"ميتا" تتوّج عقداً من حربها على الصحافة

15 يناير 2025
استغنت الشركة عن مدققي الحقائق في الولايات المتحدة (جوناثان را/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أثار توقف برنامج تقصي صحة الأخبار في الولايات المتحدة قلقًا من زيادة التضليل، حيث اتهم زوكربيرغ مدققي الحقائق بالتحيز السياسي، مما دفع منظمة مراسلون بلا حدود لاعتبار ذلك جزءًا من حرب ضد الصحافة.
- عدلت ميتا خوارزمياتها منذ 2015 لتقليل ظهور المحتوى الإعلامي، مما زاد من انتشار الأخبار الكاذبة، خاصة خلال انتخابات 2016، واستمرت في تقليل ظهور المحتوى السياسي والإعلامي.
- اتخذت ميتا إجراءات ضد وسائل الإعلام، مثل حظرها في أستراليا وكندا، وإلغاء "فيسبوك نيوز"، ووقف أداة "كراود تانغل"، مما يعكس تجاهلًا للصحافة الموثوقة.

منذ إعلان مؤسس شركة ميتا ورئيسها التنفيذي مارك زوكربيرغ عن توقف برنامجها لتقصّي صحة الأخبار في الولايات المتحدة، لم تتوقف ردود الفعل التي غلب عليها القلق من انعكاس هذا القرار ارتفاعاً في التضليل والأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية يمكن أن يتجاوز شبكات التواصل الاجتماعي إلى أرض الواقع. المخاوف الأشد عبّر عنها صحافيون ومؤسسات تعنى بالحريات، وركزت على اتهام زوكربيرغ لمدققي الحقائق بأنهم "متحيزون سياسياً". وآخر الردود صدرت عن منظمة مراسلون بلا حدود، التي وصفت تصريحات قطب التكنولوجيا الأخيرة بأنها "ليست إلا تتويجاً لحرب استنزاف طويلة ضد الصحافة على فيسبوك".

وفندت المنظمة، في ثماني نقاط رئيسية، الإجراءات التي اتخذتها "ميتا" تدريجياً لتحقيق بنية تقنية واقتصادية وسياسية معادية للصحافة المهنية.

1- صفحات أقل، وإعلام أقل

عام 2015، عدلت "فيسبوك" (تغير اسمها إلى ميتا في أكتوبر/ تشرين الأول 2021)، خوارزميتها للمرة الأولى، بهدف الترويج للمحتوى الذي ينتجه "أصدقاء" مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي على حساباتهم الشخصية، بدلاً من المحتوى المنشور على الصفحات، والذي يستهدف بشكل أساسي المنظمات والشركات، وبينها وسائل الإعلام.

2- التضليل في الانتخابات الأميركية 2016

واصلت الشركة التحرك في الاتجاه نفسه في يونيو/ حزيران 2016 وذلك قبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية الأميركية، عندما عززت سياستها المتمثلة في الترويج للمحتوى الذي ينشره "أصدقاء وعائلة" المستخدمين، عبر إعطاء الأولوية للتعليقات على حساب المحتوى الذي تنتجه المؤسسات الإعلامية وتنشره على "فيسبوك". بعد هذه التغييرات، انفجر التضليل على "فيسبوك". وفقاً لمسح أجراه موقع بازفيد الإخباري في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، فإن المعلومات الكاذبة المتعلقة بالانتخابات الأميركية تفوقت في انتشارها على المعلومات التي تنتجها وسائل الإعلام. بعد تعرضها لانتقادات كثيرة، أطلقت "فيسبوك" برنامجها للتحقق من الحقائق في ديسمبر/ كانون الأول 2016، وكررت أكثر من مرة تصريحات تشدد على فوائد هذا النهج.

3- تسلسل هرمي للمحتوى

عام 2018، أعلن مارك زوكربيرغ عن تغيير كبير على "فيسبوك": تقليص ظهور المحتوى الذي تنتجه الشركات والعلامات التجارية ووسائل الإعلام بحجة أن مستخدمي المنصة يشكون من أنها تزاحم المحتوى الذي ينتجه الأصدقاء والعائلة.

4- حظر وسائل الإعلام في أستراليا

عام 2021، ابتزت "فيسبوك" الحكومة الأسترالية التي كانت على وشك تمرير قانون بشأن إعادة توزيع عائدات الإعلانات من المنصات إلى المنافذ الإعلامية. هددت "فيسبوك" بأنها، في حال تمرير القانون، ستحظر وسائل الإعلام في منصتها وتمنع مشاركة روابط الوسائط. في 17 فبراير/ شباط من ذلك العام، نفذت الشركة تهديدها. بعد أقل من أسبوع، استسلمت الحكومة الأسترالية، ورفعت "فيسبوك" قيودها. هكذا، أعفيت "فيسبوك" من أي إعادة توزيع للمنافذ الإعلامية إذا قدمت دليلاً على أنها تفاوضت على عدد كافٍ من الاتفاقيات المباشرة مع ناشري الوسائط.

