موسم الصيد الليبي... هواية قد تدرّ ذهباً

موسم الصيد الليبي... هواية قد تدرّ ذهباً

10 نوفمبر 2021
تتفاوت أسعار الصقور بحسب ندرتها وهيئتها (جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -

تداولت وسائل إعلام ليبية وعربية أخيراً فيديوهات وأخباراً تتعلق ببيع صقر في ليبيا بمبلغ كبير، يعتبر الأغلى في مزادات بيع الطيور الجارحة. لفت الأمر الانتباه إلى مواسم الصيد في ليبيا، خصوصاً موسم صيد الصقور، المعروف محلياً بـ"الرماكة".

خلال الشهر الحالي، أُقيم مزاد في مدينة طبرق، وسط ليبيا، لبيع صقر، اشتراه أحد التجار بمبلغ مليوني دينار ليبي (450 ألف دولار أميركي). في هذا السياق، التقت "العربي الجديد" بالأمين القناشي، وهو صائد صقور من منطقة التميمي شرقي ليبيا، أوضح أن "الرماكة" اسم محلي يطلق على الموسم الخاص بصيد الطيور الجارحة عموماً، وليس الصقور فقط، ويطلق على الصياد المشارك في هذا الموسم اسم "رماك".

وأشار الأمين القناشي إلى أن هذا الموسم يبدأ من أغسطس/آب ويستمر حتى ديسمبر/كانون الأول، حين تمر على البلاد أصناف من الطيور المهاجرة، لكن الإقبال يكون على صيد الصقور، لغلاء أسعارها.

يقول القناشي إن هذا الصقر يُمكن أن يُباع بأكثر من المبلغ المذكور أعلاه، كونه من فصيلة نادرة: "إنه صقر بحري، ومن الصعب جداً العثور عليه. والأصعب من ذلك هو الإمساك به في حال عُثر عليه، بسبب حذره الشديد وقدرته العالية على المراوغة"، موضحاً أن الموسم لم ينتهِ بعد، وقد نشهد بيع صقور بأسعار مرتفعة. حصل بالفعل أن صقوراً بيعت بمبالغ باهظة، لكن لم يبلغ أي منها حتى الآن هذا الرقم.

وفي ما يتعلّق برحلة الصيد هذه، يشير القناشي إلى أنها تبدأ قبل أغسطس/آب بشهرين على الأقل، إذ يتفق خلالها عدد من الصيادين، أو "الرماكين"، على تعيين معسكر خاص بهم في قلب الصحراء، وتُنقل إليه كميات كافية من براميل المياه والوقود لكامل مدة الموسم. ويضيف: "عادة ما تقسم المهام بين الرماكين؛ فمنهم من يؤمن صيانة السيارات الصحراوية اللازمة للتنقل، ومنهم من يؤمن أدوات الصيد، وآخرون ينقلون التموين اللازم من مياه ووقود إلى موقع المعسكر".

قضايا وناس
التحديثات الحية

يوضح القناشي أن "الرماكة" لم تعد هواية للمتعة والتسلية وحسب، وإنما هي مهنة انخرط فيها كثير من الناس، بسبب كثرة الطلب من تجار الصقور والجوارح الليبية، خصوصاً أن كثيراً من هؤلاء التجار يعملون خارج البلاد. لكن، لا يخفي الرجل استياءه: "الكثير من الصيادين يسيئون إلى هذه الهواية؛ إذ تتحول في كثير من الأحيان إلى استعراض للأسلحة؛ فحين يمرّ سرب من الطيور المهاجرة، يبدؤون بصيدها بهدف التسلية واللهو، ويجعلون منها طعماً لصيد الصقور والطيور الجارحة الأخرى".

كثير من هؤلاء الذين استمالهم الأمر يحتاجون إلى أن يتعلّموا الصيد، وهذا يشكّل مصدر دخل بالنسبة للصيادين. يوضح القناشي: "هناك مهارات نتعلمها مع الوقت، مثل قدرة الرماك على التخفي من أجل مراقبة الصيد. كما أن على الصياد أن يتمتّع بحدس جيد يساعده على تحديد اتجاهاته في قلب الصحراء، كي يستطيع الوصول إلى الواحات التي يمكن أن تحطّ الصقور عندها للتزوّد بالماء".

هناك عدة أدوات تلزم الصياد، أو الرماك، عليه أن يقتنيها عند رحلته هذه. في هذا السياق، يوضح القناشي أن أهم هذه الأدوات هي "طيور الحمام، أو السمان، التي تُستخدم طعماً للطيور الجارحة". يقول: "يجرى تثبيت أسلاك بطريقة معينة على الفرائس، من شأنها أن تعيق حركة الصقر إذا ما أمسك بالطعم"، مشدّداً على أهمية تخليص الصيد من الأسلاك، وإلباسه قناعاً يمنع عنه الرؤيا. وكل هذه مهارات يكتسبها الرماك مع مرور الوقت.

يشير القناشي إلى أن للصحراء والصيادين قوانين وأعرافاً سائدة منذ زمن طويل، عليهم الالتزام بها؛ فالإعداد للموسم عمل جماعي يتشاركون به، لكن عملية الصيد تجرى بشكل منفرد، إذ يرجع كل رماك بغنيمته من دون أن يشاركه فيها أحد من زملائه.

في ما يتعلّق باختلاف أسعار الصقور وتفاوتها، يوضح القناشي أن ذلك يعود إلى نوعها؛ فهناك الوكري والحصاوي والنداوي والبحاري والطرشون والبجة والكوهية والقرناص والسقاوة والعراقي. ويشير إلى أنها تُميز باللون؛ فمنها الأبيض والأحمر والأسود والأشهب، والأخير منها هو البحاري، وهو أغلاها.

المساهمون