التحلية العاملة في المنطقة.

الشعاب المرجانية في شمال البحر الأحمر فريدة من نوعها، كونها تعيش في مياه أكثر دفئاً من درجات حرارة المحيطات الحالية

تشدد الباحثة على أنه في الظروف الحالية، فإنه ليس بإمكان اليمنيين المساهمة في حل الأزمة مع استمرار الصراع في بلدهم. لذلك "يجب على الدول الأخرى المجاورة للبحر الأحمر التعاون للمساعدة في حماية الشعاب المرجانية التي تمثل مورداً ثميناً مشتركاً" بحسب الدراسة نفسها. يشدد الباحثون على أنه يجب على الدول المحيطة بالبحر الأحمر أن تساعد في الضغط من أجل اتخاذ إجراءات عاجلة من قبل الأمم المتحدة والمنظمة البحرية الدولية (IMO) لإزالة النفط. ومع مرور الملايين من براميل النفط يومياً عبر البحر الأحمر، فيجب صياغة استراتيجية إقليمية لمنع التسرب النفطي واحتوائه للحفاظ على النظم البيئية الفريدة في المنطقة.

المساهمون