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

5- نفور من المحتوى السياسي

في فبراير 2021، بدأت الشركة بتخفيض ظهور المحتوى السياسي والمجتمعي والمتعلق بالانتخابات، كما أُعلن عام 2018. وهنا بدأت سلسلة طويلة من التحديثات التي عززت هذه الخطوة، وساهمت في انخفاض الاطلاع على المحتوى الإعلامي ذي الاهتمام العام. ووفقاً لدراسة أجرتها شركتا شارتبيت وسيميلاروب ونشرت عام 2024، أدى انخفاض رؤية منشورات المؤسسات الإعلامية على "فيسبوك" إلى انخفاض في حركة المرور إلى مواقع هذه المؤسسات الإلكترونية بنسبة تزيد عن 50% منذ عام 2018.

6- إجراءات تصعيدية

عام 2023 بينما تستعد الحكومة الكندية لتمرير مشروع القانون C-18، والذي من شأنه إجبار شركات وسائل التواصل الاجتماعي على تعويض وسائل الإعلام عن القيمة التي تجلبها إلى منصاتها، هددت "ميتا" (كان قد تغير اسمها من فيسبوك) بحظر وسائل الإعلام من منصتي فيسبوك وإنستغرام إذا سن القانون. نفذت تهديدها على الرغم من الانتقادات الواسعة النطاق لعدم القدرة على العثور على معلومات إعلامية على المنصة حول حرائق الغابات المدمرة للبلاد في صيف عام 2023. لم يرفع هذا الحظر بعد.

خلال العام نفسه، هددت "ميتا" مجدداً وسائل الإعلام بالحظر. هذه المرة، استهدفت مباشرة ولاية كاليفورنيا، حيث يقع مقرها الرئيسي، وعارضت مجدداً توزيع الإيرادات على وسائل الإعلام.

وفي أوائل ديسمبر 2023، أعلنت "ميتا" أنها ستلغي "فيسبوك نيوز"، علامة التبويب المخصصة للأخبار على تطبيقها المحمول، وذلك في المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا. تمثل هذه المساحة، التي تقدم محتوى مختاراً من نحو مائة وسيلة إعلام شريكة، فرصة للترويج للأخبار والمعلومات ذات الاهتمام العام على المنصة. أعلنت "ميتا" أنها ستلغيها أيضاً في الولايات المتحدة وأستراليا في إبريل/ نيسان 2024. من خلال إنهاء هذا البرنامج، الذي وعد بتعزيز المحتوى الصحافي من خلال علامة تبويب مخصصة، تُظهر الشركة تجاهلاً واضحاً للصحافة الموثوقة.

7- وقف العمل بـ"كراود تانغل"

شكلت أداة المراقبة العامة لـ"فيسبوك" المسماة "كراود تانغل" واحدة من الطرق القليلة للوصول إلى المعلومات حول مدى ظهور المحتوى الإعلامي والتضليل على المنصة. عام 2024، أوقفت "ميتا" الوصول إلى هذه الأداة، وحرمت الباحثين والصحافيين من وسيلة حاسمة لتقييم التضليل على المنصة والتحقيق في استخدامات "فيسبوك". استبدلت الأداة بمكتبة المحتوى التي صورتها الشركة كأداة مماثلة. لكن باحثي وسائل التواصل الاجتماعي يشككون في ذلك.

8- "ميتا" على خطى "إكس"

في يناير/ كانون الثاني الحالي، وفي مقطع فيديو مدته خمس دقائق نُشر على "فيسبوك"، أعلن مارك زوكربيرغ أنه تحت ستار الدفاع عن "حرية التعبير" أنهى شراكته مع مدققي الحقائق في الولايات المتحدة، واتهم وسائل الإعلام بالضغط من أجل فرض المزيد من الرقابة. ومن المقرر استبدال مدققي الحقائق بنظام قائم على "ملاحظات المجتمع" كتلك الموجودة على منصة إكس المملوكة لإيلون ماسك، والتي تترك للمستخدمين مهمة التحقق من موثوقية المعلومات. كما أعلن زوكربيرغ أنه سيعيد النظر في استراتيجية تعديل المحتوى السياسي مع تخفيف شروط الاستخدام المتعلقة بالموضوعات الحساسة مثل الهجرة والجنس.

المساهمون